الدعم الذي يتمتع به فيلق القدس ومرتزقته في المنطقة
ضياء قدور
كثيراً ما نرى جنوداً إيرانيين في التمارين العسكرية التي يجريها الجيش الإيراني متمترسين بعتادهم وأسلحتهم المتهالكة والقديمة العائدة لثمانينيات القرن الماضي، في حين نشاهد صورة مختلفة تماماً لعناصر ووكلاء “فيلق القدس” في كل من سورية ولبنان واليمن والعراق، متسلحين بمعدات وتجهيزات حديثة ترقى لمجموعات الاقتحام السريع والقوات الخاصة المجهزة جيداً.
ومع التدقيق أكثر، تظهر احد التدريبات صورة أحد الجنود التابعين للجيش وهو يحمل بندقية “كلاشينكوف” مع حمالة يبدو أنها حبل تم ربطه لوضعها على كتفه، مع خوذة قديمة جداً تعود للحرب العالمية الثانية، لا توفر أدنى حماية للجندي أثناء المعارك، مع انعدام وجود أي تجهيزات حماية أخرى كالخوذ والدروع الواقية.
هذا في حين نشاهد وشاهدنا في سورية خصوصا في كثير من الأحيان مرتزقة “فيلق القدس” مجهزين بأحدث المعدات والأسلحة الفردية من أسلحة أمييكية أو غربية متطورة، وأدوات الحماية الشخصية، والدروع الواقية، وأجهزة الرؤية الليلية أو الكاميرات الحرارية أو الرؤية تحت الأشعة الحمراء.
هذه المفارقة الغريبة لا تتوقف عند حد التجهيزات الفردية، بل يتعدى ذلك للوصول للمركبات التي يوفرها نظام الملالي لكل من الجيش الإيراني ومرتزقة “فيلق القدس” في المنطقة.
جميعنا شاهدنا المدرعات التي أرسلها الفيلق إلى ميليشيا “الحشد الشعبي”، وهي مركبات حرمت منها الجيش الإيراني، وحرس الحدود.
في الحقيقة، توجد الكثير من المعدات والعتاد العسكري الحديث التي تمتلكها قوات حرس الملالي وفيلق القدس ومرتزقته من “الحوثيين” و”فاطميون” وغيرهما في المنطقة، وهي معدات لا يمكن لكثير من الفرق العسكرية الأكثر نخبة في الجيش الإيراني، وبخاصة حرس الحدود، الوصول إليها.
يجب النظر في هذا البذخ الخارجي والبخل الداخلي في توزيع الميزانيات العسكرية والدفاعية بين الجيش الإيراني و”فيلق القدس” ومرتزقته الخارجيين الذين يعملون على تصدير الإرهاب الخارجي، وتكثيف القمع الداخلي.
يرى النظام أن الاستمرار في هذا النهج كفيل باستمراره في الحكم، لذلك تجد الداخل الإيراني الذي سيطر حرس الملالي اليوم على أغلب مقدراته الاقتصادية يعيش بغالبيته تحت خط الفقر، في حين يتبجح متزعم “حزب الله” حسن نصر الله متفاخراً بأن كل الطعام والملابس، بالإضافة إلى الأسلحة والمعدات الخاصة بحزبه يأخذها من نظام الملالي.
لكن هذه الحيثية تكشف عن نقطة مهمة أيضاً، وهي أن كل استعراض العضلات والقوة الزائفة التي يفاخر بها الملالي في المنطقة سرعان ما تتهاوى عند أول اختبار للنظام على المستوى الداخلي، لتظهر خيوط بيت العنكبوت الواهنة لقواعد الملالي الداخلية العسكرية والاجتماعية والأمنية.
بناءً على المعلومات التي كشفت عنها سابقًا منظمة “مجاهدي خلق” ينفق نظام الملالي ما بين 15 و 20 مليار دولار سنويًا في سورية، وفي عام 2017 ، كشف مكتب المجلس الوطني للمقاومة الإيرانية بواشنطن في كتاب بعنوان “إيران: صعود الإمبراطورية المالية لحرس الملالي” عن أن “النظام الإيراني يدفع نحو 100 مليون دولار سنويًا مقابل رواتب المرتزقة المرسلين إلى سورية بإشراف فيلق القدس”.
في الحقيقة يمتلك حرس الملالي عبر ذراعه الخارجية “فيلق القدس” جميع معايير التنظيم الإرهابي الأجنبي، وبالتالي يجب وضعه على القائمة السوداء للمنظمات الإرهابية، وتجميد كل موارده المالية التي يستخدمها لأغراض خبيثة.
كاتب وباحث في الشأن الإيراني