الاقتصادان الأميركي والصيني
د. لويس حبيقة
أميركا غنية أصلا في كل شيء، من النفط الى المعادن والمياه والأرض، وبالتالي حسن استعمال هذه الثروات مهم.
الناتج الفردي يبلغ 58 ألف دولار في الولايات المتحدة، وثمانية الاف في الصين نظرا للحجم السكاني الصيني الكبير.
الأميركي أغنى بكثير، لكن المستقبل ربما يصب في مصلحة الصين لأن تطورات التجارة العالمية بأشكالها الالكترونية تتجه شرقا، فمبيعات التجزئة الالكترونية، يبلغ حجمها ألفا مليار دولار في الصين أي أكثر من المجموع في الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي. ترتفع مبيعات التجارة الالكترونية سنويا 30 في المئة في كل من أميركا والصين و13في المئة فقط في أوروبا.
سبب تفوق الصين هو عدد المشتركين في الانترنت الذي يبلغ 900 مليون نسمة مقارنة بـ 300 مليون في أميركا. مستقبل التجارة الالكترونية، وبالتالي مستقبل التجارة عموما، يعتمد على الصين.
نجحت أميركا اقتصاديا لكن نموذجها خاضج للمراجعتين، الداخلية والخارجية.
في الداخل وبسبب المؤشرات لا بد من مراجعة العديد من القوانين والأنظمة التي وسعت فجوة الدخل وأبقت ملايين الأميركيين فقراء كما مناطق عدة، وتعاني أميركا من مشكلتين أساسيتين هما النظام المالي الذي أنتج أزمات كبيرة والمؤسسات الاجتماعية والصحية التي تكلف الكثير مع انتاجية ضعيفة بسبب سوء التغطية وتفشي الفساد.
هاتان المشكلتان أثرتا على النتائج الاقتصادية العامة، وجعلتا أميركا تخسر الكثير من رونقها وبريقها لصالح المنافس الأول أي الصين. في القوة الشرائية يبلغ الناتج المحلي الصيني 21 ألف مليار دولار والأميركي 19 ألف مليار دولار، هذا لأن تكلفة المعيشة في الصين أقل بكثير، وبالتالي لا يمكن الاتكال على الناتج الأسمي للمقارنة.
هناك نقطتان سودويتان في المسيرة الأميركية الاقتصادية، في رأي الاقتصاديين غرينسبان ووولدريدج، وهما سوء معاملة سكان البلاد الأصليين، أي الهنود، والتمييز ضد الأقليات أي السوداء واخيرا الأسيويين.
ما زال السكان الأصليون يطالبون بحقوقهم، لكن لا وجود لمن يسمع، علما أن ادارة بايدن عينت شخصية نسائية في مرتبة وزير كمؤشر للمعاملة المستقبلية المنتظرة. حقوق الأقيلة السوداء أصيبت بمقتل جورج فلويد وغيره، أما الهجوم على الأقليات الأسيوية فأتى مع “كورونا” التي تسببت بخسائر كبيرة ضمن مجموعة تميزت باندماجها السريع في المجتمع ونجاحها الاقتصادي المدهش.
أميركا ما زالت تتفوق اليوم على الصين في العلوم، والصناعات المستثمرة في المستقبل، كالذكاء الاصطناعي والحواسب والسيارات الحديثة، وفي المال وتقنياته الجديدة.
مشكلة أميركا مقارنة بالصين هي السياسات السيئة، آخرها في العهد السابق حيث تم عزل أميركا عالميا عن المناخ والسلام والصحة والتجارة والمنطق. قال الاقتصاديان المذكوران أعلاه أن: تنوع الاقتصاد هو بأهمية حجمه وهذه هي حال أميركا. وجود مراكز عدة للقوة الاقتصادية الأميركية في الجغرافيا هو دليل على قوة أميركا. في أكثرية الدول، ترتكز القوة الاقتصادية في العواصم كباريس ولندن، أما في أميركا فهي موزعة في كل الاتجاهات كنيويورك وشيكاغو ولوس أنجليس.
خبير اقتصادي لبناني