الإرهاب والتطرف وجهان لعملة واحدة
أشرف فوزي
ظاهرة الإرهاب هي أحد التحديات التي تهدد الإنسانية، ورغم المآسي التي عانتها البشرية جراء ويلات الحروب التقليدية، باتت الجرائم الإرهابية لها تأثيرها على النفس البشرية.
التطرف الديني، والتطرف الفكري يمثلان احدى أكثر القضايا التي تشكل تهديداً خطيراً وتظل المصدر الأساسي لتفكك المجتمعات، والمنبع الرئيس للعنف وتكريس آليات التخلف عبر التاريخ.
يعد مفهوم التطرف “Extremism” من المفاهيم التي يصعب تحديدها، نظراً الى ما يشير إليه مفهوم من المعنى اللغوي للتطرف، وهو تجاوز لحد الاعتدال، وحد الاعتدال نسبي، ويختلف ذلك من مجتمع إلى آخر؛ وذلك وفقاً لنسق القيم السائدة في كل مجتمع؛ فما يعتبره سلوكاً متطرفاً من الممكن أن يكون مألوفا في مجتمع آخر. إذ جاء في لسان العرب لابن منظور قوله:”تطرف الشيء صار طرفا”، “وتطرفت الشمس أي دنت للغروب”، اذ ما يمكن أن نستلهمه من هذا التحديد اللغوي للتطرف.
أدى التطور النوعي الذي شهدته المنظمات الإرهابية في دول عربية عدة إلى رفع كفاءتها القتالية، وزاد من قدرتها على الاستقطاب والحشد، واستغلال تطور النزاعات التي قامت في المنطقة وتحويلها إلى صراعات مسلحة، ما جعلها تمثل ضغطاً متزايدا شديد الخطورة على الأمن القومي العربي.
التطرف يمكن أن يكون، دينياً، أو طائفياً، أو قومياً، أو لغوياً، أو اجتماعياً، أو ثقافياً، أو سياسياً، أما الإرهاب، فإنه يتجاوز التطرف؛ أي ينتقل من الفكر إلى العمل، وكل إرهاب هو عنف جسدي أو نفسي، مادي أو معنوي، لكن ليس كل عنف إرهاباً، خصوصاً إذا ما كان ذلك دفاعاً عن النفس واضطراراً من أجل الحق ومقاومة العدوان.
وكل إرهاب تطرف، ولا يصبح الشخص إرهابياً إلا إذا كان متطرفاً، لكن ليس كل متطرف إرهابياً، فالفعل تتم معالجته قانونياً، وقضائياً، وأمنياً، لذا لا يمكن القضاء على فكر التطرف والتكفير وجذورهما، ما لم يتم القضاء على التعصب وزعم امتلاك الحقيقة.
الإرهاب ككل، داء تقتضي مواجهته واعتماد الوقاية الناجعة عبر استهداف أسبابه، وتحصين المناعة الفكرية، والمادية، والنفسية للمواطنين.
ولكي تتجاوز التطرف والإرهاب ينبغي أولا وقبل كل شيء الاعتراف بالآخر على قدم المساواة، والاقرار بالتعددية والتنوع، كما ينبغي نبذ التمييز بجميع أشكاله.
ما قدمته الكويت هو مثال بامتياز على التعاون المصري- الكويتي في محاربة الإرهاب، وظهرت نتائج هذا التعاون من خلال التنسيق الأمني والاستخباراتي رفيع المستوى بين البلدين، فقد سلمت الكويت الى مصر خلية إخوانية مكونة من ثمانية عناصر مطلوبين لدى القاهرة لصدور أحكام قضائية ضدهم في 13 يوليو2019، في إجراء تبعه توقيف عشرات المطلوبين من عناصر الجماعة للتحقيق معهم وترحيلهم إلى القاهرة، لاسيما ان الكويت لديها نجاح كبير في محاربة الخلايا الإرهابية المرتبطة بإيران و”حزب الله”.
في عام 2020 سلمت السلطات الأمنية الكويتية ثلاثة ينتمون لجماعة “الإخوان” إلى الإنتربول المصري بتهمة التحريض على الفوضى والدعوة إلى التظاهر عبر مواقع التواصل الاجتماعي، وكان هؤلاء أطلقوا حملة مكثَّفة لتحريض المصريين على الخروج عن النظام.
ولاستمرارا لتنسيق والتعاون بين البلدين بحث وزيرا “الأوقاف” في البلدين سبل العمل المشترك على بناء جبهة عربية صلبة في مواجهة الإرهاب، أساسها التفاهم والحوار ومواجهة الحجة بالحجة والفكر بالفكر، ثم الانطلاق من تلك الجبهة العربية إلى جبهة إنسانية لرفض كل أشكال العنف والتطرف والارهاب، على أن يكون تبادل العلماء والدعاة من خلال المؤسسات الدينية الرسمية، منعا لاختراق، أو تسلل، أو التفاف أي جهات على الخطاب الديني عبر التواصل غير المؤسسي، أو استضافة غير المتخصصين والدخلاء على الخطاب الديني بعيدا عن رقابة المؤسسات التي تحمي الوسطية، وإعداد ورقة عمل مبدئية، بهدف تنسيق الجهود لوزارات الأوقاف والشؤون الإسلامية بالدول العربية للعمل على نشر سماحة الإسلام، كما تم الاتفاق على تنسيق الجهود في مواجهة الفكر بالفكر لرد الشباب إلى صحيح دينهم، وتصحيح الأفكار المنحرفة، في إطار تعزيز التعاون القضائي بين البلدين في مجال ملاحقة المجرمين، ومكافحة الإرهاب، وفتح قنوات اتصال مباشرة بين الجانبين، تساعد على سرعة إنهاء الإجراءات.
تم توقيع مذكرة التفاهم تهدف إلى تعزيز أواصر التعاون القضائي بين النيابتين المصرية والكويتية في مجال مكافحة الجريمة بشتى صورها، ودعم برامج التدريب، ورفع كفاءة أعضاء النيابة في البلدين في مجال التحقيق الجنائي، وتيسير عملية تبادل المعلومات، وسرعة تنفيذ المساعدات القضائية وتسليم المجرمين.
التعاون المصري- الكويتي يأتي في إطار العلاقات المتميزة بين البلدين والمواقف المشرفة لدولة الكويت، أميرا وولي عهد، وحكومة وشعبا إلى جانب مصر.
لواء أركان حرب، باحث أمني خبير في الشؤون السياسية