البوصلة السياسية العربية والشمال السياسي إلى أين؟ شفافيات

0 1,128

د. حمود الحطاب

حتى تلاميذ الإعدادي يعرفون طبيعة البوصلة الإرشادية في الكثيرمن الدول. البوصلة نظام ارشادي اخترعه المسلمون وأصبح قديما نسبيا بعد الـ “ج ب س” الالكتروني، فالبوصلة في عملها الإرشادي تعتمد على الشمال المغناطيسي وليس الشمال الحقيقي، ففي أحد أطراف مؤشريها علامة فوسفورية تضيء ترشد للشمال المغناطيسي بشكل دائم. ولكنها يمكن ان تتأثر بما حولها من مغناطيس أو حديد. ومهما تعدتها التطورات تظل وسيلة ارشادية سهلة الاستخدام والحمل، لا تحتاج لتوصيلات،كما أنها رخيصة الثمن. والمهم في البوصلة أيا كانت الكترونية حديثة أم ميكانيكيه قديمة نسبيا، المهم فيها هو اعتمادها على ثوابت من القوانين. وهكذا هي النظم الكونية. ونستطيع القول إن النظم القانونية أيضا تعتمد على ثوابت رغم بعض المتغيرات. وتعتمد النظم السياسية على منظومات وثوابت في بنائها كما هي كل الأشياء الضرورية في حياة الحضارة الإنسانية. ومن هذه الثوابت التي تعتمد عليها هذه النظم السياسة أن النظام السياسي لأي دولة يهدف داخليا لإقامة العدل بين الرعية، وهذا ركن ثابث كالشمال الحقيقي في البوصلة الحديثة، وأي تغير فيه يلغيه. وبهذا تعترف الأديان السماوية، وبهذا نزلت الكتب السماوية ” إن الله يأمركم أن تؤدوا الأمانات الى أهلها وإذا حكمتم بين الناس أن تحكوا بالعدل” ولا يجرمنكم شنآن قوم على ألا تعدلوا اعدلوا هو أقرب للتقوى” وهذه القاعدة محور بؤرة البوصلة السياسة ومحور حركتها، وتأتي بعد ذلك كل الأنظمة والمؤسسات داخل الدولة لتتحرك وفق هذه الثوابت، وأي اختلال فيها يلغيها. وقد اعتمدت الأنظمة السياسية على ثوابت من القيم أيضا،ومنها العمل على إقامة السلام بين الدول واحترام حقوق الدول وأنظمتها ومؤسساتها وسيادتها. هذه نماذج محدودة للتعامل السياسي الدولي بين الدول يهدف الى إقامة السلام وإلى الاستقرار العالمي الذي به تنمو الحياة الحضارية البشرية ويهدف الى استتباب الأمن والأمان في العالم وأي اختلال فيها يلغيها.
من واجبات الدول السياسية الداخلية والخارجية حماية مواطنيها وتوفير الأمن والأمان لهم داخل الوطن وخارجه عن طريق المؤسسات المختلفة،ومنها المؤسسات السياسية المعدة لمثل هذه الأغراض الأساسية المهمة وأي اختلال فيها يلغي صفتها ويلغيها. هذه مهمة تقوم عليها أنظمة وتتعامل وفق تشريعات وأي خلل فيها يلغيها.
حين تلغى قوانين البوصلة وثوابتها فإنها تتحول الى قطعة من المعدن لاعمل لها في اختصاصها، فأي تغيير في ثوابتها يلغيها. إعادة العمل للبوصلة يقتضي تشغيلها وفق قانون طبيعتها. الأمن العالمي يسير وفق أنظمة سياسية إذا اختلت ذهب الأمن والأمان والسلم والسلام، وأصبحت الحياة البشرية كلها في مهب الريح الصرصر العاتية ومهب العواصف. للحديث بقية إن شاء الله. الى اللقاء.

كاتب كويتي

You might also like