خطوات تعزز التطور

0 192

د. لويس حبيقة

تحقيق كفاءة الإدارة ليس سهلا، والرؤية البعيدة الأمد نادرة في لبنان، فطرق تنفيذ القرارت ضبابية، وبالتالي مصادر سوء الأداء مقسمة بين الشركات والمؤسسات، ولا تنحصر في الموظفين والعمال.
تحتاج الشركات والمؤسسات الى تجديد نفسها دوريا قبل الانتقال الى آجيال جديدة، لأن العالم يتغير، ويجب الاستفادة من أوضاع اليوم الرمادية لمراجعة النفس والتحضير للمستقبلين، القريب والبعيد، فالشركات والمؤسسات تتغير وتتعلم وتتأقلم مع الخارج، ولها أدوار في المجتمع تتغير أيضا تبعا لحاجاته. يجب تنظيم العمل بشكل أفضل عبر التواجد في الشركة أو المنزل تبعا للحاجة، فهناك شركات عالمية بدأت توظف أشخاصا سيعملون بشكل دائم عن بعد، حتى بعد انتهاء كورونا.
المطلوب مرونة في العمل والادارة تبعا لطبيعة العمل والانتاج، لكن المرونة هي عقلية وفكر قبل كل شيء. التركيز على اعادة النوعية ضرورة لأننا فقدنا قسما كبيرا منها في لبنان، اذ نعيش في بلد صغير لا يمكن أن يغتني الا عبر اعتماد النوعية العالية في انتاج السلع والخدمات، أي المالية والتعليمية والصحية وغيرها.
هل ذهبت سويسرا الشرق الى غير رجعة؟
العوامل الديموغرافية تزداد خطورة مع هجرة المتخصصين والشباب، ومع الرغبة المتزايدة في الهجرة، وهذا التغيير الديموغرافي يرفع نسبة المسنين في الاقتصاد، وبالتالي يثقل الحمل على العاملين، وتصبح مهمتهم شاقة أكثر، لذا يجب تطبيق الادارة العصرية الجيدة المرنة، وهنا التحدي الكبير، اذ إن ثقافة الادارة الحديثة لا زالت محصورة في شركات ومؤسسات محدودة. نحتاج الى ادارات كفوءة حيث لا يمكن تحميل العمال والموظفين دائما الأخطاء أو التقصير، ويجب أن تكون هناك شجاعة عند رؤساء الشركات وأصحابها في تحمل المسؤولية.
اهم أهداف مديرو المؤسسات هي الحفاظ على دورها، وألا تكون المنافع المادية هي الأساس، وكمستهلكين يجب أن تكون لنا القدرة على التمييز بين الشركة والمؤسسة الجيدة وعكسيهما، وبالتالي يجب أن نشجع من يؤدي واجباته تجاه مؤسساته كما تجاه المجتمع، والشركة والمؤسسة الناجحة هي التي تكون كذلك ليس فقط تجاه موظفيها وعمالها، بل أيضا صادقة تجاه المستهلكين، ومستعملي خدماتها، فالإدارة التي تنظر للمدى البعيد هي الناجحة حيث تستمر وتخدم المجتمع، أما المردودان المالي والاقتصادي فيحصلان حتما تدريجيا مع الوقت.
لا يمكن ترك الأسواق تعمل من دون رقابة اذ تنتج احتكارات وظلما تجاه الموظف والعامل، والمستهلك.
في لبنان لا نطبق قوانين المنافسة والحرية الاقتصادية، كما يجب حماية للناس، والأدلة تؤكد ذلك. هناك نقص في المعلومات والاحصاءات العامة ليس فقط تقصيرا، انما مقصود كي يتمكن الفاسد من الابتزاز والاغتناء.
هناك مشكلة أخلاق واضحة تزداد مع الوقت في زمن الشدة والصعوبات، والفساد يظلم كل الناس، لكن أكبر الخاسرين هم الفقراء، فمن يهتم بذلك؟ الرقابة العامة ضعيفة ليس فقط بسبب قلة المراقبين، انما بسبب عدم الرغبة بها. ضعف الرقابة ينتج فجوات كبيرة في المجتمع وبالتالي يزداد الفقراء بؤساً.

خبير اقتصادي لبناني

You might also like