العام الهجري والهجرة النبوية

0 154

د.معراج أحمد معراج الندوي

مع اطلالة شهر المحرم تتمثل أمام العيون ذكريات من الهجرة، تلك الهجرة التاريخة التي تتجمل بها صفحات التاريخ الإسلامي، وتعتبر نقطة تحول للأمتين، العربية والإسلامية، من الضعف إلى القوة، ومن ضغط العوامل والظروف المعادية إلى مراحل الاستقرار والغلبة والانتصار.
هناك هجرات عدة قام بها رجال من التاريخ اتباعا لسنة الهجرة التي بدأت بهجرة الرسول عليه ألف ألف صلاة وتسليم، وكانت هجرة رسولنا القدوة مصدرا للعز والسعادة والاتساع، والشمول في العالم كله.
سجل التاريخ الإسلامي في أدوراه المختلفة نماذج رائعة لهذه الهجرة التي ظهرت فيها الشجاعة والصلابة العقدية بأكمل مظاهرها، وتمثل فيها الإيمان الراسخ.
بدأ الإسلام غريبا في أرض مكة، لم يلب دعوته التي تولاها رسول الله( صلى الله عليه وسلم) إلا عدد قليل تحصره أصابع اليد الواحدة.
لقد استمرت الأحوال على قسوتها واتساع نطاق الأذى والبلوة، لكن الإيمان بدين الإسلام الحنيف لم يضعف، بل ما زال يتقوى ويتعدى إلى القلوب، مهما تصاعدت نسبة المقاومة، والعنف، والمحنة ضد المسلمين، وظل الإسلام ينال القبول ويتزايد عليه إقبال الناس، وكانت الهجرة منطلقا كبيرا إلى العز والغلبة، وطريقا مستقيما نحو الازدهار والانتصار.
الهجرة النبوية التي أفاضت على العالم الإنساني برها ورفدها، وأنقذت الأمم والشعوب من أتعس حياة إلى أسعدها، ومن أشقى محيط إلى أنزهة، وللمرة الاولى في التاريخ يرتفع الإنسان إلى قمة الأخلاق والسعادة، ويشهد قيمة الإنسان الأمثل، وينتقل من حضيض الشهوات البهيمية إلى أوج الطاعة الإنسانية.
مع مطلع العام الهجري تتجدد ذكريات ذات شجون ودموع، وتتمثل أمام العيون صور مشرقة من معاني الهجرة.
شهد التاريخ مثالا نادرا لمؤاخاة بين المهاجرين والأنصار، ونالت دعوة الإسلام طريقها نحو البلاد والأمصار، فكانت الهجرة النبوية فاتحة عهد السعادة والاستمرار للمسلمين، وبداية عهد الاتساع والانتصار للإسلام.
مع بداية العام الهجري الجديد تتجدد ذكريات ذات شجون ودموع، وتتمثل أمام العيون صورا مشرقة من معاني الهجرة، التي تتيح لنا فرصة طيبة للاعتبار بالماضي والتخطيط للمستقبل.
وما أجدر الأمتين، العربية والإسلامية، وهما تستقبلان العام الهجري الجديد، ان تدرسا حياة صاحب الهجرة من جديد، تدرساها من زاوية الحياة الجديدة، هنا العبرة للمسلم قبل كل شخص في هذه الحياة العطرة، وهو سيتقبل العام الهجري الجديد، ويذكر حديث الهجرة، كلما أعيدت قصة الهجرة النبوية الكريمة وجعلت أحداثها، وأخبارها، وآثارها موضوع الحديث، وتجلت أمام الأعين تلك الحياة النبوية، وتمثلت ذكرياتها بجميع ما فيها من عبر ودروس، وتوجيهات وتعلميات لبناء الحياة السعيدة والمجتمع المثالي، ونشر معاني المودة والأخوة والحب والسلام.

أستاذ مساعد بقسم اللغة العربية وآدابها في جامعة” عالية كولكاتا” الهندية
merajjnu@gmail.com

You might also like