إدارة “كورونا”… تمخَّضَ الجبلُ فولد فأراً فضفضة قلم

0 260

د. أحمد الحسيني

يحكى أن في قديم الزمان، كانت هناك جماعة من البدو الرحل، مسافرة ومرت في إحدى الوديان، وعند شعورهم بالتعب قرروا نصب خيمتهم بالقرب من الجبل، وبينما هم جالسون يشربون القهوة شاهدوا بعض الرمال والحجارة الصغيرة تتساقط من أعلا الجبل، حينها شعروا أن هناك شيئا عظيما قادما عليهم، أو زلزالًا سيحل بالمكان أو بركانا سيزيل الوادي، وعلى أثر ذلك نهض الجميع وراحوا يراقبون الجبل جيدًا، وبعد قليل خرج من أحد الجحور فأرا، وفر أمامهم مسرعًا إلى الجانب الآخر من الوادي، وعندئذ قال شيخ لرفاقه:” تمخض الجبل فولد فأرا”، وأصبحت تلك الجملة مثلا شهيرا يضرب في حال أن تكون كمية الشيء الذي حصلنا عليه لا تتناسب مع مقدار التعب والجهد الذي بذلناه. هذه القصة تجرني إلى الجهود الجبارة التي بذلتها السلطات الصحية، والإمكانات التي سخرتها من أجل مكافحة “كوفيد- 19″، إلا أن من الواضح أن هذا المثال بدأ ينطبق علينا بعد نحو أربعة أشهر من تفشي هذا العدو، فالنتائج مقابل الإجراءات العظيمة التي اتخذتها الدولة لمكافحته لا تتناسب مع حجم ما تم اتخاذه من إجراءات احترازية أثرت على كل مرافق الدولة، سواء كانت اقتصادية او اجتماعية وكذلك نفسية.
من هنا يتساءل الجميع: أين يقع الخلل، فدولة الكويت قدمت كل امكاناتها للقضاء على الفيروس وحماية مواطنيها والمقيمين على أرضها من خطره، إلا أن رغم كل ذلك لا يزال عدد الإصابات بارتفاع والخسائر المالية تتصاعد، والمنظومة الصحية تستنزف، والنتائج غير مرضية مقارنة بما تم تقديمه من أمكانيات ضخمة، فهل الخلل يكمن في السكان وعدم وعيهم بهذا الخطر، أم هناك خلل في إدارة الأزمة منذ بدايتها، فاستمرينا على هذا الوضع؟
فمن خلال اسئلتنا السابقة نستطيع القول أن المواطنين التزموا بالتعليمات الصحية ولا نعتب عليهم، لكن تكمن المعضلة هنا بالفهم الخطأ لإدارة الازمات، إذ إن تلك الادارة لا تقوم على الجهود الفردية، أو التقارير الدورية من الجهات الصحية والأمنية، والعمل من خلال الإعلام، والاستعراض أمام عدسات الصحافة والتواصل الاجتماعي، كما يفعل بعض المسؤولين، بل تحتاج الى فريق متخصص في إدارة الأزمات لديه القدرة على التحكم، والتعامل الفوري لمواجهة اثارها والحد من نتائجها، ووضع الخطط الإيجابية التي تنفذ في وقت قياسي، بحيث لا تعتمد على شعار”حتى إشعار أخر” أو”أستحلفكم بالله اجلسوا في بيوتكم”، كما تعودنا في المؤتمرات الصحافية.

نقطة آخر السطر:
البعض قد لا يعرف مفهوم إدارة الأزمات، فهو علم، كغيره من العلوم مؤسس على مجموعة من الأسس والمبادئ العلمية والمفاهيم الخاصة به، وهذا ما يجعله علماً مختلفاً في أساليبه وتطبيقاته عن غيره، وللأسف هذا ما فقدناه خلال هذه الأزمة فتداخل اختصاصات بعض المؤسسات الحكومية بات واضحة للجميع، والبطولات الاستعراضية لبعض المسؤولين أصبحت تحت نظر الناس كافة، وفي المقابل حصلنا على أطول مدة حظر على مستوى العالم، وكذلك أدت إلى ارتفاع أسعار السلع الاستهلاكية أمام اعين ابطال الاستعراض الإعلامي.

كاتب كويتي
DR-ALHUSSINI@HOTMAIL.COM

You might also like