خطر المعلومة

0 266

محمد بغدادي

ما مصداقية معلوماتنا،وما أهميتها، وكيف نطورها، ونقيمها، وما مستقبل معلوماتنا؟ لاشك أن المعلومات أصبحت الشغل الشاغل في عالمنا اليوم، والمعرفة باتت هي الهدف الأسمى الذي تبحث عنه المجتمعات وقادتها. فالمعلومات أضحت تشكل 90 في المئة من حجم ثروات الدول، ولم نعد نحتاج الى أسلحة وترسانات وطائرات، بل بتنا نبحث عن المعلومة ومدى مصداقيتها، والقوي هو الذي يأخذ المعلومة من مصادرها الأساسية ومنابعها، ويا حبذا لو كان له السبق في الحصول عليها فتصبح له الزعامة بعد ذلك والقيادة تؤول له بكل أريحية.
عالم اليوم يا سادة أصبح افتراضيا، عالم التكنولوجيا والإنترنت،والـ”سوشيال ميديا”، والمعرفة، والحكمة، والبيانات، فالاقتصاد الافتراضي أصبح الشغل الشاغل لكثير من الدول والشعوب، فهناك كثيرون يتربحون بالتجارة الإلكترونية والسوق الافتراضية، كما أصبحت الأرقام والرقمنة المحرك الرئيس لكثير من الثقافات والشعوب.
فالتكنولوجيا اخترقت عالم الأرض بكل قوة بلا هوادة، ويبقى السؤال: هل نحن مؤهلون لهذه السوق الافتراضية؟ هل لدينا الوعي الكامل لإدراك مدى الاستفادة من التكنولوجيا والمعلومات في حياتنا ومستقبلنا؟
تكمن أهمية الواقع الافتراضي انه وسيلة وأداة قوية لمحاكاة الواقع الملموس، مهما كانت ظروفه وصعوبته، في محاولة لحل المشكلات والتعامل معها بكل دقة وسهولة مع الابتعاد عن العالم المادي بكل سلبياته وتعقيداته التي كادت أن تودي به الى الهاوية.
لقد اختارت البشرية التعامل مع العالم الافتراضي، وسخرت جميع احتياجاتها وأدواتها في محاولة لفك الألغاز الهلامية، وحل المشكلات التي ارقت البشرية سنوات طويلة، ولكن يبقى السؤال يفرض نفسه: هل ادركنا قيمة المعلومة، وهل اتت من مصادر موثوق منها، ما مدى قوتها؟
نحن يا سادة في خضم معارك مع المعلومات فكل شيء حولنا يأتي بمعلومات من هنا وهناك، ففي الصباح تقرأ الجرائد، وتطالع شاشات التلفاز والـ”سوشيال ميديا”، وفي المؤتمرات والندوات والجامعات، فكل شيء يأتي بالمعلومة، لكن هل هي صادقة أم أنها أتت من مصادر غير موثوقة، أم أنها استجابة لأفكار بعينها؟
الدول الكبرى باتت تحتل الدول الفقيرة بسياسة فرض أفكار بعينها، ومعلومات مغلوطة في محاولة للسيطرة على هذه الشعوب لتقويض حركتها واستعمارها بشكل تقني عن طريق المعلومة. وباتت تساؤلات كثيرة تفرض نفسها منها: إلى أي مدى نستطيع التحكم بحجم المعلومات التي ترد إلينا، وما مدى مصداقية المعلومات المعروضة على “فيسبوك” و”تويتر” وغيرهما، وكيف نتعامل مع المعلومات الصادقة والكاذبة على حد سواء؟
فلنأخذ حذرنا سوياً لأننا في عالم مختلف تماماً عن عالم آبائنا وأجدادنا وتراثنا وبيئتنا، وما تعلمناه، فلنقف وقفة ثابتة ونُدرك أين نقف من المعلومات، وكيف نطورها، وكيف ننشئ مراكز للمعلومات متطورة مثلما صنعت الدول المتقدمة لنتقدم ونرتقي ونتطور ونشاهد المشهد بطريقة صحيحة ولنخرج من عباءة المعلومات المغلوطة التي ستفتك بشبابنا وأبنائنا.

باحث دكتوراة مصري

You might also like