بعد ما شاب صار من الأغراب
فراج القحطاني
التخبط في القرارات الإدارية دليل على هشاشة تلك الجهة التي اصدرتها، وعادت للعدول عنها جزئيا، وهذا دليل على أمرين لا ثالث لهما، إما ان تلك القرارات تم إقرارها من دون دراسة شاملة من حيث مدى صحتها قانونيا وإداريا، او ان تلك الجهة ليست جادة في اي قرار تتخذه، وتنازلها بحد ذاته يعطي شعورا لصاحب الشأن ان موقفه صلب تجاه تلك القرارات، وأن لا معنى لها وتنقصها الجدية.
إن قرار القوى العاملة في ما يخص الوافد الذي بلغ 60 عاما من العمر، ولا يحمل مؤهلا علميا، واشتراط تجديد إقامته بدفع رسم الفي دينار كويتي، وبعد الضعط المستحق، واستنكار ذلك القرار المجحف في حق من يهمه الأمر، بدأ التخبط وبدأت العشوائية والفوضى.
لقد انتقل هذا القرار من المطبخ الإداري للقوى العاملة إلى سوق المزايدات والمراهنات وأدت الهيئة دور المنظم لهذا السوق، فكان تخفيض المبلغ الى النصف، أو هكذا قيل في فترة سابقة، لكن اخيرا اقر الرسم بخمسمئة دينار، فيما لم يلتفت المسؤولون الى تأثير ذلك على سوق العمل، وزيادة التخضم الذي ينشأ عن هذا الامر.
القرار منذ البداية لم يخضع لدراسة متأنية تتبلور من خلالها رؤية صائبة، والا لما كان هناك قرار مشابه له في المضمون مع اختلاف في رسم الإقامة الذي زاد الطين بلة، بل ان الهيئة لم تلتفت إلى الحالة المعيشية والظروف التي تعانيها تلك الشريحة، خصوصا بعد جائحة “كورونا” وتأثيرها على الاقتصاد العالمي، فما بالك بحال هذه الشريحة التي تتكبد ايضا ضمانا صحيا يعادل ذلك الرسم او يزيد، وهو نسبيا قد يقتطع نصف الدخل الشهري للفرد المعني، ناهيك عن شبهة المخالفات الدستورية ومخالفة معاهدات حقوق الإنسان، وعدم مراعاة الحالة المعيشية للوافدين، وتأثير ذلك على سوق العمل بما يعود سلبا على الوطن المواطن؟
لا اعلم مقصد الشاعر العباسي ابو العتاهية، وتحسره على ايام شبابه، وقوله”:فيا ليت الشباب يعود يوما- فأخبرة بما فعل المشيب”، لكنه حتما ينطبق على هذة الفئة التي حاول بعض المسؤولين انصافها فأغرقوها بالبؤس اكثر، فالوافد الذي أتى الى الكويت شابا وأمضى سنوات عمره يخدم هذا البلد، بات ينطبق عليه المثل”بعد ما شاب صار من الأغراب”.
كاتب كويتي