الولايات المتحدة والصين… صراع الهيمنة على الشرق الأوسط
د. عدنان محرز
عندما يذكر الشرق الأوسط ، أول ما يتبادرإلى الأذهان “النفط” كون هذه المنطة تحتوي على المخزون الأعلى إذ يوجد فيها نحو 56 في المئة من احتياطيات النفط في العالم لذا تسابقت الدول الكبرى وعلى رأسها الولايات المتحدة الأميركية لضمان الوصول الآمن إلى إمدادات الطاقة معتبرة أن هذه المنطقة ذات أهمية حيوية تجسد مصالحها الاقتصادية والستراتيجية.
الولايات المتحدة الأميركية كرَّست جُلَّ اهتمامها للسيطرة على هذه المنطقة بكل السبل وذلك بإقامة علاقات مع دول هذه المنطقة تارة وبإستخدام القوة والنفوذ تارة أخرى للحفاظ على مصالحها وحماية مصادر الطاقة وضمان حرية الملاحة في الخليج العربي إضافة إلى تحويل هذه المنطق إالى سوق للسلع والخدمات الهندسية والتعليمية والاستشارية وعلى رأسها الخدمات العسكرية ومبيعات الأسلحة.
وبينما ظل الشرق الأوسط حتى اليوم المحور الرئيسي للولايات المتحدة إلا أننا بدأنا نشهد في الفترة الأخيرة عودة روسية للمنطقة وحضور أوروبي وآسيوي وعلى رأسه الصين التي نراها تتمدد بتسارع نحو هذه المنطقة من خلال مشروع “طرق الحرير الجديدة” وهو ما يقلق الولايات المتحدة ويشكل تحديا لها وبخاصة أن دول المنطقة بادرت إلى الترحيب بالصين هذا الشريك الذي يرون فيه الكثير من الحسنات إذ سيشتري منهم النفط دون التدخل في سياساتهم ومفاهيمهم التراثية والاجتماعية، ودون أن يطالبهم بالتخلي عن أسلوب حياتهم ، أو اتخاذ خيارات أخرى لا يرغبون بها.
وللصين تاريخ طويل في التعامل مع الشرق الأوسط يرجع إلى فترة الفتوحات الإسلامية ودخول الإسلام الصين بعد فترة وجيزة من ظهوره في القرن السابع والأهم من ذلك أن الصين أصبحت أكبر مستورد للنفط وليس من المستغرب أن يكون تركز اهتمامها على الشرق الأوسط لضمان الحصول على إمدادات الطاقة الوفيرة في المنطقة من جهة، والعمل على بيع السلع والخدمات لأبناء هذه المنطقة وهكذا أصبحت الصين الآن الوجهة الأولى لصادرات المنطقة وأكبر مصدر لوارداتها.
كل هذا والصين تحافظ على مبدئها في عدم التدخل في الشؤون الداخلية للدول ذات السيادة حرصا منها للبقاء على الحياد وكسب رضا الجميع وها هي الشركات الصينية تتقدم المستثمرين الأجانب في دول الشرق الأوسط، وبالنسبة للدول غير المنتجة للنفط والتي تعتمد بشكل كبير على صناعة السياحة، أصبح الزوار الصينيون الآن يتوافدون على كل مكان في الشرق الأوسط.
تتفادى الصين على عكس الولايات المتحدة اللجوء إلى العنف في أي مكان في العالم لكنها لا تتهاون في الدفاع عن نفسها وحماية مصالحها وعملت على تنويع مصادرها من النفط والغاز بقدر ما تستطيع ، وذلك تحوطا من أن تحاول الولايات المتحدة أو أي قوة عظمى منع إمدادها بالطاقة.
لقد ألقت جائحة كوفيد- 19بظلالها على العالم وأدت إلى تدهور وانكماش اقتصادات معظم الدول، لكن كان لافتا أن اقتصاد الصين يتعافى ويسجل نموا وهذا ما يقلق باقي الدول الكبرى والولايات المتحدة على وجه الخصوص التي تخشى أن يصبح اقتصاد الصين الأقوى عالميا وهذا يتطلب رد فعل من الولايات المتحدة وهو بالتأكيد ما سيحصل أو ما هو حاصل لكن هل سيصل إلى مستوى المواجهة العسكرية؟
كاتب وصحافي
a1958hmh@gmail.com