العقل الوطن ثم الوطن ثم المواطن
علي جابر الأحمد
يجب علينا بعد الكلمة السامية لسيدي صاحب السمو، والتي تفضل بقراءتها سيدي سمو ولي العهد، أن ننسى ما فات، وما يحتويه من سلبيات وصراعات، وننظر الى المستقبل والدور المطلوب لكل منا، ليكون مستقبلنا مشرقا بإذن الله تعالى، بدل الشماتة والنميمة لرجال قدموا ما لديهم من جهود، سواء نجحوا أو لم يوفقوا بها، ونبتعد عن بعض التصرفات والممارسات، والطعن بالأشخاص، وهي عادة غريبة على المجتمع الكويتي، وقد حذر منها القرآن الكريم باعتبارها من كبائر الذنوب، كما نهى المسلم أن يشمت بأخيه المسلم، كما قال النبي (صلى الله عليه وسلم):”لا تظهر الشماتة لأخيك فيعافيه الله ويبتليك”.
وقال تعالى “ولا تطع كلا حلاف مهين هماز مشاء بنميم”(صدق الله العظيم).
وما سمعناه وقرأناه في وسائل التواصل الاجتماعي بعد خطاب الحل ليس من أخلاق الكويتيين، ولا يمكن أن نتصور أن تصدر مثل هذه الكلمات من شعب معروف عنه حسن الضيافة، والكرم، والترابط الأسري والاحترام المتبادل.
فالجميع من أبناء هذا الوطن الغالي، ولا يمكن نتبرأ من أحد، أو نتخلى عن أحد، ولا الطعن من بعض للبعض الآخر، لأن الشعب الكويتي أسرة واحدة، والطريقة العقلانية المثلى هي أن نتخطى الماضي بفتح صفحة جديدة، نحسن بها اختيارنا الرجال والنساء المخلصين الذين نتوسم بهم الخير للكويت، بلا ذكر اسماء النواب السابقين، أو نعيب بهم لمجرد أنهم اختلفوا معنا في الرأي، ولا نريد أن يكون شعارنا “من لم يكن معي فهو ضدي”، لأنه شعار ديكتاتوري، والمطلوب حاليا الالتفاف خلف صاحب السمو وسمو ولي عهده الامين لنتجاوز هذه المرحلة الى مرحلة تعيد الكويت جمالها.
$ $ $
نصيحة وواقع
لمن لا يعرف أصول الحديث عليه أولا أن يرجع إلى خالقه لينعم بالراحة، ويستغفره ليكسب رضاه، ويرطب لسانه بذكره ليصحو ضميره بعد موته، ويعود عقله بعد فقدانه، ليحسن مخاطبة الاخرين، ويعي أن الحقيقة ليست كذبة، ولن يستطيع تغييرها وفق مزاجه.
قال الشاعر:
“اذا شئت أن تحيا سليما من الاذى
وحظك موفور وعرضك صين
لسانك لا تذكر به عورة امرئ
فكلك عورات وللناس ألسن
وعينك ان أبدت إليك معايبا
صنها وقل يا عين للناس أعين”
واعلم يقينا أن كل شيء إلى زوال، ودوام الحال من الحال، والدوام لله وحده جل جلاله.
فباشر بمعروف فإنك راحل، واترك قلوب الناس نحوك صافية، واذكر من الاحسان كل كبيرة وصغيرة، فلا شيء يدوم سوى طيب الذكر، وحسن المعشر، والله سبحانه وتعالى “لا تخفى عليه الخافية”، ولا تضع نفسك في المقولة التي يرددها أحد الاصدقاء “الخبال ما يمرح بالخلا”، لأنك بعدها ستكون من الذين ينطبق عليهم “العلم في قلب المهابيل ضايع”.
ما سبق ذكره نصائح لبعض الناس لعلهم يستفيدون منها ليعيدوا النظر في ما ذكرناه في المقالة السابقة عن الفارق بين جيل اليوم وجيل الأمس، فلا تستطيعون الطعن بالجيل الماضي لأنه جيل آبائكم وأجدادكم، كما يطلق على زمنهم الزمن الجميل، الذي يتغنى الجميع بكل ما فيه، وما يتبعه من رياضة، وفن، وكلمة تربط الرجل بلسانه قبل قسمه، ولا تعني المفارقة بأن هذا الجيل يخلو من شباب نفتخر بهم، ومتميزون باخلاقهم، ويسيرون في جيل آبائهم وأجدادهم بالعادات والتقاليد، وفي الوقت نفسه، لا يعني حديثي أن الجيل الماضي خال من السلبيات من بعض افراده، ومن الطبيعي في كل جيل ان تجد الحرامي، والكذاب، والحديث ليس على الفساد والمفسدين، ولا على اللصوص والمنافقين، فالنفس أمارة بالسوء في كل زمان ومكان، وما هي إلا مقارنة بين الجيلين، وتحديدا في الملاحظات المذكورة في المقالة السابقة، وهي واقعية ولا يستطيع من كلا انكارها.
$ $ $
حرب الشوارع
تعريف القيادة في العالم هي فن وذوق وأخلاق، وما نراه في شوارعنا ليس فنا ولا ذوقا ولا اخلاقا، بل هي رعونة واستهتار وتهور، فليس هناك التزام بالخطوط الارضية، ولا بالسرعة المحددة، مع وجود الكاميرات في كل شوارع الكويت، الداخلية والخارجية، ولا التقيد بحزام الامان، ولا بأي شي يتعلق بقانون المرور.
والحديث للفئة المستهترة الخارجة عن القانون فقط.
ومهما تكن شاطراً في القيادة، وملتزما قانون المرور لا تأمن على حياتك من بعد الله ومن ثم من مشاغبي الطريق، لذلك عندما يعود أحد أفراد الاسرة لمنزله يرفع يديه لله شاكرا على وصوله سالما معافى من أي حادث.
لذلك أصبح الخروج من المنزل في حالتين، إما للعمل أو للضرورة بسبب خطورة الطريق عند استخدامه ذهابا وإيابا، وغير ذلك عليك ببرود الاعصاب لو استطعت بسبب مفاجآت مستخدمي الطريق، ودخولهم المفاجئ عليك من حيث لا تعلم، علماً أن رجال المرور مشكورون يؤدون واجبهم على أكمل وجه، إلا أن تلك الفئة أكثر عدداً من رجال المرور، وكاميرات الطرق.
كما أن سيارات الاجرة الخاصة، وباصات النقل العام، لا تقل رعونة واستهتارا اذ بعض سائقيها يشاركون في السباق على الركاب، ووقوفهم المفاجئ للنزول والصعود، لذلك لا بد من رفع العقوبة المالية على المخالفين إلى أن تصل الى الحبس ومصادرة السيارة للسيطرة على الوضع الفالت، وتأمين الشارع من أي استهتار وتهور، و”مستشفى الرازي”وغيره من المستشفيات شاهد اثبات على عدد المصابين من حوادث الطرق.
فوضى بالشارع، وفوضى بالمؤسسات الحكومية، وفوضى في كل مكان، ولا رادع يردع إلا بأقصى العقوبة للحفاظ على أرواح الناس ومرتادي الطرق.