رؤية مستقبلية لتطوير المنظومة القضائية
د.كاظم بوعباس
للسلطة القضائية مكانة خاصة إلى جانب السلطتين التشريعية والتنفيذية.
والكويت من الدول التي عرفت التنظيم القضائي الحديث منذ بداية عهدها بالاستقلال منذ ستين عاما تقريباً، فاستقلال القضاء، وحصانته وسيادة القانون هي أساس الحكم في الدولة، وضمانة أساسية لحماية الحقوق والحريات في المجتمع وامام المجتمع الدولي دولاً ومنظمات دولية.
والتطور طبيعة بشرية في المجتمعات، و لذلك نقترح من خلال خبرتنا وتجربتنا، التوسع فى مكونات الهيئات القضائية، والتوسع فى اختصاصاتها، وهذا التوسع يتأتى من خلال رؤية مستقبلية في انشاء منظومة جديدة للهيئات القضائية، ذات ولاية قضائية، وفقا لما يحدده القانون المنظم لعمل كل منها على النحو الاتى:
1- القضاء العادي في درجاته المدني والاداري والنيابة العامة ذات الاختصاصات المحددة لها.
2- هيئة قضايا الدولة على نحو ما سنبينه فيما بعد.
3- المحكمة الدستورية ونرى ان تنشأ محكمة على غرار المحكمة الدستورية في البحرين او مصر وتضم في عناصرها قضاة متخصصين بالفقه والقانون الدستوري والشأن العام وتكون مستقلة تماما عن القضاء العادي ولها مدة ولاية معينة.
4-هيئة الفتوى والتشريع وتختص بابداء الرأي القانوني للوزارات والجهات الحكومية ومراجعة مشروعات القوانين والعقود وتظلمات الوظيفة العامة.
5- المجلس الاعلى للهيئات القضائية على نحو ما سنبينه تفصيلا.
6-هيئة قضايا الدولة وتتولى اختصاصاتها حاليا ادارة الفتوى والتشريع ولذلك نرى فصلها بقانون خاص لتتولى الدفاع عن المال العام والخزانة العامة امام القضاء المحلي وفي الخارج.
7 ـ هيئة النيابة الادارية، وتتولى سلطاتها في الفحص والتحقيق طبقاً لأحكام القانون، وهي الأمينة على الدعوى التأديبية تتولى إقامتها ومباشرتها أمام المحاكم التأديبية، كما تتولى الطعن في أحكام هذه المحاكم ومباشرة جميع الطعون أمام محكمة التمييز الاداري وهي النائبة عن الدولة في تعقب المخالفات التأديبية المالية والادارية حماية المال العام، وضمان حسن سير المرافق العامة وتحقيق العدالة التأديبية واكتشاف أوجه الخلل والقصور في النظم والإجراءات الإدارية والمالية.
و يترأس تلك الهيئات المجلس الاعلى للهيئات القضائية ويترأس المجلس رئيس الدولة او من يفوضه، هذا المجلس، ينظر في الأمور والشؤون الخاصة بمسائل هذه الهيئات، والهدف من انشاء المجلس أن لا تكون الهيئات القضائية بمعزل عن بعضها البعض وان يكون هناك آلية للتنقل بين هذه الهيئات للاستفادة من خبرات بعضها في البعض الاخر.
بقيت مسألة اخيرة وحساسة بعض الشيء، وقد تثير لبساً لدى البعض، وهي الاستعانة بالوافدين وتحديدا من مصر في الوظائف القانونية.
واذا كانت الكويت منذ عهد الاستقلال بحاجة الى خبرات الاساتذة و المستشارين من مصر وبعض البلاد العربية، فهي في ذلك الوقت لم تملك الخبرات القانونية المؤهلة لتولي زمام القضاء والنيابة والفتوى والتشريع والادارات القانونية في الدولة عموما وكذلك في كلية الحقوق عند انشائها في منتصف الستينات تقريبا.
وبالتالي شهدت فترة الستينات والسبعينات والثمانيات الاستعانة بأساتذة كبار في الجامعة وفي الجهات القضائية والقانونية عموما، الا انه بتزايد اعداد الخريجين الكويتيين من كليات الحقوق في الكويت والخارج، اصبحت الحاجة للاستعانة بغيرهم وبهذه الاعداد لامبرر لها، الا في اضيق الحالات خصوصا ان الاصل في التعيين سواء في الجهات القضائية والقانونية للكويتي ولا تكون الاستعانة بالاجنبي الا على سبيل الاستثناء ولكن ما جرى عليه العمل ومنذ عشرات السنين ان الاستثناء صار قاعدة والاصل صار استثناء وهذا امر آن الاوان لتصحيحه.
فهناك من الخبرات الوطنية اذا ما اتيح لها الفرص دون تدخل من واسطة او محسوبية يمكن ان تؤدي عملها بامانة واخلاص مع شيء من التواضع العلمي والاحترام والبحث والاستعداد لتقبل التوجيه والارشاد والا نشهد تنافساً غير محمود ومحموم لتولي المناصب القيادية أو انحراف في استعمال السلطة، مع توقيت هذه المناصب بمدة معينة حتى لا يُساء استغلال المنصب. والله ولي التوفيق.
مستشار قانوني