درس كويتي لعالم يغرق

0 425

فيصل الحمود المالك الصباح

ترسم زيارة سمو الامير الشيخ صباح الاحمد الجابر الصباح، حفظه الله ورعاه، للعراق الشقيق خارطة من الابعاد، تعيد التأكيد على ثوابت العلاقات بين الاشقاء، تعطي دروسا في الحرص على تقويم مسارات المستقبل لتنسجم مع النقاط المضيئة في التاريخ، وتؤكد على امكانية البناء رغم الزوابع التي تعصف بسلام المنطقة وأمن شعوبها.
ينطوي اول هذه الابعاد وأكثرها حضورا على مرئيات القيادة السياسية الكويتية للعلاقات المستقبلية بين البلدين، واواصر القربى بين الشعبين الشقيقين اللذين اثبتا قدرة فائقة على تجاوز الجراح وتغليب القاعدة على الاستثناءات التي طواها الزمن بفعل التقاء الارادات.
كانت مشاركة سموه في القمة العربية التي انعقدت في بلاد الرافدين تعبيرا عن انفتاح القيادة الكويتية على جار الشمال الشقيق، وحرصها على المضي في خطوات ازالة ما علق من مخلفات انزلاقات التاريخ.
وفي حينه مثل الحضور الاميري المهيب، الذي قوبل بترحاب شعبي عراقي اظهر اصالة مشاعر الاشقاء العراقيين، فهما كويتيا عميقا لصدق مشاعر الشعب الشقيق، ورغبة في تضميد جراح العراق والعراقيين من آثار سياسات دفعت المنطقة، وفي مقدمها الشعب الشقيق فواتيرها الباهظة.
تكرس زيارة سموه لبغداد في ظل اجواء التصعيد الذي تشهده المنطقة ما حققته سابقتها من التفاف شعبي ورسمي عراقي حول صدق النوايا، والارادة الكويتية، وتدلل بوضوح على مكانة العراق والعراقيين في ذهن صانع السياسة الكويتي لتضيف لبنات اخرى الى ما تم بناؤه وتزيد مناعة الروابط الممتدة الى اعماق التاريخ.
تمتد دروس النهج الذي اتبعته القيادة الكويتية في علاقاتها مع الاشقاء في العراق، ويترجم سياسات ثابتة عرف بها صانع القرار الكويتي، رؤية واضحة لمنطق العلاقات مع دول الجوار، فلم يتوان سموه واسلافه حكام الكويت عن تعظيم القواسم المشتركة بين الجيران، والبحث عن نقاط اللقاء وتجنب كل ما يلحق الاذى بمستقبل الشعوب وامنها وامانها.
وبقيت بصمات سموه على الدوام واضحة في الجهود الهادفة للوصول الى تفاهمات تتيح الحد من التوترات، وتمنع التصعيد، وتساهم في تجنب كل ما من شأنه الحاق الاذى بالامنين، واعاقة التنمية والبناء، وتوفر سبل صناعة مستقبل مشرق لشعوب المنطقة.
باستعادتها شواهد العلاقة بين البلدين الشقيقين، والمنعطفات التي مرت بها على مدى العقود الماضية، تتجاوز زيارة سمو الامير الى بغداد حسابات العلاقات الثنائية بين بلدين شقيقين، فهي تستعيد تجربة مريرة في التاريخ تم تجاوز افرازاتها، وتسلط الضوء على ممكنات الاستفادة منها في فتح افق جديد لتجاوز مهددات اتساع حروب المنطقة، وتغليب لغة التهدئة والحوار بين اطراف النزاع، للوصول الى تفاهمات واتقاء شرور الحروب وفض النزاعات بالقوة.
محافظ الفروانية

You might also like