الستراتيجية الصينية في تلقين الدروس

0 332

أدهم محمود

يوم 18 أبريل أعلنت السلطات الصينية عن تأسيس منطقتين إداريتين في جزر باراسيل وجزر سبراتلي، في بحر الصين الجنوبي، مما أدى الى احتجاج فيتنام شديد اللهجة ووصفت الخطوة الصينية بانها “انتهاك خطير لسيادة فيتنام”، وطالبت الصين بـ”احترام سيادتها والتخلي عن قراراتها الخاطئة”.
وفي وقت سابق من شهرأبريل احتجت حكومة هانوي على إغراق خفر السواحل الصيني لقارب صيد فيتنامي قرب جزر باراسيل، مما يزيد من التوتر في بحر الصين الجنوبي الذي يضم جزءا من المحيط الباسيفيكي، ويمتد من سنغافورة إلى مضيق ملقا في الجنوب الغربي ثم إلى مضيق تايوان الذي يقع بين تايوان والصين، وهذه المنطقة تضم أكثر من 200 جزيرة صغيرة تمتد على مساحة لا تبلغ ثلاثة أميال مربعة، وتعتبر مهمة، سياسيا وستراتيجيا، الأمر الذي فاقم من وتيرة النزاعات، فالصين تطالب تقريبا بكل بحر الصين الجنوبي والجزر الموجودة في محيطه، وتمكنت عام 1974 من إحكام سيطرتها على بعض الجزر التي كانت تابعة لفيتنام وحافظت على سيادتها عليها انطلاقا من حدودها البحرية والسجلات التاريخية التي تحتفظ بها.
وتاريخ الصراع بين فيتنام والصين في بحر الصين الجنوبي مؤلم فالاشتباكات العسكرية حدثت في مارس 1988 حيث جرى اشتباك مسلح بين الأسطولين الفيتنامي والصيني من اجل السيطرة على أرخبيل سبارتلي في بحر الصين الجنوبي وهو موضع نزاع أيضا بين الفلبين وماليزيا وتايوان، وقد نجحت الصين في تحقيق هدفين، أولا تأكيد سيادتها على مجموعة من الجزر التي استولت عليها، وثانيا توجيه ضربة مؤثرة الى القوات البحرية الفيتنامية في ظروف غير مواتية لها فما كان من فيتنام إلا ان طالبت بالتفاوض والامتناع عن استخدام القوة في تسوية المنازعات مع الإبقاء على الوضع القائم .
أطلق المحلل العسكري الميجر جنرال شيلفورد بيدويل على هذا الشكل من أشكال الستراتيجية العسكرية الصينية “حرب تلقين الدروس”، ونتيجة لهذه التطورات أقامت فيتنام شراكة مع عدوها الأمريكي القديم, فمنذ سريان اتفاقية التجارة بين البلدين في عام 2001 ، ارتفع حجم التبادل التجاري بين البلدين من مليار دولار عام 2000 إلى نحو45 مليار دولار عام 2015 إضافة الى الروابط العسكرية ؛و في 7 يوليو 2015 وبمناسبة الزيارة التاريخية للأمين العام للحزب الشيوعي الفيتنامي “نجوين فو ترونج” للولايات المتحدة الأميركية، اعتمدت كل من أميركا وفيتنام إعلانًا مشتركًا حول العلاقات الدفاعية يذكرنا بمذكرة التفاهم في عام ،2010 والحوار السنوي حول سياسة الدفاع، ثم رفعت واشنطن جميع القيود عن بيع الأسلحة إلى فيتنام، والسبب ان الولايات المتحدة تعترض على وجود الصين في بحر الصين الجنوبي.
وسبق ان أعلن قادة البنتاغون مرارا وتكرارا أن “أنشطة الصين في بحر الصين الجنوبي يمكن أن تقابل بعواقب في أماكن أخرى… وواشنطن مصممة على ضمان ألا يستطيع أي بلد بمفرده تغيير القانون الدولي” وترى واشنطن ان التمسك بحرية الملاحة والتحليق فوق بحر الصين الجنوبي بناء على ما تسميه حرية الملاحة في البحار الدولية امرا مضمونا بموجب اتفاقية الأمم المتحدة لقانون البحار، الذي ينص على أن أعالي البحار مفتوحة أمام جميع الدول، الساحلية وغير الساحلية.
وتعتبره امراً حيويا للدفاع عن مصالحها الأمنية الوطنية، وهو بيان صريح ومباشر للالتزام الأميركي القوى بمنع أي محاولة لتحويل بحر الصين الجنوبي الى بحيرة صينية، ان سلوك الصين دفع دول المنطقة بما فيها فيتنام الى البحث عن قيادة أمريكية قوية.
ولكن من الواضح أن فيتنام سعيدة بالانتشار العسكري الأميركي في بحار شرق وجنوب شرق آسيا، الذي يوجه رسالة إلى الصين، ولكن لا فيتنام ولا الولايات المتحدة يمكنها بأي حال أن تتصور أن أنشطة البنتاغون العسكرية سترهب الصين وتدفعها إلى سحب قواتها حتى من أصغر جزرها في بحر الصين الجنوبي.

باحث متخصص في الدراسات الآسيوية

You might also like