“جمهورية الحساوي العظمى” فضفضة قلم
على الرغم من الظروف التي نمر بها والازمة الصحية التي تجتاح العالم و تبعيتها الاقتصادية التي قد تقود العالم إلى الركود ثم الكساد الاقتصادي، إلى أننا في الكويت دائما لدينا عواصف مصاحبة لكل أزمة تجتاح سماءنا، فلم تنته أزمة “كورونا” إلا أنه ظهر لدينا على سطح الأرض الكثير من القضايا، وآخرها ظهور العمالة السائبة وتجار الإقامات والسكن العشوائي للعزاب، الذي بدوره ساعد على انتشار فيروس “كورونا”.
عندما سمعت عن آلية سكن العزاب “العمال” والعشوائيات المنتشرة في بعض المناطق لم أصدق ما سمعت حتى رأيت بعيني ما سمعت، لادرك بذلك واقعا سيئا يندى له الجبين، واقعا أصبح بؤرة لانتشار الأمراض والفيروسات التي زادت من أعداد المصابين في الكويت، كما أنه أصبح أيضا مرتعا للمجرمين ومركزا لبيع المسروقات، وسوقا لبيع المواد الغذائية التي لا تصلح للاستخدام الآدمي ولا تخضع للمعاير الصحية. ولكن، السؤال: من المسؤول عن ظهور هذه العشوائيات التي بدورها أثرت على التركيبة السكانية، وكذلك على الأمن الصحي والأمن الغذائي؟ وما الحلول التي لابد أن يأخذ بها بوجه السرعة؟
الإجابة عن الشق الأول من تساؤلاتنا السابقة بسيط جدا، فالمسؤولية هنا لا تقع على عاتق جهة معينة أو شخص بعينه، بل المسؤولية في هذا المقام عبارة عن منظومة متشابكة الأطراف تنطلق من مؤسسات الدولة وصولا إلى أرباب الأعمال وانتهاء بالأفراد وأصحاب البنايات سواء كانت الخاصة أو الاستثمارية، وحتى نتجاوز موضوع المتسبب في هذه القضية لابد علينا أن نعمل على تطبيق القوانين والنظم بكل حزم دون النظر والانصياع للوساطات والمصالح الشخصية والمكاسب المادية الفردية، وتغليب المصلحة العامة على المصلحة الخاصة، وان يعمل الجميع بمنظومة إيجابية نابعة من الإحساس بالمسؤولية اتجاه الوطن.
أما الشق الآخر من السؤال تكمن إجابته من خلال بناء مدن ذكية للعمال تبنى على مساحات وقدرات استيعابية كبيرة تتوافر فيها جميع الخدمات الصحية والأمنية والترفيهية والتجارية، وتكون مخصصة لفئة الوافدين من ذوي الدخل المحدود، الذين يقيمون في الدولة دون أسرهم. كما أنها تكون مزودة بنظام أمني إلكتروني يسمح للفرد الدخول والخروج من المدينة من خلال بطاقة ممغنطة تكشف عن وقت دخوله وخروجه ليتم بذلك تتبع هذه الفئة من العمالة والسيطرة على ظاهرة التغيب وهروبهم لمناطق يصعب إيجادهم فيها كجليب الشيوخ والمهبولة وغيرها، وبهذه المدن نكون قضينا على العشوائيات، وحققنا من خلالها محاور مهمة منها (أمن صحي، سكن يليق بالحياة الآدمية، الحد من الجرائم، قاعدة بيانات عن أماكن تواجد العمالة).
نقطة آخر السطر:
المشكلة التي نتحدث عنها لا تقتصر على سكن عزاب، بل أوجدت لدينا عشوائيات “جمهورية الحساوي العظمى” التي نعتقد بأنها خارج التنظيم العمراني للكويت الحديثة، وإن كنا نريد معالجة هذه الظاهرة والقضاء عليها يجب علينا أن ندرك أولا خطورتها ثم نستوعب ضخامة حجمها، وأن لا ننسى ان غض النظر عنها في الأيام القادمة سيقودنا إلى مشكلة أكبر وأضخم من شغب بعض الوافدين المغلوب على أمرهم في أحد المحاجر، وكذلك سيقودنا إلى مشكلة أكبر من وجود عشوائية إلى مشكلة قد يكلفنا حلها الكثير من الغالي والنفيس، كما يجب علينا إعادة النظر في الوسائل الرقابية على بعض الجهات المعنية بإصدار إذن العمل، وكذلك الجهات المعنية بمتابعة العمران ومخالفة السكن.
كاتب كويتي
Alhssinidr@
DR-ALHUSSINI@HOTMAIL.COM