حقوق الإنسان بين النظرية والتطبيق…!

0 149

الشيخة حصة الحمود السالم الحمود الصباح

“إن المشكلات التي يئن منها المجتمع الدولي هي نتيجة صمت العالم المتحضر، ولامبالاته بما يلحق الفقراء والبائسين، ومن لا حول لهم ولا قوة، من تجاوزات الطغاة والظلمة والمتغطرسين والمستكبرين في الأرض، وإن رسالة الأديان لن تبلغ هدفها ما لم تتحد، وما لم يتحد أهلها، وما لم يكونوا قوة تعمل على تنقية الشعور الديني من الضغائن والأحقاد…” بهذه الكلمات البليغة في مؤتمر زعماء الأديان في دورته السابعة التي انعقدت في العاصمة الكازاخية نور سلطان أوجز فضيلة الدكتور أحمد الطيب شيخ الأزهر الشريف ورئيس مجلس حكماء المسلمين أزمة غياب القيم الأخلاقية الإنسانية وهي السبب الحقيقى المباشر لما يواجهه المجتمع الدولي من تهديدات تمس الأمن والسلام الدوليين. وقد شارك في مؤتمر زعماء الأديان الكثير من قيادات وزعماء الأديان العالمية والتقليدية وعلى رأسهم البابا فرنسيس رئيس الكنيسة الكاثوليكية الذي كان قد اجتمع بالدكتور أحمد الطيب في 4 فبراير 2019 في أبو ظبي لتوقيع الوثيقة التاريخية للأخوة الإنسانية برعاية دولة الإمارات العربية المتحدة،هذه الوثيقة كانت بمثابة ثمرة الصداقة والأخوة التي تجمع شيخ الأزهر بالبابا فرنسيس كمسؤولية تاريخية وأمانة حمل الرسالة الإنسانية للأجيال للقادمة.
وقد اعتمد مؤتمر زعماء الأديان وثيقة الأخوة الإنسانية والتي احتوت على بنود عظيمة في قضايا حقوق الإنسان من أجل تعزيز ثقافة الاحترام المتبادل بين أفراد الأسرة الإنسانية الواحدة. والحقيقة أنني لم ولن أتوقف عن الكتابة والحديث فيما يتعلق بالتعايش والاحترام المتبادل بين جميع البشر على اختلاف أديانهم ومذاهبهم وأعراقهم وثقافاتهم وحرياتهم التي كفلتها الأديان السماوية والدساتير القانونية العريقة منذ القدم، وأن التطرف بكل صوره ما هو إلا انعكاس لانحراف أنفس خبيثة عن الفطرة الإنسانية السوية، وكم أسعدنى هذا المؤتمر العظيم وخطابه الحضاري الراقي من الحضور الكريم وإن كنا نرجو أن يتم تفعيل مخرجاته على أرض الواقع رغم أنف الطغاة والمستكبرين في الأرض.
والشيء بالشيء يُذكر، فإن هذا المؤتمر جاء موافقًا لحدثٍ آخر محلي داخل الكويت وهو دعوة بعض مرشحي مجلس الأمة باقي إخوانهم المرشحين للتوقيع على “وثيقة القيم” والتي لن أناقش بنودها لأن ما فيها من قيم تتناسب وطبيعة مجتمعنا المحافظ بالفعل والتي لا تحتاج لتعريف ولكن تحتاج الى آلية تفعيل لا تنتهك خصوصية الافراد فيما لا يضر الشأن العام.
و لدي بعض الأسئلة المشروعة حول التطبيق وليس النظرية، فما أسهل التنظير وأصعب التطبيق في زمننا هذا الذي اختلطت فيه الأمور، والسؤال هل جميع بنود هذه الوثيقة تتفق وأحكام الدستور الكويتى العريق؟ كيف يتم تفعيل بنود هذه الوثيقة في مجتمع يضم مزيجا من الأديان والمذاهب والثقافات المختلفة فى إطار الاحترام المتبادل الذي نتحدث عنه والحريات المشروعة؟ وهل التطبيق المباشر لبنود هذه الوثيقة لضبط بعض التجاوزات سيصلح من المجتمع أم يعقد الأمور؟. الحقيقة أننا جميعًا نعتز بقيمنا وتقاليدنا التىي تربينا عليها ونرفض ثقافة التغريب المستوردة، ومع منع الاختلاط بين الجنسين فقط في سن مبكرة حتى ينشأ أطفالنا أسوياء، ولكن أؤكد مرارًا وتكرارًا أن دور الأسرة والرقابة الأسرية على الأبناء هي أساس إصلاح المجتمع، ويأتي دور المدرسة والدولة بعدها، وأنا مع فرض القوانين التى تواجه الانحرافات الأخلاقية، ولكن أرفض استغلال عواطف الناس الدينية والإتجار بها لمصالح حزبية انتخابية حفاظًا على نزاهة العملية الانتخابية والمكتسبات الديمقراطية لوطننا الحبيب وأيضًا حفاظًا على الحريات العامة من تسلط متطرف يسيء استخدام بنود الوثيقة اتباعًا لهوى في نفسه. نتمنى كل الخير والأمن والسلام للعالم أجمع، ولوطننا الحبيب كل الخير والأمان في اختيار من يحارب الفساد وسرقة المال العام، والحفاظ على مكتسبات الآباء والأجداد من عبث العابثين. حفظنا الله وإياكم من كل سوء.

كاتبة كويتية

You might also like