أهلاً رمضان

0 466

منى العازمي

في كل عام يأتي رمضان بمثابة إعادة ترميم للذات وتجديد لبعض المفاهيم ومن ذلك مفهوم الإيمان الذي قال عنه الرسول صلى الله عليه وسلم بأنه يخلق كما يخلق الثوب، فكل مفهوم بداخلنا يحتاج إلى تجديد ما دام الإيمان الذي هو مرتكز حياتنا يحتاج إلى تجديد.
ولكن قبل أن نجدد أي مفهوم علينا أن نجدد مفهوم الصوم بداخلنا، فكثيرا من الناس لا يكون لهم من صومهم إلا الجوع والعطش ذلك لأنهم صاموا عن الأكل والشرب ولم يصوموا عن بعض السلوكيات التي جاء الصوم ليهذبها.
فهذا يتشاجر مع ذاك في سوق تجاري، يختلفان ويرتفع الصوت وقد يصل إلى الاشتباك فقط من أجل دور على دفع الفاتورة أو عدم إفساحه الطريق له، ويعزون تفاقم المشكلة إلى الصيام وكأن العلاقة بين الصيام وسعة الصدر علاقة عكسية، فإذا حل الصيام غابت سعة الصدر، ونرى آخرين يتهاونون، وأحيانا يمتنعون عن العمل في شهر رمضان بحجة أنهم صائمون، وكأن العمل من مسببات الإفطار في رمضان، بينما نرى أحدهم ينام بعد صلاة الفجر ولا يصحو إلا قبل موعد الإفطار بثلث ساعة متعكر المزاج بحجة جوعه نتيجة الصيام رغم أنه في أي يوم خارج رمضان قد يتناول إفطاره بعد استيقاظه بساعة أو ساعتين.
هنا يجب أن نتوقف عند مفهوم الصوم قليلا، فهو تدريب للنفس على الصبر، الصبرعلى جوع المعدة، والقدرة على كظم الغيظ، وتعلم مهارة العفو عن الآخرين، الصوم تدريب للنفس على الاحتمال الذي لن يتم إلا إذا تعايش الإنسان مع فريضة الصوم بشكل مباشر، فأحيا نهاره بالعمل والعبادة وقضاء الحوائج التي يتعامل فيها مع الناس فلا يعظم صغائر أمورتلك التفاصيل التي قد تبطل صيامه، الصوم حياة لا موت، الصوم تدريب على العمل لا استسلام للكسل، الصوم مجاهدة للنفس وكبح شيء من عنجهيتها وليس انقيادا لها واستسلاما لرغباتها.
رمضان ضيف جاء ليشرح لنا دروسا مجانية في تهذيب النفس والارتقاء بها فيجب علينا أن نحسن ضيافة هذا الشهر بتطبيق سلوكياته بنفس راضية مؤمنة بأن ما كُتب لها خير من الله.

كاتبة كويتية

Mona.alazmii@hotmail.com

You might also like