رئيسي: “إني أتنفس تحت الماء”

0 273

د. هادي مُراد

يلعبُ الفرنسيون آخر أوراقهم في لبنان بعدما تكللّت جهودهم مع الإيرانيين المنعزلين في شرق الخليج بتوقيع ميشال عون-نصرالله على حكومة الميقاتي.
وفي السياق نفسه، يجدُ الإيرانيون الملعب اللبناني آخر فسحة أمل لترميم الانعزال الدولي الذي يحيطهم من كلّ حدبٍ وصوب على أربع مستويات: أفغانيًا، وعراقيًا، وفرنسيًا وعربيًا.
فإيران المهزومة من بوابة القائد المعارض لـ”طالبان” أحمد المسعود خسرت، عكس التوقعات، عميلها في أفغانستان، إذ شنّت عليه “طالبان” هجومًا عنيفًا واحتلت وادي بانشير الذي يؤوي الجبهة الوطنية للمعارضة بقيادته، والمدعوم فرنسيا وإيرانيًّا.
ومن المفارقات العجيبة أن الناطق باسم “طالبان” ذبيح الله مجاهد، قال بعد السيطرة الكاملة على وادي بانشير، آخر معقل للمعارضة المسلحة ضد “طالبان”، في بيان”مع هذا الانتصار، خرج بلدنا بشكل كامل من مستنقع الحرب. سيعيش الناس حاليا بحرية وسلامة وازدهار”، في حين أن لبنان بلد الحريات والانفتاح قال ذات مرة نحن سائرون إلى جهنم.
وهذا ما حدث ويحدث بعد وقوع لبنان في منطقة النفوذ الإيراني الذي عرقل تشكيل الحكومة على مدى 13 شهرًا، قبل أن يرمينا في مرمى نار حكومة تشبهُ حكومات غازي كنعان، إن لم نقل أسوأ.
ورغم إدانة طهران الهجوم على منطقة بانشير، بيد أن النظام الإيراني ما زال ملتزمًا منذ سيطرة “طالبان” على أفغانستان الحذر في مواقفها، ولم ينتقد الحركة الإسلامية المتطرفة.
ولعل الصفعة الثانية للنظام الإيراني بعد الفخ الأفغاني هي تراجع السياسي الشيعي البارز مقتدى الصدر عن قراره قبل أكثر من شهر مقاطعة الانتخابات البرلمانية المبكرة بالعراق، مؤكدًا خوضه الاستحقاق البرلماني بعزم لإنقاذ العراق من الفساد والاحتلال، ما يهدد تيار نوري المالكي والحشد الشعبي في الانتخابات العراقية اكتوبر المقبل.
إيران التي تعوّل على الحشد الشعبي المتطرف، تتلقى المسمار الأخير في نعشها الدّولي والاقليمي بقرار مقتدى الصدر قيادة الحركة الصدرية الشيعية المناهضة للمالكي نحو البرلمان العراقي لأخذ المقاعد الشيعية في برلمان الـ 399 موقعا.
وتتوالى الصفعات بـ”إعلان الدوحة” عقد لجنة المتابعة القطرية- السعودية. كما أن الدول الخليجية تنظر بسلبية تجاه الرئيس الإيراني الجديد إبراهيم رئيسي فالشواهد والأدلة تثبت أن المملكة العربية السعودية وحلفاءها في المنطقة لا يثقون بالتوجه الذي يسلكه.
وما يزيد الطين بلّة، كشف مصادر إعلامية قبل ايام عن توقعات باتخاذ قرار غربي بشأن ما إذا كان سيتم تحميل إيران مسؤولية فشل مفاوضات فيينا، بعد اتهام أممي للحكومة الجديدة بجعل الإشراف على برنامجها النووي”مستحيلا”، وهذا ما يؤكد انتقاد الرئيس الإيراني السابق حسن روحاني محاولات البرلمان المتعددة في فرض قيود على المفاوضات الجارية المتعلقة بالاتفاق النووي، وأنها أضاعت فرص حكومته في التوصل إلى اتفاق خلال الفترة الماضية.
ووجه الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي تحذيرًا من أن أي اقتراح من هذا القبيل، أو إشارة عنه إلى مجلس الأمن الدولي، يمكن أن يؤخر أو يمنع إيران من العودة إلى المحادثات في فيينا.
إذن الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي مُحاط اليوم بالنكبات على طول حدوده عراقيًا وأفغانيًا وعربيّا، والأكيد أنّه يغنّي وحيدًا في طهران:”إني أتنفس تحت الماء…إني أغرق، أغرق، أغرق”.

كاتب، طبيب لبناني

You might also like