الحلم الاقتصادي وداعاً؟ (2 من 2)

0 440

د. لويس حبيقة

خلال فترة 2005 – 2019 تردت الأوضاع الاقتصادية اللبنانية تدريجيا وارتفعت مؤشرات الفقر وغابت العلاقة الصحية بين الحكومات والمواطن، والفراغات المتتابعة في قيادة البلد أضرت بمعنويات المواطن وأمله بمستقبل زاهر، وكان للخلافات السياسية الحادة الأثر الكبير على الاداء الاداري العام، ولم تستطع الدولة تثبيت قوتها السيادية على الأرض بسبب التقصير وسوء المسؤولية والعلاقات القوية لبعض الفرقاء مع الخارج. باختصار غضب المواطن اللبناني مما يجري ونزل الى الشارع في 17 اكتوبر 2019.
خامسا: فترة 2019 حتى اليوم تتميز بالثورة المستمرة على الواقع، لكن الأمور لم تتغير بعد أو بالأحرى لم تتحسن بعد، واستمرت السياسات الاقتصادية الخاطئة وبخاصة دعم السلع بمستويات لا يمكن للاقتصاد تحملها، وعوض تخفيف الدعم تدريجيا أوقفته الحكومة بسرعة لأن الاحتياطي النقدي تدنى الى مستويات خطيرة، وأخطر ما نتعرض له اليوم هو ضرب العلاقات المميزة مع دول “مجلس التعاون” الخليجي ودفعها الى حدود لم نعرفها سابقا.
اصيبت هذه العلاقات لكنها لن تنكسر لأن اللبناني والخليجي يريدان الاستمرار بها، وما يقلق اليوم هو هجرة أطباء وقضاة ومعلمين وتقنيين وغيرهم وبأرقام مخيفة. والشعب اللبناني متروك ولا ضمانات تأمينية واجتماعية، وهذا يسبب القلق والخوف من المستقبل. جاء انفجار الرابع من اغسطس المدمر وما تبعه في حادثة اكتوبر الماضي لتشير الى الأوضاع القانونية الهشة التي نعيش خلالها.
سقوط الليرة بعد سقوط الدولة عمليا أفقر الجميع وتدنت الأجور الى حدود لا تحسدنا عليها حتى أفقر الدول الأفريقية والآسيوية. نعلق اليوم كل الأمل على التغيير عبر الانتخابات النيابية والرئاسية مع توحد المعارضة الصادقة مما ينتج ليس فقط تغييرا في الأشخاص، وانما تغييرا نوعيا في الاداء احتراما للمواطن الخائف وللشباب الذين يريدون بناء مستقبل زاهر ضمن ال 10452 كلم2. أهم ما يمكننا فعله هو محاولة تخفيف الخسائر عبر الضغط الشعبي على الحكومة لتحقيق الانتخابات في بداية 2022 بانتظار عودة الأموال الخاصة والتحسن في اوضاعنا السياسية الداخلية. المهم أن لا تنعكس السياسة على الأمن لأنه عندها نفقد أي أمل في النهوض والتغيير. الحلم الاقتصادي اصيب في صميمه وربما ننقذ بعض الجوانب اذا قصرنا الوقت الحالي الضائع والقاتل.

خبير اقتصادي لبناني

You might also like