الناجون من مجزرة نظام الملالي الإيراني 1988: “فرقة الموت” بزعامة رئيس النظام الحالي أذاقتنا صنوف التعذيب أكدوا لـ"السياسة" أنهم حكموا بالمؤبد خلال محاكمة مدتها بضع دقائق

0 1,351

حاورهم ـ نزار جاف:

رغم ان مجزرة صيف عام 1988، التي راح ضحيتها آلاف السجناء السياسيين الذين كان أغلبهم من منظمة مجاهدي خلق، كانت مصدر قلق للنظام الايراني لما تشكله من تبعات قانونية، إلا أن النظام كان يشعر بشيء من الراحة والطمأنينية طالما لم تتم إثارة ملف المجزرة قانونيا، لكن اعتقال المسؤول الايراني السابق حميد نوري في السويد والمتورط في تلك المجزرة ومحاكمته في السويد كذلك ومن ثم نقل المحكمة الى ألبانيا للاستماع الى شهادة شهود ناجين من تلك المجزرة، فإن الصورة كما تبدو ستبدأ بالتغيير وإن على مسؤولي النظام الايراني أن يستعدوا للملاحقة القانونية.
“السياسية” في خضم تغطيتها لمجريات الامور في هذه المحاكمة التقت ثلاثة من السجناء السياسيين الذين نجوا من الاعدام وأدلوا بشهادتهم أمام المحكمة في ألبانيا فأكدوا أن محاكماتهم لم تتجاوز بضع دقائق، حكم عليهم خلالها بالمؤبد من قبل من يسمون “فرقة الموت” بزعامة رئيس النظام الحالي إبراهيم رئيسي، وفيما يلي التفاصيل:

* زند: أجبروا السجناء أن يرقدوا على سرير ثم قيدوا أيديهم من أمامه وأرجلهم من خلفه وجلدوهم
* زادة: اصطحبوني إلى ممر الموت خمس مرات وشاهدت جرائم الملالي نيري ومحمدي ورئيسي
* جمع: التهمة الوحيدة للسجناء السياسيين المحكومين بالإعدام كانت دعم “مجاهدي خلق”

محمد زند
اصغر مهدي زادة
مجيد صاحب جمع

متى تم اعتقالكم وماذا كانت التهمة الموجهة لكم والحكم الصادر بحقكم؟
محمد زند: ولدت عام 1985 وعندما كان عمري 16 عاما تم اعتقالي وحكم علي بالسجن المؤبد في محكمة صورية استمرت بضع دقائق فقط، تمت إدانتي بكوني من أنصار مجاهدي خلق.
هل سمعتم بالفتوى التي أصدرها الخميني بحق مجاهدي خلق؟ وهل توقعتم محاكمتكم بسببها؟
محمد زند: طبعا لم أكن أعلم حينها أن الخميني أصدر الفتوى، لكن تم تشكيل فرقة موت من حسين علي نيري رئيسا لفرقة الموت، ومرتضى إشراقي مدعيا عاما، وإبراهيم رئيسي، الرئيس الحالي الذي نصبه خامنئي، نائبا للمدعي العام، ومصطفى بور محمدي ممثلا لوزارة مخابرات النظام، ورئيس هيئة السجون إسماعيل شوشتري.
وبحسب فتوى الخميني، فقد طرحوا سؤالا واحدا فقط، أظهر ما إذا كان سجين مجاهدي خلق لا يزال حازما وثابتا على مبادئه الثابتة لإسقاط النظام، وكان السؤال “ما تهمك؟” إذا كان الجواب على الكلمة هو مجاهدي خلق، فسيتم نقله على الفور إلى قاعة الموت لإعدامه، لكن لم أستطع أن أمتلك الشجاعة مثلهم وأن أدافع عن هويتي ومبادئ مجاهدي خلق حينها، لكن أخي رضا زند قال بفخر أن تهمته أنه كان من أعضاء “مجاهدي خلق”، وقبل حبل المشنقة، وتم إعدامه.
بعد الإفراج عني، كنت أشعر بالخجل دائما من أسر شهداء مجاهدي خلق، لأني بقيت على قيد الحياة، لكن أخيرا تمكنت من الوصول إلى “مجاهدي خلق” في العراق بعد جهد كبير وبشكل سري.
وقلت بصراحة إنني لا أستطيع أن أمتلك تلك الشجاعة وطلبت أن أقبل في النضال مرة أخرى، حتى أقدر نضال هؤلاء الشهداء وأكرم ذكراهم.
وبعد وصولي إلى صفوف “مجاهدي خلق”، تغير هذا الشعور بالخزي إلى إحساس بالمسؤولية وتكريم الشهداء وتعويض دينهم، والإدلاء بالشهادة في محكمة حميد نوري هو جزء صغير من تكريم وتقدير تضحيات هؤلاء الشهداء وعائلاتهم والشعب الإيراني ومنظمة مجاهدي خلق.
كيف كانت أساليب التحقيق معكم وهل تم ممارسة التعذيب معكم؟ وإذا تم ذلك، فهل تحدثنا عنها؟
محمد زند: تعرضت للتعذيب طيلة الأشهر الأربعة الأولى في سجن “إيفين”، ثم نُقلت إلى سجن قزل حصار، وبقيت في “إيفين” لمدة عامين، وأعدت إليه، هذه المرة تعرضت لتعذيب شديد بالكبل، ونفذ التعذيب حيث أجبروا السجناء أن يرقدوا على سرير ثم قيدوا أيديهم أمام السرير وساقي كل منهم خلف السرير، ثم ربطوا أصابع القدم الكبيرة معا حتى لا تتداخل وتم جلد كلا القدمين.
وعندما كان يقيد السجين على هذا السرير، كان يجلس أحدهم على ظهره وخصره ويضع قطعة قماش في حلقه، ويتم شد رأس السجين للأعلى، والجلاد جالس على ظهره، في هذه الحالة، يبدأ شخصان ضربه بالكابل على أسفل القدمين بشدة.
كنا نتعرض لـ 600 أو 1000 ضربة كابل شديدة على أقدامنا من قبل الجلادين الحاقدين، في هذه الحالة، تنفجر باطن القدمين، مما يعني أن أقدامنا تحتقن وتمتلأ بالدماء ثم تنزف بعد ذلك، ثم تلف عليها الضمادة.
وكان الجلادون يأمروننا أن نقفز للأعلى وللأسفل حتى يتلاشى تورم أقدامنا المنتفخة حتى يتسنى لهم ضربنا وتعذيبنا مرة أخرى، كان هذا التعذيب الممنهج الذي تعرض له جميع السجناء، وكان التعذيب الآخر هو أن الحراس شكلوا ممرا، وعندما حاول السجين عبور الممر، ضربوه بكابل وقضيب حديدي، ذات مرة، وضعت يدي على رأسي حتى لا تكسر رأسي، وكسرت يدي بسبب ضربة جاءت عليها.
ثم أخذونا إلى غرفة لا يوجد فيها ضوء على الإطلاق، وأطلقنا عليها اسم غرفة الغاز، ولم يكن هناك ضوء أو فتحات تهوية في هذه الغرفة، وبعد ساعتين أصبنا بالاختناق، وسقط عدة سجناء وبدأنا نطرق الباب حتى فتحوا الباب أخيرا، وكانت ذراعي مكسورة.
تم فصلنا نحن الأربعة عن الآخرين وتم رش البقية بالماء بقوة، وعندما تبللوا بدأوا بضربهم بالكابل، وتم بطحهم وضربهم بشدة على ظهورهم وخصورهم بالكابل، وبسبب حالتنا البدنية الخطيرة والسيئة، توقفنا عن زيارة عائلتنا حتى لا تلاحظ عائلاتنا حالتنا الجسدية المتردية.
في يونيو أو يوليو 1985، تم نقلي إلى سجن جوهاردشت، وهاجمنا حراس عنبرنا مرارا وتكرارا للتعذيب الجسدي والنفسي والمضايقات، وبتحطيم الرفوف التي كنا قد بنيناها وتمزيق متعلقات السجين الشخصية، وتم إبقاؤنا منتصبين في الجو البارد لعدة ساعات في ساحة التنفس، تعرضنا لتعذيب شديد.
وفي 28 يوليو 1988، قبل يومين من بدء المجزرة في سجن جوهاردشت، التي أدت إلى مقتل آلاف السجناء في هذا السجن، أخذنا داود لشكري، الذي كان رئيس الأمن في السجن، إلى ممر الموت، سألنا بينما كنا معصوبي الأعين عن تهمنا، وقلنا التعاطف مع منظمة مجاهدي خلق، ثم بدأوا في تعذيبنا بشدة.
كان هناك حارس اسمه داود يجيد الكاراتيه، ضربني بـ”بوطه” العسكري على ضلوعي وانكسرت ، ثم قفز وضربني على رجلي بالبوط نفسه حيث كسرت رجلي.
استمرت تداعيات هذه الإصابات نحو عام، سئلنا عن تهمتنا مرة أخرى، قلنا أننا من أنصار المنظمة، ثم قال أي منظمة؟ ‌ قلنا منظمة مجاهدي خلق.
قال ثلاثة من مجاهدي خلق، وهم غلام حسين اسكندري، ومنصور قهرماني، وأصغر محمدي خبازان.
قال داود لشكري: ادخلوا العنبر، سنأتي إليكم صباح السبت، كان ذلك يوم الخميس،
عندما عدنا إلى الجناح، كنت في حالة جسدية سيئة جدا.،رآني أخي رضا وقال لي لماذا أنت شاحب؟
كنت قادما عندما كان غلام حسين قاسمي وداود إسكندري يساعداني في المشي، ثم تم نقلي إلى الحمام حيث تقيأت.
هل كان يسمح لكم بالدفاع عن أنفسكم أو المناقشة قبل إصدار الحكم؟
محمد زند: خلال المجزرة عرضوني على المحكمة وسأشرح لكم، وضعوني في ممر الموت، وقبل أن أجلس، أخبرني ناصريان أننا أعدمنا أخاك.
أخبرني نيري، الذي كان قائدهم، أن أخلع العصابة عن عيني،عندما خلعت العصابة، كان ثلاثة أشخاص يجلسون أمامي.
كان هناك نيري وإشراقي وبور محمدي، ووقف مسلحان عن يمينهم ويسارهم لحمايتهم.
سألني نيري عن اسم والدي وتفاصيلي.
ثم قال، “ما مدة حكمك؟” قلت إنه حكم بالسجن مدى الحياة، ثم تغيرت بعد ذلك إلى 12 عاما.
سألته: “لماذا أعدمت أخي؟” حكم عليه بالسجن عشر سنوات، قال أخرجوه.
أخذوني للخارج ووضعوني في الردهة، كان هذا نموذج للمحكمة، وقلت إنها فرقة الموت التي وجه أعضاؤها سؤالا واحدا فقط للمتهم، وهو أن الخميني أصدر فتوى، فما هي التهمة؟ استغرقت الإجابة عن هذا السؤال أقل من بضع ثوان.
هل لديكم أي معلومات بشأن القاضي السابق حميد نوري الذي يخضع الان للمحاكمة بتهمة ضلوعه في مجزرة عام 1988؟
محمد زند: كنت جالسا في ممر الموت، نحو الساعة 12 ظهرا، عندما رأيت حميد عباسي أو حميد نوري وداود لشكري قادمين نحونا من جهة قاعة الموت، وكانت المسافة بيني وبينهم نحو10 إلى 15 مترا، كان حميد عباسي يحمل مجموعة من العصابات الخاصة بالسجناء الذين تم إعدامهم، وقام حميد نوري بإعادة العصابات معه من مكان الإعدام.
بعد ساعة جاء حميد عباسي بقائمة جديدة، في تلك اللحظة، رأيت ناصر منصوري يحضر على عربة ويوضع بالقرب مني.
كان ناصر منصوري مسؤولا عن جناحنا، وكان ناصريان وحميد عباسي قد ضغطا عليه ليخبراهما عن العلاقة داخل الجناح، لكنه ألقى بنفسه من الطابق الثالث حيث كان في الحبس الانفرادي حتى لا يستسلم لهذه الخيانة.
لم يتحرك ناصر منصوري، كان مستلقيا على نقالة، جاء حميد نوري وقرأ اسم ناصر منصوري، وأخذوا عددا آخر باتجاه الحسينية، إلى المكان الذي جرت فيه الإعدامات، وأعدموهم.
في 9 أغسطس، تكرر المشهد نفسه، واستخدم حميد عباسي مرة أخرى أسماء مجاهدي أسرى كانوا قد دافعوا عن هوية مجاهدي خلق أمام فرقة الموت، وحكم عليهم بالإعدام بينهم جعفر تجدد وأحمد نعلبندي، ونقلوا من ممر الموت إلى قاعة الموت للإعدام.
في 13 أغسطس، أحضر حميد عباسي قوائم السجناء وقرأها وأخذهم معه إلى قاعة الإعدام وأعدمهم.
تم نقلنا إلى سجن ايفين في نهاية 16 أو 18 فبراير 1988، في إيفين، التقيت أخي الأصغر وجها لوجه، وكان الاجتماع في مكتب ناصريان وكان حميد نوري جالسا هناك. لم أكن معصوب العينين، وجاء أخي وزوجة أخي وأولادهم لزيارتي، جاء ناصريان في منتصف لقائنا، وأخبر أخي أنه إذا لم يخبر أخوك عن العلاقة داخل العنبر، فسيتم إعدامه، وكانت زوجة أخي تبكي كثيرا وكانت خائفة، طمأنتهم وقلت إن الأمر لا يهم، على أي حال، في أبريل 1992، تم إطلاق سراحي من السجن بذكريات مريرة وانضممت إلى مجاهدي خلق.

“أصغر مهدي زادة”
جرت في السويد محاكمة القاضي الايراني السابق حميد نوري بتهمة مشاركته في مجزرة 1988، هل رأيتموه وماهي معلوماتكم عنه في ذلك الوقت؟
مهدي زادة: الحقيقة أن حميد نوري لم يكن قاضيا بل كان حارسا لا يملك الكثير من الصلاحيات والسلطة، ولكن تمت ترقيته نتيجة ارتكابه جرائم وعمليات استجواب وتعذيب وحشية، هذه هي آلية الترقية في نظام الملالي، لذلك، كلما كان الشخص أعلى مرتبة، كان أكثر إجراما.
كنت في سجن جوهردشت من عام 1982 إلى عام 1988، لذلك، طوال السنوات التي قضاها حميد عباسي هناك، شاهدت جرائمه عن كثب، لقد رأيته متورطا في ضرب وتعذيب الإخوة والأخوات من أعضاء مجاهدي خلق المسجونين.
رأيته في ممر الموت وهو ينقل شهداء مجاهدي خلق الذين بقوا ثابتين على مبادئ منظمة مجاهدي خلق إلى قاعة الموت في نهاية الممر بعد خروجه من لجنة الموت.
وشاهدت داخل غرفة الموت أن أعضاء مجاهدي خلق كانوا يرددون “الموت للخميني” و”تحية لرجوي وعاشت الحرية”، وبعدها قام الجلادون بسحب الكرسي من تحت أقدامهم وأعدموهم.
كيف تم التحقيق معكم، وهل مورست أي ضغوط أو عمليات تعذيب بحقكم؟
مهدي زادة: قضيت فترة طويلة في عام 1980 في سجني رشت وصومعه سرا وفي عام 1982 فصاعدا بقيت في سجن إيفين.
بعد نقلي إلى سجن جوهردشت، تعرضت للتعذيب في هذا السجن، بهدف الحصول على معلومات مني لاعتقال أعضاء مجاهدي خلق الآخرين، وكذلك تعرض المزيد من أصدقائي للتعذيب، بالطبع رفضت طلبهم ودفعت ثمن ذلك بالتعرض للمزيد من التعذيب.
هل امتثلتم أمام ما يصطلح على تسميته “لجنة الموت” وكيف جرى محاكمتكم وكم استغرق من وقت؟
مهدي زادة: حوكمت في سجن جوهردشت عام 1982 على يد حسين علي نيري لمدة 5 دقائق، قال المحقق الجلاد: انتبه وأجب عن كل ما تسأل عنه.
ولا تنظر بهذه هنا وهناك، وإلا سأضربك على رأسك بالكابل وكان يقف خلفي.
وقال نيري: “نحن ننفذ أحكام الإعدام هنا، نقول إنه متمسك بمبادئه ومنافق، ونحن من يصدر أحكام الإعدام، نقول إنه لم يقدم معلومات، أو نطلق سراحه ونقول إنه تاب !!!!”.
قام الملا نيري والمحققون الجلادون باستجواب وتعذيب أخواتنا في الطابق السفلي بعد الساعة 11 مساء، وكان صوت صراخهن وأصواتهن تعذيبا نفسيا لنا، ولم نستطع النوم.
ومن يعذبهم كان الشخص نفسه الذي شغل لاحقا في عام 1988 منصب رئيس لجنة الموت في سجني إيفين وجوهردشت.
تم اصطحابي إلى ممر الموت خمس مرات، ومن ناحية شاهدت التألق البطولي لمجاهدي خلق الذي غنى نشيد الحياة والحرية في اللحظات الأخيرة من الحياة.
في المقابل، شاهدت جرائم الملالي المعممين مثل نيري وبور محمدي وإبراهيم رئيسي “الذين لم يكن لديهم بالطبع عمامة في ذلك الوقت” وملالي بلا عمامة وعملاء قوات حرس الملالي مثل مرتضى إشراقي ومحمد مقبسه “ناصريان” وداود لشكري، شاهدتهم يأخذون المجاهد ناصر منصوري على نقالة لإعدامه، ويأخذون عضوة مجاهدي خلق آذر سليماني على كرسي متحرك ليتم إعدامها.
وأخبرني صديقي هادي محمد نجاد ليلة 8 أغسطس من خلال كود مورس أنه اقتيد إلى قاعة الموت حيث تم إعدام نحو 12 من أعضاء وعضوات مجاهدي خلق، وهم يرددون شعارات تحية للمجاهدين وعاشت الحرية، وكان عناصر قوات الحرس ينادون بشعارات الله أكبر، ويجلدهم بالكابل في اللحظة الأخيرة، لقد استشهدوا ببطولة باسم مسعود رجوي.
ومن 10 أغسطس إلى السبت 13 أغسطس، سمعت الأخوات يصرخن من الطابق السفلي من الحبس الانفرادي، ومهما حاولت، لم أستطع الحصول على أي أخبار.
هل شهدتم وفاة أي من زملائكم أثناء التحقيقات جراء التعذيب؟ وهل تتذكرون اسمه أو أسماءهم؟
مهدي زادة: في صيف عام 1981، عندما قام نظام خميني باعتقال وسجن وتعذيب وإعدام أي من مؤيدي مجاهدي خلق، أخفينا الكثير من الأعضاء في منازل الناس في بلدية ” كسما ” من مدينة صومعه سرا. ونهارا أو ليلا كنا نساعد الناس في حصاد الأرز وبعد ظهر أحد الأيام شاركنا في حصاد الأرز، وأبلغ أحد جواسيس قوات الحرس عن مكاننا، ليأتي قطيع من قوات الحرس لمحاصرتنا.
وقبل أن يصلوا إلينا كان عضو مجاهدي خلق الشهيد عيسى اساسيان الذي كان لاعب كرة القدم لفريق (دج) في مدينة كسما وكان له شعبية كبيرة لدى الجميع، يقودنا إلى مكان يمكن أن نهرب فيه، وفي النهاية يهرب ويسقط في كمين لقوات الحرس، ويستشهد بسبب إصابته بست طلقات ثم يدفع أهله مبلغ ألف تومان عن كل رصاصة لتسليم جثمان البطل يسوع لعائلته، وهناك الكثير من الشهداء في شمال البلاد الذين تم دفنهم في ساحات منازلهم الخلفية أو في حديقتهم بسبب تمنع ورفض الملالي.
أثناء الاعتقال استشهد تحت التعذيب، ومنهم الدكتور “محمد علي مسئلة غو” الذي استشهد على يد الجلاد لاجوردي، لأنهم كانوا في سجن الشاه معا في زمن الشاه وكان يكن حقدا كبيرا على مجاهدي خلق.
بغض النظر عن مقدار التعذيب الذي تعرض له، لم يقدم الدكتور محمد علي أي معلومات وفي النهاية استشهد تحت التعذيب.
وعضو مجاهدي خلق “محسن كلوله منش” من سكان شارع تختي رشت بطهران.
في عام 1982، تم اعتقالنا من قبل فرقة الاقتحام التي كانت تفصل بيننا نصف ساعة. شاهدت نفسي تعرضه للتعذيب باستمرار
في الليل، رأيت جلاد الفرع السابع في قوات الحرس يخرج بينما كنا نستريح في جزء من المبنى، وقال: لقد تعبت، لقد عذبت محسن كثيرا، ولم ينطق بحرف، كان محسن يقاوم باسم مسعود رجوي.
وفي عصر اليوم التالي، خدع قوات الحرس، ليعودوا خاليي الوفاض وقاموا بعدها بتعذيب محسن بوحشية، ولم أعد أرى محسن قهرمان بعدها لأنه استشهد تحت التعذيب، وكذلك الدكتور علي أصفهاني رغم أنه كان يعاني من مشكلة في إحدى ساقيه وقد أصيب برصاصة من قبل. استشهد تحت التعذيب

مجيد صاحب جمع
كنتم أثناء صيف عام 1988، سجينا سياسيا يواجه الموت في التحقيقات الجارية وقتئذ واليوم أنتم بمثابة دليل ضد من حققوا معكم وتطالبون بمحاكمة كل من شارك في مجزرة صيف عام 1988، هل لكم أن تصفوا مشاعركم بهذا الصدد؟
صاحب جمع: كانت التهمة الوحيدة للسجناء السياسيين الذين تم إعدامهم هي دعم منظمة مجاهدي خلق.
وفي تلك المجزرة كان من أكثر المشاهد إيلاما في ممر الموت مرتبط بمحسن محمد باقر الذي أصيب بالشلل في رجليه وهو طفل، وبسبب حالته المؤلمة، قام ببطولة فيلم مشهور جدا، وبالمناسبة، أصبح الفيلم مشهورا لدرجة أنه عرض في مهرجان بالسويد وحصل على جوائز.
اذا أردت أن ترى طفولة محسن محمد باقر يمكنك مشاهدة هذا الفيلم، لكن المشهد الأكثر إشراقا في حياته كان في 6 أغسطس 1988، عندما تم استدعاؤه على الرغم من وجود عكازين يساعدانه على الوقوف والمشي.
لقد قفز مثل طائر ووقف في طابور الموت، بهاتين العكازين تمكنت من رؤيته من مسافة بعيدة يسير باتجاه قاعة الموت.
المشهد التالي كان مفجعا أكثر، ففي ممر الموت رأيت شخصا راقدا على نقالة، وكانت النقالة على الأرض أمامي مباشرة، تم نقله إلى فرقة الموت على نفس النقالة، وبعد دقائق عاد من جديد اسمه ناصر منصوري.
قبل بضعة أشهر ألقى بنفسه من أحد عنابر الحبس الانفرادي في سجن جوهر داشت، وطلب منه حميد نوري وناصريان وداوود لشغري إعطاءهم معلوماته، لم يهمهم على الإطلاق أنه كان يتألم، واستمر الحراس بركله مرة أخرى.
أصيب بالشلل من منطقة الخصر إلى أسفل ولم يكن قادرا على الحركة، وفي 6 أغسطس عندما رأيته على نقالة رغم أنني لم أعرفه، لكن بدا أنه كان أقرب إلي من أخي، فالشخص الذي لا يعطي معلومات للآخرين ويدفع ثمن إصابته بالشلل كان يحتل قيمة كبيرة وعظيمة عندي، بعد ذلك تم نقله إلى قاعة الموت وإعدامه.
وفي نفس الأيام رأيت حميد عباسي في ممر الموت يجلب معه عددا من عصابات الأعين التي وضعت على أعين السجناء الذين تم إعدامهم، وكان في يده علبة حلوى.
قدم حميد عباسي الحلوى للحراس المتواجدين هناك، للسجناء أيضا، لكن لم يأخذ أي منهم الحلوى، وكان الحراس يعلنون احتفالهم بهذه الطريقة، وثم أخذوا مجموعة أخرى من السجناء ليتم إعدامهم ليلا.
لم نكن نعرف مصيرنا حتى وقف حميد نوري وسط الممر ونادى بعض الأسماء، كان اسمي أيضا منهم، نهضنا، وقفنا في الصف، وذهبنا إلى قاعة الموت، وكانت أيدينا على أكتاف بعضنا البعض، ومشينا ولبضع لحظات، اعتقدت أن هذه هي الدقائق الأخيرة في حياتي، قال نوري: الآن ارجع وضحك!
وكان يعلم أننا لم نحكم بالإعدام، وكان يلعب معنا لعبة الموت.
عدنا وقال للحارس أن يأخذنا إلى العنبر حتى يتمكنوا من العودة غدا
لكني أقول لكم إن صلاة الجمعة مهمة للغاية لأن السياسات العامة للنظام يتم التعبير عنها للجمهور في هذا اليوم، مثل خطاب البابا في الفاتيكان.
مارأيكم بمحاكمة القاضي السابق حميد نوري في السويد، وهل لكم معلومات بشأنه؟
صاحب جمع: كان حميد نوري في الواقع حارسا عاديا للسجن في عامي 1982 و1983. في العامين اللذين أخبركم بهما، كنت بنفسي في سجن إيفين ورأيت حميد عباسي حارسا للسجن.
كان حارسا عاديا في ذلك الوقت، وكانت أجنحة سجن إيفين قد اغلقت بالكامل.
وكان الحراس يقتادون ويوجهون السجناء من الغرف المغلقة إلى دورات المياه والمراحيض، أو يحملون السجناء الذين تعرضوا للتعذيب.
كانت هذه هي السلطة التي كان يتمتع بها هذا الحارس هناك، لكنه كان بإمكانه الضغط على السجناء من خلال الوسائل.
بقدر ما استطعت أن أرى، في مذبحة عام 1988، وضع حميد عباسي السجناء في صف واحد، وأخذهم ليتم إعدامهم، وعاد مرة أخرى بعد 40 دقيقة وتولى أمر السجناء الآخرين.
يقال إنه قد تمت ممارسة عمليات تعذيب غير عادية مع السجناء السياسيين، هل هذا صحيح؟ هل خضعتم لأي نوع من التعذيب؟
صاحب جمع: كان الليل قد حل عندما دخلنا سجن جوهردشت وكان هناك 200 منا عندما دخلنا سجن جوهردشت، وأتذكر أن الثلج كان يتساقط.
أخذونا إلى ممر، وكان الممر شبه فارغ، ولم يكن هناك أحد، وشكل الحراس نفقا، يعني أن الحراس وقفوا في خطين متوازيين وكان على السجناء المرور عبرهما وهؤلاء الحراس كانوا يضربون السجناء بالكابلات والعصي وجميع أنواع الأدوات.
ثم قالوا انزعوا ملابسكم، لقد أصيبنا بإصابات شديدة جميعا، وكان السجناء يسقطون على الأرض وسقطت على الأرض عدة مرات وفقدت الوعي.
كم من الوقت بقيتم في السجن بعد تنفيذ مجزرة عام 1988، وهل كنتم تتوقعون أن تخرجوا من السجن وتنعموا بالحرية؟
صاحب جمع: خرجت من السجن بعد 11 عاما من مجزرة عام 1988 في تلك السنوات، حكم علي بالإعدام بتهمة جديدة، وتم إلغاء هذا الحكم، بعد سنوات من انتظار تنفيذه وأصبح حكمي عامين، خرجت من السجن عام 1999 لم أستمتع بالحرية لأنني دخلت لتوي سجنا أكبر.

You might also like