الأرِيبُ يَسْتَعِدُّ للأسوأ حوارات

0 420

د. خالد عايد الجنفاوي

يتصف السلوك الانساني بعامة بتقلّبه وبتحوِّل أوضاعه وفقاً لسياقاته ولظروفه النفسية والاجتماعية المختلفة، ومن هذا المُنطلق، فيجدر بالانسان العاقل،أو من يرغب بامتلاك قدر من الحكمة في الحياة الدنيا، العمل على مواءمة طرق تفكيره مع الحتمية الكونية التي تثبت أنّه سيصعب توقع نهج السلوك الانساني بشكل دقيق، وبخاصة عندما تزيد الضغوطات وتبدأ تتفاقم الصعوبات،أو حين تقل الاختيارات في البيئة المحيطة،أو عندما تبدأ تطغى على العلاقات الفردية والاجتماعية النرجسية و تفضيل المصلحة الشخصية الضيقة على المصلحة العامة. وفي هذا السياق، سيجدر بالمرء العاقل في عالمنا اليوم العمل بشكل جاد على الاستعداد للأسوأ فيما يتعلق ببعض السلوكيات النمطية، بهدف ضمان الافضل أو الاحسن في سياق الحالة الانسانية المتغيرة. وبالطبع، لا علاقة للاستعداد الذهني أو النفسي أو العملي أو التفكير بشكل فعّال تجاه السلوكيات المتغيرة واللامتوقعة بالتفكير السلبي أو بالتشاؤم، فيوجد فرق بين الانغماس بشكل متواصل في التشاؤم والتفكير السلبي الضيق وما ستؤدي إليه من فشل حياتي متواصل، وبين ضرورة حرص الانسان العاقل على تفعيل ملكاته الذهنية بشكل كامل حين يجدر به عمل ذلك، وبخاصة عندما يجد نفسه مضطراً لإتخاذ قرارات مصيرية ستوصله ومن يهمه أمرهم إلى ضفة السلامة والأمن النفسي والبدني، ولهذا السبب ولأسباب أخرى مختلفة. حري باللبيب وبالأريب وبالفطن وجدير بالانسان الذي يتصور في نفسه أنه يستفيد من أخطائه ومن تجاربه وتجارب الآخرين العمل على عقل الامور والتوكل بعد ذلك، والحذر من السقوط بشكل متواصل في مستنقات الثقة الزائدة عن الحد، والتخلص بشكل مستمر من التأثيرات السلبية للاحلام وللسيناريوهات المتخيلة، فلم يُعرف عن ممارسة الحذر المناسب تجاه الكائن الانساني الآخر أنه أدى إلى ما هو سلبي أو سيئ. ولم يُعرف كذلك عمن يُصِرُّ على عدم التعرض للدغ من جحر مرتين أنه لُدغ مرة ثانية، ووفقاً لبعض المقولات الشائعة: الحذر يقي الضرر، والحذر من الناس لا يتعارض مع حسن الظن بهم، ومِن مأمَنِهِ يُؤتى الحَذِر، والأريب العاقل سيتمنى حدوث الافضل في حياته الخاصة والعامة ولكنه سيستعد دائماً للأسوأ.
كاتب كويتي

You might also like