“الفتنة الموؤودة” و”الفتنة المولودة” علشانك يامصر
فوزي عويس
المحنة التي مرت بها مصر قبل نحو أسبوعين، والمتمثلة في الحريق الكبير الذي شب في كنيسة الشهيد “أبو سيفين” وراح ضحيتها العشرات، الذين كانوا يعبدون الله تعالى، أدمت قلوب كل المصريين على اختلاف توجهاتهم وانتماءاتهم، وأعمارهم، لكن مع هذه المحنة كانت هناك منحة أثبتت للقاصي والداني أن الكارهين والكائدين والمتربصين بمصرنا الغالية لن يحققوا مآربهم الخبيثة والخسيسة في إحداث فتنة طائفية بين المسلمين والأقباط.
فقد رأينا كيف هب المسلمون من جيران الكنيسة لإنقاذ أشقائهم الأقباط في ملحمة وطنية رائعة لا يمكن أن تحدث الا في مصر”العظيمة”، كما أن إمام المسلمين فضيلة الدكتورأحمد الطيب توج هذه الملحمة، ليس فقط بتقديم واجب العزاء لأسر الضحايا، بل راح يجسد تعاليم الإسلام ويوجه بصرف إعانات مالية عاجلة لأسرهم، ويأمر بفتح مستشفيات جامعة “الأزهر” للمصابين.
كما كان تسابق المسلمين في تعزية أنفسهم وأشقائهم الأقباط عبر وسائل التواصل الاجتماعي، لافتا ومجسدا لحالة”الوطنية الواحدة” التي تأسست وتجذرت في عهد الرئيس السيسي.
هذه المنحة التي ولدت من رحم المحنة أثبتت للعالم من جديد أن الفتنة الطائفية في مصر موؤدة، وأن بابها مسدود مسدود مسدود، وهذا الواقع أزعج، من دون شك، الأشرار الفجار أهل الطابور الخامس، وجعلهم يتوجهون الى اللعب على أوتار “الفتنة الرياضية” التي يجب ألا ندفن رؤوسنا في الرمال، ونقر ونعترف أنها ولدت في الشهور الأخيرة، ولا يمكن لكائن من كان انكارها، ولابد من وأدها، وهي لا تزال في مهدها كي لا تصبح ككرة ثلج فيستفحل الداء ويعز الدواء.
التراشق بالاتهامات بين كبار الرياضيين، للأسف الشديد، وصل الى حد المساس بالأعراض وقذف المحصنات، ومعلقو المباريات ومقدمو البرامج الرياضية ومحللو المباريات انتهكوا الموضوعية، الا من رحم ربي، حتى أنهم تبادلوا الظهور كضيوف في برامج بعضهم بعضا.
وحتى مدربو الأندية ومديرو الكرة دأبوا على الاعتراض على حكام المباريات، فشجعوا اللاعبين على التمرد، والاحتجاج الدائم على قراراتهم الى درجة أنهم اذا وجدوا ما لا يحتجون عليه احتجوا على أنفسهم!
لا أقول بذلك من فراغ فقد حدث أن مدرب أحد الأندية الكبيرة أجرى تقسيمة بين لاعبي الفريق، واذ بلاعب يخرج عن طوره محتجا بطريقة لا أخلاقية على الحكم، الذي هو مدربه، لأنه جامل زملاءه من الفريق الذي يلعب معه المدير الفني فكان جزاؤه الطرد من الملعب!
أيضا بعض المسؤولين الرياضيين الذين يفترض أنهم قدوة شاركوا في هذه المهزلة فأحدهم وجدناه يشيد بتقنية “الفار” حتى اذا لم يعجبه قراره فيما بعد خرج علينا ليقول: “هنولع في الفار”، كذلك برامج الـ”يوتيوب” التي تبث بلا ضابط أو رابط بات فيها “سم قاتل”!
هل هذا يليق بالرياضة، وبمفهومها الراقي الذي يعلمنا الأخلاق والفروسية، والتي يقال عنها أنها “مصنع العقلاء، وعلى صخرتها تتحطم كل الشهوات لأنها ليست فقط بطولات، بل أخلاق كريمة وروح عالية في المقام الأول”؟
لا بد من وأد هذه الفتنة المولودة، وذلك من خلال مبادرات حكيمة تستهدف وضع الأمور في نصابها، وتنقذ النشء والشباب فهم ثروة الوطن، قبل أن يترسخ في نفوسهم هذا المفهوم السيئ للرياضة، كما أن الحوار الرياضي يجب أن يكون على رأس أولويات الحوار الوطني الذي نحن بصدده، فلا يليق بنا في ظل الجمهورية الجديدة أن يكون هذا واقعنا الرياضي… والله من وراء القصد.
* * *
آخر الكلام: الرياضة تربية للنفوس قبل أن تكون إحرازا للكؤوس.
صحافي مصري