“الشال”: تطورات النفط والبورصات العالمية تتحكم في مصير الكويت تشكيل فريق لمتابعة أزمة البنوك الأميركية ضرورة لتجنب خطأ غير محتمل يدفع ثمنه المواطنون والأجيال القادمة
“المركزي” أعلن سريعاً ضآلة تأثير الأزمة محلياً ونتوقع مواقف مماثلة إن طال التعثر بنوكاً كبيرة
الحكومة مطالبة بالتحوط من تداعيات سقوط “سيليكون فالي” لتجنب سيناريو أزمة 2008
حدوث الأزمة بالتزامن مع تشكيل جديد للحكومة يعيد بعض الوعي بحجم المخاطر القائمة والمحتملة
ما يحدث في الكويت حتى هذه اللحظة هو سياسة مبرمجة لزيادة السرعة واختصار وقت الاصطدام بالحائط
رصد تقرير الشال الاسبوعي حدث عالمي مهم هز الاسواق العالمية خلال الايام القليلة الماضية ، حيث قال حول قراءة في تداعيات سقوط “بنك سيليكون فالي” اننا لسنا أفضل من يكتب في مسببات سقوط البنك، لذلك سوف ينحصر تعليقنا على آثار سقوطه المحتملة على الاقتصاد الكلي للعالم لكي نستخدمها مدخل لاحتمالات تأثيرها على اقتصادنا المحلي، لعل وعسى يتم التحوط لها سلفاً.
وحلل الازمة وتداعياتها على الاقتصاد المحلي قائلا: الحال للدول ليس مثل الحال للأفراد أو الشركات، إصابة الأفراد أوالشركات في حال اتخاذهم قرارات خاطئة ينحصر ضررها بالفرد أو مجموعة المساهمين، بينما خطأ الدولة يدفعه كل الناس ولأجيال عديدة قادمة. لذلك، يبقى القرار الحصيف على مستوى الدول هو التحوط من أسوأ سيناريو، ولا بأس من الأمل في الأفضل، وفي بلد فريد في وضعه يولد فيه القطاع العام 70% من اقتصاده، ويوظف 83.6% من عمالته المواطنة، وفيه مئات الألوف تنتظر الوظيفة، وفي وضع فيه إيرادات النفط تمول 90% من نفقات موازنته العامة، تكلفة خطأ عدم التحوط غير محتملة.
بداية، نعتقد بأن بنك الكويت المركزي قام سريعاً بإعلان صحيح حول ضآلة تأثير أزمة “بنك سيليكون فالي” على القطاع المصرفي الكويتي، ونتوقع منه مواقف سريعة مماثلة وفق تطورات الأزمة، خاصة إن طال التعثر بنوكاً كبيرة.
وعلى مستوى الاقتصاد الكلي، سوف تبدأ السنة المالية 2024/2023 بعد أقل من أسبوعين بموازنة ارتفع مستوى نفقاتها عن مستوى نفقات السنة المالية الحالية 2023/2022 بنحو 11.7%، وبلغت نفقاتها رقم قياسي بحدود 26.3 مليار دينار ، مع انحراف تخصيص النفقات بطغيان النفقات الجارية بارتفاع نسبتها من 87.5% للموازنة الحالية إلى 90.5% للموازنة القادمة. وللتذكير فقط، تبلغ نفقات الموازنة القادمة نحو 6.5 ضعف حجم نفقات موازنة السنة المالية 1999/2000، وأي اسقاط على المستقبل وبأدنى معدل للنمو في مستوى النفقات، سوف يجزم بعدم استدامتها، أو ينذر بحريق للمالية العامة تستحيل السيطرة عليه، أو ما أسماه كل مستشارو الحكومة الأجانب، بالاصطدام بالحائط.
وأياً كان السيناريو المحتمل، سوف يؤثر على جانب الطلب على النفط ويضغط على أسعاره وربما انتاجه إلى الأدنى، وقد فقد برميل خام برنت في أسبوع واحد ما بين 9 و15 مارس الجاري نحو 9%، وقد يتضاعف الأثر السلبي على أسعار وإنتاج النفط إن توقفت الحرب الروسية الأوكرانية. وأياً كان السيناريو المحتمل، سوف يتسبب بانخفاض أسعار الأصول المالية، وحتى نهاية يوم الأربعاء الفائت 15/03/2023، فقد المؤشر العام لبورصة الكويت 2.8% وفقد الداو جونز 1.2% خلال أسبوع واحد إلى جانب خسائر الاستثمار في السندات، وسوف تستمر البورصات في حالة من التذبذب الحاد، وعليه سوف تفقد مدخرات النفط جزء من قيمتها، وقد تكون الخسارة صغيرة ومؤقتة في حال تحقق السيناريو الأول، وقد تكون مؤلمة في حال تكرار سيناريو عام 2008.
وبينما متغيرات سوق النفط ومتغيرات بورصات العالم تتحكم في مصير الكويت، لا تأثير للإدارة العامة في الكويت على تلك المتغيرات، وواجب الإدارة العامة في الكويت أن تتحوط لسيناريو مشابه لما حدث في عام 2008.
ولإعطاء مؤشر على حركة تلك المتغيرات في تلك الحقبة، فقد الداو جونز نحو 33.8% من مستواه في عام 2008، وفقد مؤشر الكويت الوزني يومها نحو 43.1% من مستواه. وفقدت إيرادات النفط في السنة المالية 2009/2010 نحو 15.9% من مستواها، وفي أحداث أخرى فقدت إيرادات النفط نحو 46.3% من مستواها في السنة المالية 2015/2016، وفي زمن جائحة كورونا فقدت إيرادات النفط 42.8% من مستواها في السنة المالية 2020/2021. ما يحدث في الكويت حتى هذه اللحظة هو سياسة مبرمجة لزيادة السرعة واختصار وقت الاصطدام بالحائط، ولعل حدوث الأزمة متزامناً مع تشكيل جديد للحكومة، يعيد بعض الوعي بحجم المخاطر القائمة والمحتملة، ورغم اعتقادنا بأن الأمل ضعيف في إستعادة الوعي، لكن، لا بأس من التمسك بالأمل، وليت الأمر يبدأ بتشكيل فريق أزمة محترف يتابع تطوراتها أولاً بأول.
وقال التقرير ان صعوبة الأوضاع الحالية تكمن في أنها تقع والعالم يواجه متلازمة ارتفاع معدلات التضخم مع ضعف في نمو الاقتصاد ما يجعل البنوك المركزية وهي في مقعد قيادة الأزمة في حيرة كبيرة لمواءمة التناقض ما بين تأثير رفع أسعار الفائدة من أجل كبح التضخم، وآثاره السلبية على النمو، والخطأ في تحقيق تلك المواءمة، أي التوقف المبكر أو الإسراف في الزيادة، قد يدفع إلى ركود طويل وعميق، وربما كساد.
والسيناريوهات المحتملة في تقديرنا هما إثنان، أو شيء فيما بينهما، الأول والأفضل هو أن ينجح فريق إدارة الأزمة في حصرها في حدود ضيقة، وأولى الخطوات كانت ضمان ودائع البنك أو البنوك التي لحقته أو أخرى قادمة بمشاركة ما بين مؤسسة ضمان الودائع الفيدرالية والفيدرالي الأمريكي، إلى جانب منح تسهيلات ائتمانية للقطاع لمدة عام لدعم العملاء، مع إجراءات عقابية مثل طرد الإدارة التنفيذية والتضحية بالمساهمين. وودائع البنك مصدر الأزمة تبلغ 177 مليار دولار ، نحو 86%، أو نحو 152 مليار دولار منها لا يشملها التأمين الذي تبلغ حدوده القصوى 250 ألف دولار، و4.8 مليار دولار فقط ضمنها مؤمنة بالكامل.
السيناريو الثاني والأسوأ هو تكرار سيناريو أزمة العالم المالية في عام 2008، وذلك قد يحدث إذا لم ينجح السيناريو الأول في تهدئة المخاوف ما يؤدي إلى ارتفاع معدل سحوبات الودائع عن المستوى الآمن وقد يتبعه استمرار في هبوط أسعار الأصول – الرهونات – ما يهدد بانتقال الأزمة إلى القطاع المالي، مع العلم بأن أوضاع القطاع أفضل بكثير حالياً.
واضاف التقرير إن تحقق مثل هذا السيناريو، تصبح احتمالات انتقال الأزمة إلى الاقتصاد الحقيقي إحتمالات كبيرة، ما يجعل الاتجاه إلى حقبة ركود اقتصادي عالمي أمر واقع بانعكاساتها السلبية على سوق العمل (البطالة) ، وعالم اليوم مختلف عن أوضاع 2008 من زاوية توافق مجموعة العشرين على مواجهة الأزمة، فدرجة الوفاق السياسي بين زعامات اقتصادات العالم الكبرى أدنى بكثير، واحتمالات تكرار تعاونهم الفعال باتت أضعف. ونحن نرجح تحقق سيناريو وسط ما بين السيناريو الأول والثاني، أي، لن يكون هناك إحتواء سريع وكامل للأزمة، ولن يكون هناك انفراط بحجم ما حدث بعد 2008، وإجراءات الفيدرالي الأمريكي يوم الأحد الفائت والمركزي السويسري لاحقاً ترجح ذلك. وإن تحقق ذلك السيناريو، قد نشهد قريباً عودة عن سياسات التشدد النقدي رغم ارتفاع معدلات التضخم في شهر فبراير، فزيادة أسعار الفائدة الأمريكية المتوقعة يوم الأربعاء القادم قد تكون بالحد الأدنى، أي 0.25% إن حدثت، يتبعها توقف ولاحقاً البدء بخفضها، لأن ضعف النمو الاقتصادي قد يحقق هدفا التشدد النقدي، وهما كبح التضخم وارتفاع معدلات البطالة، بينما رفع أسعار الفائدة قد يضيف بنوك أخرى إلى حالة التعثر.