الحزم وليس الاسترضاء
أ. موسى افشار
أكثر من ثلاثة عقود من المفاوضات والتواصل الدولي مع نظام الجمهورية الاسلامية الايرانية، وذلك سعيا لتحقيق هدفين؛ الاول: العمل على تغيير سلوكها، والثاني: التمهيد في سبيل تغييرها من الداخل.
لقد اعتقدت البلدان الغربية وبخاصة الولايات المتحدة الاميركية يمكن تحقيق أحد هذين الهدفين، أو كليهما، من خلال اتباع سياسة المسايرة والاسترضاء في سبيل إيجاد منفذ أو ثغرة للتسلل الى داخل النظام.
ذروة هذه السياسة تجلت خلال عهدي محمد خاتمي وحسن روحاني، وهما كانا يمثلان جناح ما سمي”الاصلاح والاعتدال”، حيث إن الغرب عموما، وواشنطن خصوصا، راهنتا على هذين الرجلين والمزاعم التي كانا يتشدقان بها ليل نهار، والمثير للسخرية ان وخلال عهدي هذين الرئيسين نفذ النظام أكثر مخططاته عدوانية، فخلال عهد خاتمي شرع النظام في برنامجه النووي، أما في عهد روحاني فقد وسع من دائرة تدخلاته في بلدان المنطقة، وواصل مساعيه السرية من أجل حيازة الاسلحة النووية الى جانب النشاطات الارهابية.
أكثر ما يلفت النظر ان البلدان الغربية لا تجشم نفسها عناء طرح سؤال عما جنته من سياسة الاسترضاء والمسايرة، والى أي حد قد نجحت هذه السياسة في التأثير على النظام الايراني، ذلك إن الجواب سيكون صادما بالنسبة لها، لأنها تثبت حقيقة فشل هذه السياسة ووصولها الى طريق مسدود، لاسيما بعد افتضاح مزاعم الاعتدال والإصلاح، وانكشاف حقيقتها الواهية المخادعة.
وبعد كل هذه الأعوام من التواصل الغربي مع النظام وكل تلك المسايرة والاسترضاء، فإنه لم يغير سلوكه، بل على العكس من ذلك قد أصر عليها أكثر من أي وقت مضى، كما انه انتهى أمر تيار الاعتدال والاصلاح، ولم يعد له أي دور لكي تتم المراهنة عليه!
الحقيقة ان البلدان الغربية لا تريد أن تستوعبها هي استحالة تحقيق مسألتين في ظل هذا النظام، الاولى: استحالة تغيير النظام سلوكه لأنه لا يمكن أن يتخلى عن نهجه الديني المتطرف، كما ان من المستحيل أيضا تغييره من الداخل لأن جميع أجنحة النظام تريد العمل على كل ما من شأنه يساعد على بقاء النظام واستمراره، ولهذا فإن البلدان الغربية، حتى إن لم تعترف بهذه الحقيقة لكنها صارت أكبر من التهرب بالاعتراف بها، فهي تفرض نفسها على أرض الواقع.
منذ أن شرعت البلدان الغربية بسياسة مسايرة واسترضاء النظام الايراني، فإن رئيسة الجمهورية للمقاومة الايرانية، مريم رجوي، قد أكدت مرارا وتكرارا أن هذا النظام لا يمكن أن يفهم أي لغة غير لغة الحزم والصرامة، وإن مسايرته، والسعي من أجل استرضائه يصب في مصلحته فقط.
ومن اللافت للنظر إن السيناتور جوزيف ليبرمان، وفي مقابلة له مع “سيماي آزادي” (قناة الحرية)، قد قال أكد حقيقة وواقعية ما تطالب به مريم رجوي، عندما قال: “إذا لم تستطع تغيير سلوك نظام طهران، فعلينا تغيير النظام. ليس بمعنى احتلال الولايات المتحدة لإيران، لكن دعمها العلني لإنهائه لمصلحة أولئك الذين يحاربونه إلى جانب الشعب الإيراني”، وهذه هي الحقيقة التي يجب على البلدان الغربية الاذعان لها!
عضو لجنة الشؤون الخارجية
في المجلس الوطني للمقاومة الإيرانية