العمالة المصرية بالخارج

0 161

حمادة الأمير

تعد العمالة المصرية بالخارج احدى أدوات القوى الناعمة لمصر وحلقة وصل مهمة بينها وبين دول العالم، وأحد أهم روافد منظومة بناء الاقتصاد الوطني بما تمثله من المساهمة الكبيرة في ضخ عملات صعبة للبلاد قاربت عام 2021 على 32 مليار دولار.
ولهذا رأينا الدولة المصرية ممثلة في وزارة الهجرة والوزارات المعنية تُكثف جهودها لدعم المواطنين المقيمين في الخارج في ظل حالة عدم الرضا على أداء المسؤولين عن ملفات المغتربين، وإحقاقاً للحق لا يمكننا اختزال حل مشكلات المصريين بالخارج على وزارة الخارجية وقنصلياتها، بل الأمر يحتاج لتضافر جهود الوزارات المعنية كوزارة القوى العاملة ووزارة الهجرة، حيث يشعر أغلبية المغتربين بالخارج بفقد حلقة التواصل والربط بينهم وبين وطنهم وعدم تذليل العقبات والتحديات التي تواجههم، وعدم تلبية احتياجاتهم المشروعة، وخلق المحفزات في مختلف أمورهم سواء الاجتماعية أو الاقتصادية، ونتاج ذلك أصبح المغترب لا يلجأ لسفارة وطنه إلا في حالات نادرة عندما تتفاقم مشكلاته لأنه بداخله موروثات قديمة بأن السفارة لا تقدم له حلول وإنها بمعزل عن مشكلاته واحتياجاته.
ولتصحيح المسار وإعادة الثقة بين المغترب ووطنه يجب على الجهات المعنية إطلاق مجموعة من المحفزات والمزايا للمصريين بالخارج لتعزيز انتمائهم للوطن ولجذب واستقطاب استثماراتهم وتحويلاتهم، ومن بين ذلك إنشاء شركة مساهمة للمصريين بالخارج لتعظيم الاستفادة بدورهم في تعزيز الاستثمارات بمصر بحيث يملك كل شخص اسهماً بها ويكون رأس المال المقدم بالدولار، كذلك تبني فكرة ” معاش لكل مغترب” من خلال وثيقة تأمين باشتراك سنوي مقابل ضمان معاش يستحقه المغترب عند رجوعه النهائي للوطن كنوع من التقدير والعرفان، وإتاحة الاستثمارات في المشروعات الآمنة تحت مظلة الدولة مع حق كل مغترب في تملك مسكن خاص بالمدن الجديدة، كما يجب العمل على إطلاق حملة “سيارة لكل مغترب” دون جمارك مقابل وديعة دولاريه لمدة معينة تسترد بعد انتهاء مدتها أو بسداد جمارك مخفضة، وتسهيل إنشاء فرع للبنوك المصرية بالقنصليات لفتح الحسابات وإيداع الأموال بالعملة الصعبة، والعمل على تذليل عقبات الحوالات البنكية المرسلة من المغترب لأهله من خلال منع التزاحم وحُسن المعاملة بالبنوك، ويجب العمل على تخفيض أسعار تذاكر الطيران الوطني وتخفيض الجمارك على أغراض ومتعلقات المغترب فمن غير المعقول أن يُفرض على المغترب سداد الجمرك حتى على الهواتف الشخصية، وضرورة العمل على إعداد تطبيق إلكتروني بالهواتف الذكية يحتوي على جميع المعاملات في الجهات الحكومية المختلفة لتيسير تقديم الخدمات للمغتربين، وتكريم الإنسان المتوفي بشحن جثمانه على نفقة الدولة.
وفي المجال القنصلي يجب تسهيل جميع الخدمات القنصلية من خلال الاستفادة من التطور التكنولوجي بداية من تقديم المعاملات “أونلاين” نهاية باستلامها عبر البريد أو الحضور، ومنها تجديد جواز السفر وبطاقة الرقم القومي والشهادات والتوكيلات المختلفة، وذلك للقضاء على منظومة الطوابير غير الآدمية وحجز المواعيد، والقضاء على المدة الكبيرة التي تستغرق أشهرا لإنجاز واستلام المعاملات مما ينتج عنه مشاكل جمة للمغترب، كما يجب عقد لقاءات دورية مع المغتربين لتحقيق المزيد من التواصل الفعال معهم وسماع همومهم ومشاكلهم وأفكارهم، وتفعيل آلية سهلة وميسرة لتقديم الشكاوى والرد عليها بسرعة وانجاز، وتقديم الاستشارات والمساعدات القانونية للمغتربين وتوعيتهم بقوانين البلدان التي يعيشون بها مع توفير الحماية القانونية للمقبوض عليهم في القضايا المختلفة.
وفي مجال القوى العاملة يجب العمل على دراسة أسواق العمل القريبة لمصر دراسة وافية والتعرف على القطاعات التي تحتاج للعمالة حتى يتم تدريبها على أكمل وجه تجنباً لمشكلات العمل التي تقابل المغترب، ولتنظيم حق السفر وعدم تركه للعشوائية وعدم التخطيط. وفي الشأن الداخلي يجب تقويم وتسهيل بعض الأمور وأهمها ضرورة الاستقبال الآدمي في المطارات للقادمين والمغادرين بكرامة ويسر، وتوفير الموظفين بقدر كاف منعاً لتعطل المغترب واحساسه بعدم الاهتمام، كما يجب مواكبة التطور التكنولوجي والأساليب الحديثة في تقديم واستلام الخدمات والوثائق المختلفة وعلى رأسها سداد الضرائب “تصاريح العمل”، كما يجب قبول أبناء المغتربين بالجامعات المصرية بنفس مجموع القبول والتنسيق داخل مصر.
في النهاية نأمل رد الروح لجسد المغتربين من خلال الاهتمام بهم ورعايتهم وحل مشكلاتهم والحفاظ على كرامتهم فهم بحق أحد أهم جنود الوطن.

محام مصري

You might also like