أين القضية الفلسطينية؟

0 433

د. عبدالله راشد السنيدي

ssnady592@gmail.com

لم نعد نسمع شيئاً عن جهود حل الصراع العربي-الإسرائيلي وإنشاء الدولة الفلسطينية، حتى صفقة القرن تلاشى الحديث عنها.
أتذكر قبل حرب 1967 التي انتصرت فيها إسرائيل، واحتلت سيناء، والضفة الغربية، وهضبة الجولان، كانت تتمنى السلام مع العرب وفق الوضع القائم، آنذاك، عندما كانت تلك الاراضي المحتلة في عهدة العرب، ولم تكن إسرائيل وقتها تطالب بهذه المناطق على أساس أنها جزء منها، الا أن العرب لم يلقوا بالاً لهذا العرض من إسرائيل لكون الموقف العربي في ذلك الوقت يتسم بالشدة ويتمثل في أن لا مفاوضات مع إسرائيل، ولا اعترافا بها، بل إن بعض الأطراف العربية يطالبها بالرحيل من أرض فلسطين كلها، ولو أن العرب، قبلوا بذلك أو مشروع التقسيم لأصبحت الدولة الفلسطينية قائمة منذ عقود.
وبعد أن انتصرت إسرائيل في حرب الخامس من يونيو سنة 1967، أو ما تعرف بـ”حرب الأيام الستة” واستولت على مناطق عربية مهمة، تغير موقف إسرائيل 180 درجة فلم تعد تطالب العرب بالاعتراف بها وإقامة سلام وتعايش معها.
ولما صدر قرار مجلس الأمن الدولي 242 سنة 1967، أي بعد الحرب بمدة قصيرة، والذي طلب من إسرائيل الانسحاب من الأراضي العربية المحتلة لم تنفذ القرار، بل ماطلت لسنين طويلة حتى حصل انفراج حول ذلك بعد انتصار العرب، ومصر بالذات، في حرب أكتوبر سنة 1973، ثم بعد زيارة الرئيس أنور السادات، رحمه الله، لإسرائيل حيث انسحبت من سيناء بعد مفاوضات طويلة، كما انسحبت من أراض أردنية، وذلك بعد الاعتراف بها، وإقامة علاقات ديبلوماسية معها.
كما تم في سنة 1993 مفاوضات بين إسرائيل ومنظمة التحرير الفلسطينية بقيادة ياسر عرفات، رحمه الله، انتهت بإبرام اتفاق “أوسلو” الذي تم بموجبه عودة المنظمة وقيادتها الى ارض فلسطين في الضفة الغربية وقطاع غزة، وذلك على أساس أن يتم إقامة الدولة الفلسطينية على الضفة والقطاع وفقاً لحدود ما قبل الخامس من يونيو سنة 1967، إلا أن إسرائيل عادت للتصلب والتعنت فأقامت المستوطنات في الأراضي الفلسطينية، وكذلك الجدار العازل، وخلال مفاوضاتها مع السلطة الفلسطينية، طرحت مشروع دولة منزوعة السيادة والسلاح محاطة من جميع جوانبها بإسرائيل، مع بقاء المستوطنات والجدار، وهو الأمر الذى لم يقبل به الفلسطينيون وبالتالي أدى الى التوتر والتراشق المستمرين بينهم وإسرائيل.
لذا ينبغي الا تعتقد إسرائيل أن الفلسطينيين سوف يتنازلون عن حقهم في إقامة دولتهم، يعيشون فيها وينتمون لها كبقية شعوب العالم، ولن تثنيهم عن ذلك الإجراءات التعسفية التي تتخذها إسرائيل من حين لآخر، فالأمر عندهم مبدأ وليس أمراً عارضاً.
لذا فإن من مصلحة إسرائيل التسليم بإقامة دولة متكاملة للفلسطينيين على جميع أراضي الضفة والقطاع، وأن تتم إزالة الجدار العازل، وتفكيك المستوطنات، وأن تكون القدس الشرقية عاصمة للدولة، وعلى إسرائيل أن تسلم بذلك، وتضع الفلسطينيين أمام الاختبار، فإن هم تجاوزوا ما يطالبون به، لن يعذرهم المجتمع الدولي، أما إن لم تسلم إسرائيل بذلك فإن الوضع غير المستقر سيستمر، وأمن إسرائيل سيكون محفوفاً بالمخاطر.
فهل توقف الحديث عن حل القضية الفلسطينية بسبب انشغال الرئيس الاميركي دونالد ترمب بالانتخابات الرئاسية، وفي حالة فوزه بفترة ثانية سوف يركز، وبمساندة الدول العربية المعتدلة، كالمملكة العربية السعودية وبقية دول “مجلس التعاون” الخليجي، وفي مقدمها دولة الكويت وكذلك مصر والأردن والمغرب على هذا الملف حتى الوصول الى حل يرضي الفلسطينيين والإسرائيليين…المؤمل ذلك.
كاتب سعودي

You might also like