الإيجابية مفتاح إنهاء هذه الأزمة

0 390

خلف أحمد الحبتور

لقد ضقتُ ذرعاً من التهويل بالويل والثبور، الذي يصدر من أفواه الخبراء العلميين والمعلقين الإعلاميين.
نعم، نحن في خضم جائحةٍ تركت أثراً عميقاً في حياة مليارات الأشخاص، لكن الترويج لأسوأ السنياريوهات وتضخيمها، وكأنها مُنزَلة ونهائية، لا يعود بالفائدة على أحد.
صحيح أن فيروس كورونا هذا تسلل إلى حياتنا وقلبَها رأساً على عقب، لكنه أتاح لنا فرصة كي نفكّر في نِعَم الحياة الوفيرة التي أُغدِقت علينا، وكي نجدّد تقديرنا للأشخاص الأعزّ على قلوبنا.
سواءً كان الطريق نحو استعادة شكل من أشكال الحياة الطبيعية قصيراً أم طويلاً، سوف ننتصر ونتخطى هذه الأزمة.
سوف تنجح خيرة الأدمغة بيننا في التوصل إلى علاج ولقاح للقضاء على وباء”كوفيد 19″، وعندما يتمكنون من ذلك، ستستعيد اقتصادياتنا عافيتها سريعاً.
لن ننسى أبداً أولئك الأشخاص الذين قضوا بسبب هذا المرض، أو الذين يعرّضون حياتهم للخطر على الجبهات الأمامية – خط الدفاع الأول- للحفاظ على سلامتنا، لكن عسى أن نكرّم ذكراهم من خلال بناء عالمٍ أكثر لطفاً وتعاطفاً.
نحن في هذه المحنة معاً، ومَن استطاعوا بيننا النجاة من براثن الفيروس حريٌّ بهم أن يشكروا الله تعالى على رحمته وفيض نعمه.
وعلينا أن نتمسك بالأمل والتفاؤل وألا ننجرّ وراء الدعاية السلبية التي غالباً ما تحرّكها دوافع سياسية، وكذلك نظريات المؤامرة التي تبثّها بعض وسائل الإعلام داخل منازلنا، لا سيما الصحف والشبكات الإخبارية المسكونة بهاجس تشريح كل كلمةٍ يتفوّه بها الرئيس الأميركي دونالد ترامب وكل تصرف يتصرفه.
هو ليس من طينة الرؤساء المعهودة، ولهذا السبب تحديداً فاز بالانتخابات الرئاسية.
هو ليس مثالياً على الإطلاق، ويقع أحياناً في أخطاء وهفوات حين يتكلم، وأنا لا أؤيّد دائماً القرارات التي يتخذها، فعلى سبيل المثال، مع أنني أوافق الرئيس ترامب أن المدير العام لمنظمة الصحة، العالمية تيدروس أدهانوم، متشائم جداً ويجب تبديله، إلا أنني أعتقد أن قراره تعليق مساهمة بلاده في تمويل المنظمة جاء في توقيت غير مناسب.
كما لا يسعني سوى أن أتمنّى عليه لو يترك الشؤون العلمية لأصحاب الاختصاص بدلاً من الانجرار وراء حدسه الباطني ما يُعرّضه للسخرية التي يتلقّفها أعداؤه ببهجة عارمة، ويساهمون في تأجيجها. غير أن ترامب يبدو واثقاً من قدرته على اتخاذ القرارات متجاوِزاً آراء الخبراء، ولا يتردد في قول ما يفكّر فيه غير عابئ لردود الفعل السلبية.
رغم تصرفات ترامب غير التقليدية، إلا أنني معجب به لما يتمتع به من أعصاب فولاذية في مواجهة سهام الكراهية اللاذعة والقاسية التي ترشقه بها جحافل من المعلّقين والسياسيين من مختلف الأطياف عبر شاشات التلفزة، ومنهم جمهوريون يخشون إغضاب القاعدة الموالية للرئيس خلال هذه السنة الانتخابية، اذ سوف تُشهَر السكاكين في وجهه إذا خسر أمام المرشح الديمقراطي!
باستثناء قناة”فوكس نيوز” المحسوبة على ترامب، تصوّره وسائل الإعلام بأنه شخصية مضحكة في أفضل الأحوال، والشيطان بذاته في أسوأ الأحوال.
لا نلمس احتراماً للمنصب الذي يتولاه بصفته رئيس الدولة الأكثر ثراء ونفوذاً على وجه الكرة الأرضية في هذه المرحلة الزمنية التي تواجه فيها الولايات المتحدة، والعالم، التحدي الأكبر في تاريخنا الحديث.
ولا يحظى بتقدير كافٍ عن الأمور الجيدة التي أنجزها مثل التأثير في الأسواق على نحوٍ غير مسبوق حتى تاريخه، مع خفض البطالة وتحسين وضع الطبقة العاملة، لكن جميع النجاحات التي حققها على الصعيد الاقتصادي تبدّدت لأسباب خارجة عن سيطرته أو سيطرة أيٍّ كان.
أنا معجب بالرئيس الأميركي خصوصا بسبب إيجابيته التي لا تفارقه أبداً، ففي حين يبدو حكام الولايات كأنهم يقرأون ورقة نعوة خلال الإحاطة اليومية، ويذهبون بعيداً جداً في تحضير السكان نفسياً لتسجيل مزيد من الإصابات والوفيات، ولوجوب التقيّد بالحجر لأشهر وحتى سنوات، تحمل جميع الرسائل الصادرة عن ترامب الأمل والتفاؤل.
لا شك أن هناك خيطاً رفيعاً بين قول الحقيقة من دون تلميع وبين التفكير بالتمني، لكننا في حالة حرب.
تخيّلوا رئيس الوزراء البريطاني وينستون تشرشل ينصح البريطانيين بأن يبدأوا بتعلم اللغة الألمانية حين بدا أن احتمال الانتصار على سلاح أدولف هتلر، البري، والبحري، والجوي ضئيلٌ جداً، في حين أن تشرشل طلب من شعبه أن يدافع عن بلاده مهما كان الثمن قائلاً: “سنحارب على الشواطئ، سنحارب في أراضي الإنزال، سنحارب في الحقول والشوارع، سنحارب في التلال، لن نستسلم أبداً”.
لدى ترامب القدرة على جعل ملايين الأميركيين يشعرون بالتمكين والتفاؤل حيال المستقبل، وهذا بحد ذاته قيمة كبيرة في أيامنا هذه حيث يشعر كثرٌ بالأسى أو يتملّكهم الخوف من المستقبل، أو هاجس تأمين لقمة العيش، والحفاظ على سقفٍ يؤويهم.
معروف أنني ممن يحملون لواء الشفافية ويطالبون بها، لكن الأشخاص الذين يعانون من القلق والتوجس يتطلعون إلى قادتهم كي يمدّوهم بشريان نجاة يلمحون من خلاله مستقبلاً أكثر إشراقاً، وهم ليسوا بحاجة إلى أخبار سيئة ومؤذية تصلهم تباعاً وعلى نحوٍ متواصل مع تقديرات وتخمينات تنذر بعواقب وخيمة.
هل نحتاج حقاً إلى سماع كلام من علماء في جامعة” هارفرد” مفاده أن التباعد الاجتماعي قد يُمدَّد حتى سنة 2022؟
إلى أي أساس يستندون في قولهم هذا، علماً أن لا أحد على وجه الأرض قادر حتى الآن على أن يفهم على نحوٍ كامل هذا الفيروس الجديد والمتحوّل قبل أن يكمل دورته السنوية؟
هل سينحسر الفيروس خلال أشهر الصيف الحارة ليطلّ برأسه من جديد في فصل الخريف، هل اكتسب المرضى المتعافون مناعة، وفي حال كان الجواب نعم، لكم من الوقت تدوم هذه المناعة؟ لماذا يصيب الفيروس الرجال أكثر من النساء، وكبار السن أكثر من الأطفال؟
ولماذا الأشخاص الذين ينتمون إلى مجموعات عرقية معينة ويحملون فصيلة دم معينة هم الأكثر عرضة للإصابة به؟
لا أحد يعرف الجواب. وما زال الخبراء في طور اكتشاف الفيروس.
برأيي، يحتاج المصابون بالارتباك إلى الأجواء الإيجابية التي يبثّها دونالد ترامب، لأنها بمثابة بلسم لأرواحهم الواهنة.
نحتاج إلى صوته وأصوات آخرين يشاركونه أسلوبه البعيد عن الخوف والاستسلام من أجل إنعاش الاقتصاد العالمي، وإخراجه من الشلل.
ربما حالت الانتقادات الإعلامية المتواصلة له دون مشاركته في جلسات الإحاطة اليومية، فقد غرّد “لا يستحقون المجهود”. إنه لعارٌ كبير أشبه بتقديم النصر إلى أعدائه.
أفتقد مثلكم روتيني اليومي، ويؤسفني أن حياتي الاجتماعية توقّفت، وكذلك الأمر بالنسبة إلى مشاريع السفر، ويحزنني، في هذا الشهر الفضيل، أنه لا يمكنني المشاركة في صلاة التراويح في المسجد مع أفراد أسرتي، وللمرة الاولى منذ سنوات، لن أتمكّن من استقبال العائلة والأصدقاء في مجلسي الرمضاني، لكنني أشعر في الوقت نفسه بامتنان عميق لأنني بصحة جيدة، ومحاطٌ بأولادي وأحفادي، وجميعنا بأمان في دولة الإمارات العربية المتحدة التي هي من أعظم البلدان على وجه الأرض.
لدي شعورٌ داخلي بأننا سنتخلى عن الكمامات والقفازات عاجلاً وليس آجلاً، إلى ذلك الحين، أدعوكم أصدقائي إلى التحلي بالقوة، حافظوا على ابتسامتكم وانتبهوا الى أنفسكم، وتفاءلوا بالخير تجدوه!

رجل أعمال إماراتي

You might also like