الأكثر تديّنًا والأكثر فسادًا! حوارات

0 162

د. خالد عايد الجنفاوي

“إِنَّ اللهَ لَا ينظرُ إلى صُوَرِكُمْ وَأمْوالِكُمْ، ولكنْ ينظرُ إلى قلوبِكم وأعمالِكم” (حديث شريف).
يحدث أحيانًا أن تنتشر مظاهر التديّن في أحد المجتمعات، لكن مع ذلك يكون في الوقت نفسه أكثر المجتمعات فسادًا على وجه الأرض، وبسبب أنه وفقًا للمنطق الأخلاقي الديني: التمسّك بالدين في القول وفي العمل سيجعل المجتمع أكثر صلاحًا، لا سيما أقل فسادًا في التعاملات اليومية بين الناس، ومن بعض أسباب ودلائل بروز ورواج ظاهرة ومظاهر التديّن المزيّف في أحد المجتمعات، وما يرتبط بها من سلوكيات فساد، نذكر ما يلي:
-أسباب انتشار التديّن المزيف في المجتمع: كثرة المتاجرين بالدين من يتخذون المظاهر الخارجية للشخصية المتديّنة الحقيقية أدوات للتكسّب وللانتفاع المالي والاجتماعي، بينما يمارسون تصرّفات شخصية بغيضة تتنافى جوهريًّا مع ما يدعو له الدين من أمانة وصدق في التعامل، وإنصاف، وتسامح، وعفو وحلم وتواضع وامتناع عن الكذب، وسعي وراء الرزق الحلال، وعدم ممارسة الغش والتلاعب، وسرقة المال العام، وأكل السحت ماليًا ونفسيًّا وسلوكيًّا.
ومن بعض أسباب انتشار التديّن المصطنع أيضًا هو استمرار بقاء مجموعات كبيرة من الناس العاديين، صادقي النوايا، من لا يزالون ينخدعون مرارًا وتكرارًا بالمظاهر الخارجية للمتدينين الـ”فالصو”، فيغفلون عن ربط مظهر المتديّن مع مسلكه الحياتي الفعلي.
وبسبب الارتباط الخادع للتديّن مع اكتساب المال والمكانة الاجتماعية على حساب القيم الدينية الأخلاقية الحقيقية، فستجد المتديّنون المزيّفون الأشد حرصًا على الدنيا، والأكثر شغفًا بالمناصب وبالرواتب الضخمة، فبالنسبة لهؤلاء الممثلون المتبعون لأسلوب التمثيل المنهجي: التمتّع بملذات المال والتأثير السحري المستمر على بسطاء التفكير من العامة، وإفتائهم في كل شيء، وسلب أموالهم بزعم التصدّق وعمل الخير، هي أفضل وأكثر نفعًا من التديّن الحقيقي.
– دلائل التديّن المزيّف: غلبة شهوات البطن على المتديّن المزيف، فقليلاً ما ترى هذا النوع من الكائنات الكاذبة أصحاب بطون زاهدة وحيث ستلاحظ كبر بطونهم وربما إصابتهم بالبدانة المرضية بسبب شراهتهم في الأكل، وشغفهم بالأضواء الإعلامية والاجتماعية، وسعيهم للسيطرة على عقول الفتية، ومخالطتهم لأصحاب المال والجاه، فهم كرجال الكهنوت خابَتْ مساعيهم!

كاتب كويتي

@DrAljenfawi

You might also like