تعليم اللغة التركية للكويتيين!
حسن علي كرم
كنت في اكتوبر الماضي في احدى المدن التركية الساحلية، وفي صباح اليوم التالي على وصولي خرجت من الفندق الى سلسلة المطاعم على امتداد الشارع بغية تناول الافطار، فدلفت الى واحد منها، وقد توخيت انه سيحقق بغيتي من وجبة الافطار الشهية.
كان المطعم شبه خال الا مني واثنين غيري انشغلا باطراف الحديث، وفي الاثناء جاء شاب وقف الى طرف الطاولة واشار الى جهاز صغير مثبت على طرف الطاولة اراد ان يعلمني ان عليَّ الضغط على الجهاز واعين الطعام الذي احتاجه، فأشرت بيدي انني لا اعرف استخدام الجهاز، فصرنا انا والنادل كاخرسين نتحادث بالاشارة، هو تركي لا يجيد الا لغة قومه او لغة اخرى، وانا غريب عن تلك الديار لا اجيد لغته.
تركيا اردوغان لم تعد مغلقة، فلقد باتت دولة سياحية من الطراز الاول، وبخاصة من بلدان الخليج والعرب بعامة، والغرب كذلك، ورغم هذا الازدهار السياحي لكن يصر الاتراك على ان يستخدموا لغتهم مع السياح، ففي المطاعم والاسواق والمراكز السياحية والترفيهية قلما تجد تركيا يتحدث لغة غير لغته، في الجامعات والمعاهد التركية، وهي من الجامعات المعتمدة يصرون على ترويج لغتهم وثقافتهم، والطلاب العرب الذين يتلقون علومهم في تلك الجامعات مجبرون على تعلم اللغة التركية. في زيارة سابقة التقيت فتاة مغربية تدرس الطب هناك، سألتها: لماذا لم تذهبي الى فرنسا، وانت تجيدين لغتها؟ قالت: الحجاب منعني!
في الاونة الاخيرة اعلنت سفيرة تركيا لدى الكويت ان السفارة بصدد فتح معهد في الكويت لتدريس اللغة التركية (!!!)، بعدما تجاوز عدد السياح الكويتيين 300 الف سائح وترتيبهم يأتي الاول بالنسبة الى السياح العرب والخليجيين، والثاني بامتلاك العقارات.
لا بأس، بل لعله امر جيد ان نتلقى هذه المعلومات الطيبة بين البلدين والشعبين الكويتي والتركي، لكن لا تقتصر علاقة البلدين على الزيارة والسياحة والعقار، ففي الكويت هناك شركات مقاولات تستحوذ على مشاريع كبيرة، كالمطار الذي وعودونا بتسليمه في 2022 فقفز الوعد الى 2024، وربما سيقفز الى تواريخ ابعد.
قطعاً اي تبرير في هذا لا يمكن تصديقه سوى لحس الوعود وتقاعس الشركات العاملة و”كروة” العمل،فـ”كورونا” كما في الكويت كان في تركيا وفي كل انحاء العالم، ولم يمنع الوباء اللعين عمل شركات المقاولات داحل تركيا او الشركات التركية العاملة في بلدان اخرى، لذا اعتقد ان هناك وضعاً شاذاً اصاب العمل، ولعل غياب الرقابة والتقاعس من الجانب التركي او الجانب الكويتي!
اللغة التركية ليست لغة عالمية، بل لعلها من اللغات المهملة التي قلما يشغف الطلاب غير الاتراك بتعلمها، هذه العنصرية او الاعتزاز باللغة الوطنية يصح فرضها على ابناء الوطن، اما فرضها على الاغراب، امر مضحك، خصوصاً ان هؤلاء غير مقيمين، او راغبين بجنسية ذلك البلد، تعليم اللغة التركية في الكويت كمن يضع العربة امام الحصان.
لذا لا اظن ان الكويتيين، رغم زياراتهم المتكررة الى المدن التركية، ورغم انهم وجدوا الراحة والجو المناسب والاطعمة القريبة من اذواقهم، كعرب وشرقيين، انهم سوف ينكبون على دراسة اللغة التركية، فهذه اللغة كالعملية المحلية الكاسدة لا تصرف الا داخل اسواقها.
كان يجدر بالاتراك قبل فرض ثقافتهم على الشعوب المجاورة ان يعلموا مواطنيهم لغات العالم حتى يسهل عليهم مخاطبة السياح الذين يقبلون عليهم من الشرق والغرب.
امر جيد ان يتمسك المرء بلغة قومه والاجمل الاعتزاز بثقافة مجتمعه، لكن هناك الحاجة التي تفرض تعلم لغات وثقافات اقوام وشعوب، حتى لا يكون العاملون في المطاعم والاسواق واماكن السياحة “خرس” يتفاهمون مع ضيفهم بالاشارة او تبادل بوكسات!
صحافي كويتي
hasanalikaram@gmail.com