الأحكام العرفية… نظـرات استفهامية
علي الرفاعي
Alrefai911@gmail.com
أقاويل كثيرة وتساؤلات عدة فيما يخص إعلان الأحكام العرفية في البلاد. ماضوابط إعلان الأحكام العرفية وما الآثار المترتبة عليه وما أهم الضمانات؟
إن إعلان الأحكام العرفية في بلد من البلاد، او إعلان حالة الطوارئ، كما تسمى في بعض التنظيمات، معناه انتقال هذا البلد من الوضع العادي الذي الفه الناس، إلى وضع استثنائي لمواجهة مستلزمات ضرورات معينة، كإغارة قوات العدو المسلحة على البلاد، أو نشوب اضطرابات وقلاقل داخلية تهدد بالإخلال إخلالا خطيرا بالأمن والنظام العام.
وضع الدستور الكويتي ثلاثة ضوابط أساسية لا يمكن أن يتم إعلان الحكم العرفي من دون تحققها بصورة مسبقة قبل إعلانه أو متزامنة معه لضمان عدم إساءة استخدام هذه السلطة ذات الطبيعة السياسية والاستثنائية الخطيرة، وهذه الضوابط هي:
أ ـ حالة الضرورة.
يُشترط لإعلان الحكم العرفي أن تتوافر حالة الضرورة التي توجب إعلانه، ولم يبين الدستور حالة الضرورة تلك مكتفيا بإحالة الأمر إلى القانون الخاص بالأحكام العرفية ليتولى هو بدوره تحديد الحالات التي تحقق شرط الضرورة من اجل إعلان الأحكام العرفية، وقد جاء في القانون رقم 22 لسنة 1967 وفي نص المادة الأولى منه «ان حالة الضرورة تكون متحققة لغرض إعلان الأحكام العرفية في حال إذا تعرض الأمن والنظام العام في الدولة أو في جهة منها للخطر، و في حالة وقوع عدوان مسلح على الدولة و خشية وقوع ذلك العدوان بشكل وشيك، و في حالة حدوث اضطرابات داخلية وأيضا في حالة ضرورة تأمين سلامة القوات المسلحة».
ب ـ أن تُعلن الأحكام العرفية بمرسوم.
قيد الدستور إعلان الأحكام العرفية من الناحية الإجرائية بأداة محددة هي المرسوم، ويعتبر هذا القيد مقصودا بذاته حتى تتم مناقشة اتخاذ قرار إعلان الحكم العرفي من قبل اجتماع مجلس الوزراء في اجتماعاته الدورية أو الاستثنائية، فهو قرار جماعي لابد من أن يصدر به قرار من مجلس الوزراء، يتبعه رفع الأمر إلى سمو الأمير حتى يتم إصداره بمرسوم أميري وفقا لحكم المادة 128 من الدستور التي تقرر في هذا الشأن ما يلي: «وترفع قرارات المجلس ( أي مجلس الوزراء ) إلى الأمير للتصديق عليها في الأحوال التي تقتضي صدور مرسوم في شأنها»، وكما يتم إعلان الحكم العرفي بمرسوم، فكذلك يتم رفعه بمرسوم.
ج ـ عرض الحكم العرفي على مجلس الأمة.
الدستور اعتبر ان احد شروط وضوابط سلامة إعلان الحكم العرفي ضرورة عرضه على مجلس الأمة، للبت في مصير الحكم العرفي سواء كان ذلك بالقبول والموافقة أو بالاعتراض ورفضه إن كان للمجلس مبررا في هذا الخصوص، وقد حدد الدستور مواعيد وآجال معينة بذاتها لمدة العرض الخاصة للبت في مصير الحكم العرفي.
أما الآثار المترتبة على إعلان الحكم العرفي يمكن أن نوجزها بما يلي:
تعطيل بعض أحكام الدستور المتعلقة بالحريات العامة، وقد نصت المادة 181 من الدستور على انه: « لا يجوز تعطيل أي حكم من أحكام هذا الدستور إلا أثناء قيام الأحكام العرفية في الحدود التي يبينها القانون….»، وتقليص مظاهر الحريات العامة للأفراد وللأشخاص الاعتبارية الخاصة، ومن أهم ذلك هو منع الاجتماعات أو حضور قوات الأمن، وتقييد المطبوعات والنشر، وحرية التظاهر و المواكب، والملكيات الخاصة وجواز الاستيلاء الموقت عليها، وفرض قيود على حرية التنقل والسفر ومنع التجوال في غير الأوقات التي يحددها الحاكم العرفي، وتقديم الجرائم التي ترتكب في هذه الفترة إلى محاكم خاصة يمكن أن تسمى بالمحاكم العرفية، وغيرها من القيود على الحريات التي أوردها القانون رقم 22 لسنة 1967 في شأن الأحكام العرفية.
أما عن ضمانات الأحكام العرفية، فالضمانة الأولى هي رقابة مجلس الأمة على الحكم العرفي، والضمانة الثانية هي عدم جواز تعطيل انعقاد مجلس الأمة أو المساس بحصانة أعضائه.
محام وكاتب كويتي