التحرش في الفضاء الافتراضي
منى شلبي
لا يختلف العالم الافتراضي عن العالم الواقعي لأن الموجودين في العالم الحقيقي هم من يديرون الفضاء الافتراضي،غير أن الأخير مكان غير مكشوف، كثيرا ما يستغله مرضى القلوب لتحقيق مآرب ذئبية، من محاولات لاصطياد الأبرياء واستغلال مشاعرهم وطيبة قلوبهم لايقاعهم في الرذيلة،وبعدها يقومون يبتزونهم عبر التهديدات بفضحهم إذا لم يستجيبوا لرغباتهم الشيطانية وطلباتهم المستحيلة، لذلك تطلب الوضع أن تتدخل السلطة التشريعية بإصدار قوانين صارمة تتعلق بالتحرش في مواقع التواصل الاجتماعي بموازات التحرش في الأماكن العامة، إضافة إلى تدخل الأجهزة الأمنية مباشرة لوضع حد لهذه التجاوزات، خصوصا تلك التي تتعلق بالابتزاز الذي يعد جريمة يعاقب عليها القانون أشد عقوبة لما له من تأثيرات نفسيةعلى الشخص الذي وقع عليه فعل الابتزاز.
أسباب التحرش على السوشيال ميديا
تعاني نسبة كبيرة من الناس في مجتمعاتنا من خلل وعقد نفسية وكبت ومشكلات اجتماعية خطيرة لايملكون الجرأة لحلها ومعالجتها على أرض الواقع،فوجدوا ضالتهم في الفضاء الافتراضي الذي يتسللون إليه كخفافيش الليل يستخدمونه لأهداف خبيثة تعكس دناءة أصحابها في إيقاع الكثير من الأنفس البريئة في شراكهم،وتخديرها بالكلمات المعسولة بسم قاتل حتى يسيطروا عليها سيطرة كاملة من أجل تنفيذ رغباتهم الشريرة،ولو على حساب حياة الآخرين ومستقبلهم. كما أن التجربة الضعيفة للكثيرين بسبب حداثة استخدامهم لهذه المواقع جعلتهم يقعون في أخطاء فادحة، لأنهم يرون في هذا العالم الوهمي عالما ورديا يحققون فيه كل رغباتهم التي لا يستطيعون تلبيتها وتحقيقها في واقعهم نتيجة جبن وضعف. ومن جهة أخرى نتيجة العادات والتقاليد الاجتماعية، كما أن هناك سببا وجيها من أسباب التحرش لا بد من ذكره وهو الصفحة المعرفة لمستخدمات مواقع التواصل الاجتماعي،فتجد بعضها يشكل سببا وجيها لتكون فريسة سهلة للذئاب الضالة لأنها لم تحصن نفسها وصفحتها التي تبدو مغرية بقصد أو بغير قصد، فأوقعت نفسها بنفسها في غياهب الجب.
الإعلامية شخصية عامة تتعرض للتحرش
يتعرض المشاهير بشكل عام للكثير من التحرش بمن فيهم الإعلاميات، فتجد التعليقات بعيدة كل البعد عن موضوع الطرح، فتقرأ تارة مغازلات وكلاما لا علاقة له بالأدبيات، ناهيك بالرسائل اليومية التي لاعلاقة لها بالأخلاق والسلوك الإنساني السوي. هناك ازدواجية مرفوضة لمن يقوم بهكذا أفعال لأنك عندما تتفقد صفحاتهم تجدهم ينظرون ويخطبون ويتشدقون بالمبادئ التي من المؤكد يفصلونها على مقاسهم، لكن في نفس الوقت يتردد كلام عن تحمل بعض الإعلاميات جزءا من المسؤولية بفتحهن المجال للبعض وفتح النوافذ، التي لا بد أن يدخل منها النسيم الطيب كما قد يدخلها ريح مدمرة.
صحيح أن الإعلامية شخصية عامة،لكن هذا لا يعني أن تقبل الصداقات من أصحاب الحسابات الوهمية والصفحات المشبوهة، فمطلوب منها أكثر من أي شخص آخر أن تكون نموذجا في اختياراتها، وأن تكون صارمة في الرد و يجب ألا تسمح بالتمادي والقبول بالتجاوزات حتى لا تستمر.
سبل محاربة التحرش الإفتراضي
من المؤكد أن التحرش جريمة تعاقب عليها القوانين وتنبذها الأخلاق والمجتمعات، وصحيح أن بعض القوانين لم تواكب التطور الحاصل على مستوى الفضاء الرقمي رغم خطورة هذه الظواهر، كظاهرة التحرش الافتراضي التي ارتفعت نسبتها بشكل رهيب ومقلق، لذلك لا بد من اتخاذ تدابير احترازية لعدم الوقوع ضحية للتحرش. على رأس هذه التدابير عدم قبول صداقات مشبوهة ووضع الثقة العمياء في شخصيات افتراضية والتسليم لأناس لا نعرف معدنهم لأنهم لا يملكون ضميرا حيا يراقب تصرفاتهم وأفعالهم، فقط يستغلون الأوضاع النفسية والاجتماعية التي تمر بها كثير من الفتيات التي يركن لضعف فيهن لهؤلاء الذئاب البشرية التي لا ترحم.
لا بد من تحرك السلطة التشريعية لإصدار قوانين صارمة بالتحرش على مواقع التواصل الإجتماعي، كما يجب على كل من تتعرض للتحرش ووقعت في فخ الابتزاز أن تكون قوية وتتصل بالأمن وتتقدم بشكوى في إطار الجرائم الإلكترونية، وتحتفظ بكل الرسائل كدليل من أجل مواجهة المتحرشين ووضع حد لهم.
كاتبة واعلامية جزائرية