الزود نقص
صقر عيد الخضير
قيل في ما مضى: الاستبداد رأس كل بلاء، و اذا لم نسلم بذلك كل التسليم فأعتقد أنه لن يقول بأنه أمر ايجابي الا المتطرف في حكمه، خصوصا أن الاستبداد لكي يكون أمرا ايجابيا لا بد أن يقترن بمستبد عادل الى درجة الكمال، وهذا ما لا يمكن توفره. و بالمقابل ألاحظ أن الذين لا يتخذون الاستبداد منهجا ووسيلة للتعامل غالبا ما يكونون متمكنين مما يمتلكون من فكر ويتعاملون به فلا يضطرون الى الاستبداد الذي هو أداة تعويضية لعدم القدرة الحقيقية، و ان كان ضروريا أحيانا. و من وجهة نظري أو بتعبير آخر أن المستبد قد يلجأ الى هذا الاسلوب لعدم قدرته على الفوز في مضمار غيره، وربما ينجح ذلك على المدى القصير، لكن بالتأكيد لن يستمر ذلك، والأمثلة كثيرة، وأنه ليس الطريق القويم ان وجد مثل ذلك الطريق خالصا ولكن ما أمكن ذلك، و نحن هنا بصدد الاستبداد الفكري تحديدا.
هناك أشكال للاستبداد،وربما السائد هو الاستبداد السياسي المتمثل في السلطة المطلقة،سواء حاكم أو حكومة مستبدة، وهو الاستبداد الأكثر شيوعا،و قد يكون له أحيانا ما يبرره، و لكن هل يوجد ما يعرف بالاستبداد الاجتماعي؟ لا أعلم،و لكني ألاحظ أن هناك نوعا من السلوك الاجتماعي الذي تمارسه بعض جماعات الضغط في المجتمع،وقد يتنامى فعلها أحيانا الى نوع من أنواع الاستبداد المجتمعي. لقد كان يقلقني في مرحلة ما تنامي بعض الولاءات الأولية مثل القبيلة أو الانتماء المذهبي أو الطبقي، أو الفكري فوق الانتماء الأسمى للدولة، ولكني ألاحظ الآن نوعا من الاستبداد المتبادل بالطرح بين الأطياف الفكرية المكونة للمجتمع بطريقة مستفزة وغير قابلة للآخر. وهناك طرح مستبد موجه بطريقة عكسية غير مألوفة للسلطة أحيانا بصورة مجتمعة وليس العكس،و أحيانا تكون القوة الممثلة للجموع ترضخ لنوع من الفكر السائد الذي ليس بالضرورة أن يكون صحيحا، وممكن أن يكون أحاديا من تجمع يملك كما لا يستهان به ويستبد برأيه ولو عن طريق الطرح المروج له بصورة تجعل له آثارا سلبية في المجتمع،وليس بالضرورة أن يراعي مصلحة عامة بقدرالتكسب من مصلحة آنية.
صحيح أن الثقافة المجتمعية الراقية وأهلية المجتمع التعليمية هي الحل الناجع لمثل هذه المشكلة،هذا مهم، وأيضا من المهم و جود نوع من الطرح طبيعي الحجم المعارض للسياسة الرسمية السائدة لتحقيق المصلحة العامة، وهو بالمحصلة أمر صحي. لكن أن يمارس معظم المجتمع هذا الاستبداد المتبادل والشامل أحيانا فهل هذا أمر صحي؟ مع عدم توفر المرونة المطلوبة سياسيا أحيانا أخرى، وربما هناك استبداد مبتذل ومواز للسياسة الرسمية في بعض القضايا. أعتقد أن الأمور يجب أن يكون لها نوع من التوازن لأن الزيادة كما هو معروف في أمر ما مثل النقصان تؤدي للخلل، وهذا ينطبق على جميع أطراف المعادلة.
كاتب كويتي