ذكرى 25 يناير 2011 كلوروفيل
د. ريم أحمد الهزيم
أمامي خياران لا ثالث لهما، اما الاستسلام وعدم تكملة الدكتوراة والعودة الى أرض الوطن بخفي حنين بعد أعقاب ثورة يناير 2011 في مصر، أو قبول التحدي الكبير والعيش في ظل ظروف سياسية صعبة ومشحونة للتمسك بحلمي وتكملة الدكتوراة.
يوم 25 يناير افقت من النوم للتوجه الى مستشفى الندى بالمنيل لأطمئن على صحة صغيرتي التي تبلغ من العمر عشرين يوم ولم تتجاوز الكيلو غرام الواحد، لأتفاجأ باندلاع الثورة وكما يسميها الأغلبية “جمعة الغضب”، خرج زوجي وحيدا على قدميه وذهب لمسافة أكثر من 5 كيلومترات واحضر “بدرية” بعد جهد واقناع مع مسؤول أمن المستشفى وأطباء ممرضات وحدة الأطفال الخدج الذين أصروا على أنها لو خرجت لن تعيش ليوم واحد ولكن رحمة الله وسعت كل شيء. أحضرها الى الشقة وكنت قلقة عليها جدا ولا نعلم ماذا نفعل، حتى أعلن المغفور له الشيخ صباح الأحمد ـ طيب الله ثراه ـ إرسال 25 طائرة مجانية بمكرمة اميرية لإجلاء 8 آلاف مواطن كويتي بين طلاب دراسات مراحل مختلفة من بكالوريوس وماجستير ودكتوراة وبين مرضى متواجدين لاستكمال برنامج علاجهم وأصحاب أملاك وموظفين في السفارة الكويتية بالقاهرة وسياح.
عدنا أنا وزوجي ووالدتي… يد أحمل بها صغيرتي ويد أحمل بها أوراق رسالتي ونتائجها الأولى على أمل تكملتها، وبعد الاستقرار في الكويت مكثت أتابع يوميا الاحداث الاجتماعية والسياسية والاقتصادية في مصر وانتظر اليوم الذي أعود اليها لتكملة رسالتي وحصولي على الدرجة، وكان دائما يأتي صوت زوجي بأن لا ذهاب في ظل هذه الأوضاع والفراغ الأمني الذي تعاني منه البلاد.
بعد أشهر عدة، تدخل الأهل من الطرفين وعلى رأسهم والدتي ـ حفظها الله ـ التي كانت دائما تقول له “ريم قوية بما فيه الكفاية، وثقتي كبيرة بالله وبها أنها ستكمل وتحقق حلمها”، وأنا أقنعه بالآيات القرآنية “قل هل يستوي الذين يعلمون والذين لا يعلمون”، “انما يخشى الله من عباده العلماء”، وقول الرسول صلى الله عليه وسلم “من سلك طريقا يبتغي فيه علما سلك الله به طريقا الى الجنة”، “وإذا مات ابن ادم انقطع عمله الا من ثلاث صدقة جارية أو علم ينتفع به أو ولد صالح يدعو له”. كانت أيام صعبة عشناها مع انقطاع خدمة الانترنت والهواتف المحمولة وعدم قدرتنا على التواصل إضافة الى انتشار قوات الشرطة وأفراد الجيش المصري في انحاء البلاد، وما إن بدأت مصر في الاستقرار تدريجيا حتى بدأت أنا بالزن على زوجي شيئا فشيئا، وافق أخيرا وعدت الى مصر وتحقق الحلم وتكلل بالنجاح.
الحمد لله أولا وأخيرا… ها هي “بدرية” تحتفل بعيد ميلادها العاشر وسط فرحة الأهل وأنا أعيش فرحة الدكتوراة التي جاهدت للحصول عليها يوما بعد يوم ولا أنسى كل من شاركني النجاح والفرح، ليس من السهل التخلي عن الحلم وكم هو جميل الوصول اليه.
الدنيا فرصة لا بد من انتهازها فلا تخشى العقبات الكبيرة فخلفها فرص عظيمة والا ندمت عليها طويلا، وبقي حلمي في الاكتفاء الذاتي لدولتي الحبيبة الكويت وتحقيق الأمن الغذائي والمائي لها لحمايتها في ظل الظروف الراهنة والعصيبة، والى مستقبل أخضر مثمر إن شاء الله.
دكتوراه في فلسفة علم النبات
كاتبة كويتية
dr.reem2035@gmail.com