الفساد الإداري وكثرة الكلام صراحة قلم
حمد سالم المري
لا أعلم، إلى متى سنظل نعيش في أجواء الفساد الإداري الذي نخر غالبية مؤسسات الدولة؟ هذا الفساد الذي سببه الأول والأخير نحن أبناء البلد، لأننا نحن الوزراء، ونحن أعضاء مجلس الأمة، ونحن الموظفين، وإذا قال قائل إن الفساد سببه بعض الجاليات المقيمة في البلاد، كونها أساسا تربت في دولها التي تئن من الفساد، وتطبعت به، ونقلته إلينا في البلاد، فالرد عليه بكل سهولة، أن هذه الجاليات ليس في يدها القرار الذي يتخذ، فهي مجرد يد عاملة تستعين بها الدولة، وتخضع لقوانين الدولة، فلو كنا نحن ـ أبناء الوطن ـ نعمل بإخلاص وجد، ونحترم تطبيق القانون، لما تجرأت أي جالية في نشر الفساد، ولكن بسبب تهاون البعض من أبناء الوطن، ومحاولة بعض سيئي النفوس الاستفادة من منصبه، أو بعدم الإخلاص في عمله، انتشر الفساد.
من صور الفساد الإداري، نقص ما يقارب من 2000 صنف من الأدوية المتعقلة بالأمراض المزمنة كأمراض القلب والسكر وضغط الدم، وبعض الأدوية الخاصة بالعناية المركزة للأطفال، في المستشفيات والمراكز الصحية الحكومية، رغم تواجدها في صيدليات القطاع الخاص.
هذا النقص، سببه البيروقراطية الحكومية وبطء إجراءاتها، التي قد تصل إلى عدم التنسيق بين قطاعات الوزارة الواحدة، فما بالك بالتنسيق بين الوزارات ومؤسسات الدولة المختلفة؟ حتما سيكون بطيئا، ومخرجاته ليست بالمستوى المطلوب.
قال لي أحد المعارف، وهو مدير إدارة في إحدى وزارات الدولة، إنه وصله كتاب رسمي من قطاع الشؤون القانونية يستفسر عن بعض الأمور من أجل الاستفادة منها في الترافع أمام القضاء كون هناك قضية مرفوعة على الوزارة من أشخاص، وقد وصله الكتاب الرسمي بعد أسبوعين من انتهاء موعد جلسة الحكم، مما أدى إلى خسارة الوزارة للقضية. فبسبب عدم التنسيق بين القطاعات، وطول وبطء إجراءات الوزارة أدى إلى تأخر وصول الكتاب، فترتب على ذلك ضياع حقوق الوزارة.
دول الخليج العربية، سبقتنا في الكثير من المجالات في سنوات معدودة، بل تغيرت ملامح هذه الدول 180 درجة بسبب التطور العمراني، والإداري، فشيدت القطارات، وحفرت متروالانفاق، وطورت من عملها الإداري الذي أصبح يرتكز على التكنولوجيا السريعة، حتى القضاء عندهم تطور، فأصبحت درجات التقاضي عندهم سريعة جدا لا تصل إلى سنة مهما كان نوع القضية، في الوقت الذي نعاني فيه من طول فترة التقاضي التي تصل إلى سنوات عدة.
هذه الدول لا يوجد فيها برلمان، بل فيها حكومات صادقة وحازمة، تعمل بجد، تطبق القانون على الكبير قبل الصغير، لا أحد عندها فوق القانون، ولا يوجد في قاموسها شيء اسمه “واسطة”، فالبرلمان من وجهة نظري تغلب عليه كثرة الكلام غير أي فائدة، وهذا ما نشاهده في واقع مجالس الأمة منذ عشرات السنين، حجتهم الوحيدة نحن أفضل من غيرنا لأن عندنا حرية الكلام، خلاف بعض دول الخليج، وكأن الكلام الكثير انجاز للبلد وللشعب، حتى لو ضرب الفساد البلاد، وأصبحت مثل لبنان تعاني من مشاكل سياسية، عطلت التنمية وخربت كل ما هو جميل موجود سابقا حتى الأدوية لم تسلم من الفساد الإداري. نسأل الله العافية.