الأمن الغذائي في دول مجلس التعاون الخليجي

0 295

سلمان بن محمد العُمري

من الهواجس التي أصابت العالم في أزمة “كورونا” هاجس الأمن الغذائي، وساد هذا القلق الدول والشعوب خشية من المجهول ودوام التداعيات وآثار هذا البلاء والوباء الذي حمله فيروس “كورونا “، ورأينا في عدد من دول العالم، يتسابق الناس على محلات المواد الغذائية والاستهلاكية بشراء مايستطيعون شراءه.
ونحن جزء من العالم ساد لدى البعض الخوف والقلق من المستقبل الغذائي في أيام الحظرأو ما بعدها، وقد ظهرت ولله الحمد التطمينات من الجهات المختصة بتوافر المواد الغذائية والمخزون الغذائي، ولكن مما زاد من قلق البعض أن بعض المنتوجات الغذائية والزراعية المتوافرة لدينا ونصدر الفائض منها للخارج قد نفدت من الأسواق، وزادت قيمتها، ومن ذلك البيض.
وليست العبرة في الأمن الغذائي هو تبني الزراعة والانتاج وإن كان مهماً والدليل أن سنغافورة احتلت المركز الأول على مستوى العالم في الأمن الغذائي في العام الماضي بمؤشر 87.4 في المئة سابقة بذلك إيرلندا، والولايات المتحدة الأميركية، وسويسرا، وفنلندا فيما جاءت المملكة العربية السعودية في المركز التاسع على مستوى العالم، وهذا المؤشر يتم حسابه بناء على ثلاثة عوامل هي: قدرة المواطن على شراء الطعام، والثاني: مدى توفره، والثالث: مدى جودته وأمانه، وهذه العناصر الثلاثة جميعها متوافرة لدينا ولله الحمد، والسمة الغالبة لدى معظم دول الخليج العربي ولله الحمد أنها ذات مؤشرات عالية في الأمن الغذائي على الرغم أن معظمها لا يتوافر فيها إنتاج غذائي أو زراعة وتعتمد كثيراً على الاستيراد، وقد سمعنا مؤخراً موافقة دول مجلس التعاون الخليجي على مقترح إنشاء شبكة أمن غذائي متكامل لدول المجلس.
إن أولى خطوات الأمن الغذائي، بلا شك، هو أن يكون إنتاجه محلياً وذاتياً والعمل على تحقيق الاكتفاء تحسباً لأي ظرف أو طارئ، كما حدث خلال هذه الأيام، ولاسيما إذا تعطلت وسائط النقل كما هو حاصل الآن، ولذا يجب أن تتم دراسة جميع الحلول وفي مقدمتها الاستثمار الزراعي المحلي بدول المجلس، وإعادة النظر في مسألة الجدوى الاقتصادية، وقضايا الماء التي أوقفت بعض المشاريع الزراعية الجبارة التي كانت قد بدأت ملامحها في عهد الملك خالد، والملك فهد – رحمهما الله -، ومن ذلك إنتاج القمح، ومزارع الألبان، والدواجن، ومشاريع الثروة السمكية، والتي مازالت ولله الحمد في نمو وازدهار، ولابد من تشجيع الاستثمار في المجال الزراعي سواء للمزارعين أو عن طريق الشركات أو استثمار الدولة -أيدها الله-، وعلى وزارة الزراعة وهي الجهة المنوط بها هذا الأمر إعادة النظر في خطط وستراتيجيات الزراعة.
ولرب قائل يقول “لدينا مشكلة شح المياه وقلة منسوب المياه الجوفية حسب الدراسات السابقة”، وهذا الأمر في الحقيقة ليس على إطلاقه فليست كل مناطق المملكة تعاني من شح المياه، ويمكن اختيار المناطق المناسبة للزراعة وتشجيع الوسائل الحديثة كالبيوت المحمية التي توفر الماء والجهد والعمل على استغلال المصادر الطبيعية الحالية والاستفادة خاصة من أمطار السيول بشكل صحيح، واستخدام التقنية والتقطير.
نعم إن الماء عنصر بالغ الأهمية ولا حياة من دون ماء لأي كائن حي، ولكن الزراعة تطورت وتطورت الوسائل الحديثة التي توفر وتقلل من هدر المياه، فمشاريع الهيدرويونك مثلاً يمكن زراعتها في المناطق الجبلية غير الصالحة للزراعة، لأنها لا تتطلب تربة أصلاً، والمياه إذا تمت تعبئة أحواض الزراعة الصغيرة فإن ريها لا يعدو ما يفقد من البخار فقط، ويجب
على وزارة الزراعة الاستماع للمزارعين وسماع مالديهم من مشاكل سواء في المواد أو في العمالة أو في الخدمات أو حتى في توزيع الرزنامة أو تأمين ثلاجات عمومية لحفظ المنتوجات.
هناك مشاكل يعاني منها بعض المزارعين منها وفرة المنتج في أوقات محددة، وفي مناطق معينة فتكون رخيصة للغاية ولا ترد قيمة زراعتها في حين أنها ستدر في أوقات وأماكن أخرى، وتوافر ثلاجات لحفظ المنتوجات الزراعية يسهم في توفر السلع، ويسهم في استمرار الأمن الغذائي، ومن المشاكل الأخرى لدى بعض ضعاف النفوس أنهم أوكلوا أمر الزراعة لعمالتهم أو تم تأجيرها عليهم، وهذه المزارع تدار بأيدي العمالة وتحت تصرفها، ويسرفون في استخدام الماء دون حسيب أو رقيب، لأن العامل يفكر في كسبه في هذا الوقت ولا ينظر لمشكلة الماء أو حرق الأرض، وكأنه يستخدم سياسة الأرض المحروقة.
ومن أكبر مشاكل المزارعين، بل الدائمة مشكلة التسويق لهذا المنتج الذي يدار تحت “عصابات” العمالة التي تستحوذ على الأسواق والمنتوجات وتتخذها بلا وعي ولا مسؤولية، والدليل بعض من تم القبض عليهم في هذه الأيام ممن يقومون بتخزين بعض السلع والمنتوجات من خلال احتكارها وشرائها بالكامل من المزارعين وعن طريق عمالة أمثالهم فهم من يمتهنون البيع والشراء والخاسر بينهما المزارع والمستهلك على حد سواء، والحل في إيجاد شركات تسويق، وإيجاد ثلاجات تخزين في كل منطقة على غرار صوامع الغلال التي تستقبل من المزارعين القمح والشعير.
ونعود للماء، والماء الذي لا يتم الاستفادة منه خلال مواسم الأمطار في الأودية والشعاب. اتمنى مرة أخرى من المسؤولين المعنيين في وزارة الزراعة إعادة دراسة الاستفادة من مياه الأمطار بغير الطريقة البدائية “السدود”، وبما يضمن الاستفادة منها بنسبة أكبر كمخزون للمياه يستفاد منه للشرب والزراعة.

كاتب سعودي

alomari1420@hotmail.com

You might also like