البيروقراطية العقيمة
يوسف مبارك المطيري
تقدم الدول في هذا العصر لايقاس بكثرة التعداد السكاني،أو بسعة المساحة،بل يقاس في المقام الأول بمدى ريادتها التنموية والاقتصادية،فجمهورية سنغافورة الواقعة جنوب شرق آسيا على سبيل المثال تبلغ مساحتها 719 كيلومتراً مربعا ومع هذا فهي تعد من ابرز الدول الاقتصادية الكبرى،رغم انها لاتمتلك أي ثروات طبيعية حيث تعتمد فقط على الصناعة والسياحة والتجارة. ونحن لدينا دولة تبلغ مساحتها 17,818 كيلومترا 2 وتمتلك النفط، ونعاني من تأخر الاقتصاد الوطني.وإذا قارنا بين اقتصاد سنغافورة واقتصاد الكويت لن تكون المقارنة في صالحنا على الاطلاق،فلا يزال مسلسل تأخر الاقتصاد الوطني يشهده الكبير والصغير بسبب افتقاد الرؤية السليمة لتنمية مواردنا الاقتصادية،ومازلنا نسمع نغمة ضرورة السعي لتنويع مصادر الدخل منذ عقود ولم تتخذ الحكومات المتعاقبة أي إجراءات في هذا الشأن.
والطامة الكبرى تضييق الحكومة الخناق على القطاع الخاص حتى كاد يلفظ انفاسه بسبب سيف البيروقراطية المسلط على رقبته،ما أدى لتطفيش رؤوس الأموال الكويتية التي هاجرت الى الدول المجاورة وغيرها، فهل يعقل ياحكومتنا الرشيدة ان يسهم قطاعنا الخاص في عضد اقتصادات الدول المجاورة ويحارب بشراسة في ديرته؟ والأغرب من هذا حكومتنا التي تتفنن في وضع العراقيل أمام القطاع الخاص نراها تعقد عليه الآمال لحل معضلة توظيف الشباب الكويتي،نعم نحن نؤيد هذه الخطوة، و لكن عندما تطلب الحكومة من القطاع الخاص هذا المطلب ألا يفترض أولا أن تزيح عنه كل العقبات التي تقف في طريق نهوضه؟ ياحكومتنا، المواطن الكويتي الى الآن يحصل على التراخيص الصناعية والتجارية بمرارة وبشق الانفس،و ربما ينتظر لأشهر وفي النهاية قد يرفض طلبه بسبب القوانين الاقتصادية العقيمة التي بحاجة لتعديل لتساير حركة التطور الاقتصادي،،فلماذا لانستفيد على الاقل من تجارب الدول المجاورة؟ ففي دبي او قطر يتم الحصول على التراخيص في اقل من اسبوع.
ولانعلم هل يغيب عن بال الحكومة أن تنشيط القطاع الخاص سيؤدي لوجود طفرة صناعية كبرى وتجارية توفر على الكويت استيراد الكثير من السلع بمختلف انواعها؟
صراحة،نحن نخشى أن يكون بقاء الوضع الراهن على ماهو عليه يدار بطريقة و ممنهجة ليصب في مصلحة الشركات الخاصة الكبرى التي تبتلع وتحتكر السوق،في ظل وجود صمت رهيب من نواب السلطة التشريعية.
في الأخير،نطلب من الحكومة والبرلمان اتخاذ كل الاجراءات لإفساح المجال للقطاع الخاص لعودة رؤوس الاموال الكويتية المهاجرة ليتم استثمارها في ديرتنا لتعود الكويت «درة الخليج» كما كانت.
كاتب كويتي