أمن دول الخليج والخطر الداهم
خالد المطلق
تناقلت وسائل الإعلام اخيراً، وعلى مختلف مشاربها، مؤشرات وقرائن دالة على التقارب بين الشقيقتين المملكة العربية السعودية ودولة قطر، وقد سُرب الكثير من التحضيرات الجارية على أعلى المستويات لاحتواء هذه الأزمة التي مرت بها هذه العلاقات التي أثرت، وبشكل واضح وملموس، على دول “مجلس التعاون” الخليجي مجتمعة، وعلى الدولتين المتخاصمتين بخاصة، وعلى الأصعدة كافة.
ولعل أهم تداعيات هذه الأزمة برز على الصعيد الأمني الذي كان تمثل في عدد من الاختراقات الأمنية لبعض دول المجلس، حيث تم كما هو معروف الاعتداء على الموانئ الإماراتية، والمنشآت النفطية السعودية، بشكل متلاحق وملفت.
ويمكن أن القول ان أهم ما أفرزته هذه الأزمة التقارب القطري- الإيراني والتعاون غير المسبوق على الأقل من الناحية العسكرية والأمنية بين قطر وتركيا، الذي توج في إنشاء قاعدة عسكرية تركية في قطر، وهذا يمكن أن نعتبره، وعلى المدى الطويل خطرا يجب التنبه له لسببين أساسيين.
الأول: العلاقات المتينة بين تركيا وإيران العدو الرئيس للعرب ودول الخليج.
الثاني: يتعلق في الدعم الكامل الذي تقدمه تركيا لتنظيم الإخوان المسلمين، ومفرزاته من تنظيم القاعدة كهيئة تحرير الشام (النصرة)، والتحالف الوثيق بين هذه التنظيمات وايران وقطر، والذي نفته قطر مراراً وتكراراً رغم وجود قادة تنظيم الإخوان المسلمين في الدوحة.
يمكن القول ان هاجس التنظيمات الإرهابية وتحركاتها ودعمها هو الشغل الشاغل للعالم، فكيف لا يكون محط اهتمام قيادات دول المنطقة وأجهزتها الأمنية، لاسيما إذا كانت هذه التنظيمات في عقر دار الدول العربية، وتؤدي دوراً هداماً على كل الأصعدة، الاجتماعية والاقتصادية والأمنية والعقدية، ويدعمها ويحتويها أخطر أعداء الأمة العربية والإسلامية كنظام الملالي في طهران الذي تمكن حتى اليوم من التغلغل، وبشكل واضح في أربع دول عربية كما هو معروف( العراق وسورية ولبنان واليمن)، بل أصبحت له اليد الطولى في هذه البلدان، وهذا ينذر بخطر كبير ليس على هذه الدول الأربع فقط، إنما على كل دول المنطقة، وبخاصة الخليجية منها التي لا تخفي إيران أطماعها في السيطرة عليها، وإخضاعها لتحقيق حلمها في إعادة الإمبراطورية الفارسية إلى المنطقة.
في هذا الإطار يمكن أن يتفهم البعض محاولات بعض دول الخليج كسب ود إيران، والتماهي معها في مرحلة ما، خصوصا هذه المرحلة الحساسة التي تظهر من خلالها إيران بأقصى قوتها العسكرية، وقدرتها على تهديد دول الخليج بشكل فعال، وهذا ما حاول نظام الملالي إثباته والتلويح به من خلال بعض العمليات التي طالت بعض سفن الشحن الإماراتية، وقصفه بعض المواقع على أراضي المملكة العربية السعودية.
أعتقد أن هذه الدول وقياداتها تعلم وبشكل دقيق المخططات الإيرانية وأطماعها في المنطقة، ولهذا من البدهي أن تتحرك تلك الدول، وعلى رأسها دول الخليج العربي لإعادة ترتيب صفوفها، والعمل على إعادة ترتيب أولوياتها المتمثلة في توحيد الصفوف أولاً، والتسامي على الخلافات الضيقة، وذلك من خلال تحصين هذه الدول عسكرياً وأمنياً، وهذا يتطلب الاستماع للخبراء العسكريين والأمنيين، والاعتماد عليهم في طرح حلول مبتكرة يتم من خلالها حماية المنطقة وشعوبها من هذا الخطر الداهم.
يمكن أن يكون أول هذه الحلول إيجاد قوة ردع عسكرية وفق نظريات علمية جديدة، وتطوير بعض المنظومات القديمة لمنع إيران، وكل من تسول له نفسه وأطماعه من النيل من أبناء هذه المنطقة وزعزعة استقرارهم.
أعتقد ان هناك الكثير ممن يسعون لتقديم خدماتهم، لكن الأمر يحتاج إلى إرادة وعزيمة قوية من قادة هذه الدول ومسؤوليها من خلال الاستماع للاختصاصيين والخبراء، وبهذا يمكن أن نطوي صفحة التهديدات المستمرة لهذه الدول ليكون الخليج العربي نموذجا فريداً يتحقق من خلال تعميمه الأمن القومي العربي وبأيدٍ عربية وإمكانيات بسيطة.
كاتب سوري