رسالة مفتوحة إلى الرئيس دونالد ترامب

0 890

حضرة السيد الرئيس
في زمن تفشي وباء “كوفيد- 19″، لم تسلم أي دولة من التداعيات الوخيمة للفيروس الأشد ضراوة الذي تشهده الكرة الأرضية منذ أكثر من قرن، ويقضي على الأرواح ويدمّر الاقتصادات،
أينما كنا في هذا العالم، ومهما كانت مكانتنا وأوضاعنا، نحن في القارب الهائم نفسه من دون أن تلوح اليابسة في الأفق.
أدرك جيداً العبء الثقيل الملقى على كاهلك نظراً إلى أن كل قرار تتخذانه هو بمثابة مفاضلة بين الاقتصاد والصحة العامة، لكنني أناشدك استكشاف الحقائق غير المريحة، فأي غياب للشفافية أو تعتيم على الحقائق لن يؤدّي سوى إلى زيادة الإرباك والشكوك التي تعتمل في العقول الخائفة، والتي يمكن أن تؤدّي إلى فوضى عارمة في الشوارع الأميركية.
سيدي الرئيس
لقد وضعت ثقتك بمدير المعهد الوطني للحساسية والأمراض المعدية الدكتور أنطوني فاوتشي، لقيادة الفريق الخاص بمكافحة “كورونا” رغم أن تصريحاته تتناقض في جزء كبير منها مع تصريحاتك. سيرته المهنية مثيرة للإعجاب، فقد تولى مناصب في عهود ستة رؤساء، بدءاً بالرئيس رونالد ريغان، ويحظى باحترام واسع من كبار الشخصيات في مجاله.
إلا أن فاوتشي مع ذلك يتعرض لانتقادات شديدة من بعض الأشخاص، ومنهم المدير الطبي لمراكز الطب المتقدم الدكتور رشيد بوطار، الاختصاصي في علم السموم، الذي يتّهم الدكتور فاوتشي بعدم الامتثال لقرار أميركي صادر في عام 2014، ويقضي بوقف الأبحاث على كائن بشري-حيواني بسبب خطر التسبب بظهور جائحة.
عدا عن ذلك، قرأنا عن حصول مختبر ووهان على 3.7 ملايين دولار أميركي من أموال دافعي الضرائب لمواصلة الأبحاث تحت إشراف الدكتور فاوتشي الذي توقّع في عام 2017 أن تواجه إدارتك جائحة خلال ولايتك الرئاسية.
يوجّه بوطار إلى فاوتشي وبيل غيتس وشرائح من وسائل الإعلام تهمة امتلاك أجندة خفيّة في ما يتعلق بوباء “كوفيد- 19″، وتضخيم عدد الإصابات بهدف زيادة عامل الخوف.
في الواقع، يكشف عدد متزايد من الأطباء أنهم يتعرضون لضغوط من أجل تسجيل الوفيات على أنها ناجمة عن الإصابة بوباء”كوفيد 19″ علماً أن بعض المرضى لا يكونون قد خضعوا للفحص من أجل التأكد من إصابتهم، ويبدي بوطار قلقه خصوصا من أن فاوتشي يدفع باتجاه اعتماد لقاح لم يخضع للاختبارات الكافية والمناسبة ومن الممكن أن تكون له مضاعفات خطيرة.
اخيرا كتب الرئيس السابق لقسم الأشعة العصبية في المركز الطبي لجامعة ستانفورد، الدكتور سكوت أطلس، مقالة بعنوان”البيانات صدرت – أوقفوا الذعر وأنهوا العزل التام” (The data is in – Stop the panic and end the total isolation)، وفيه يوجّه أصابع الاتهام إلى منظمة الصحة العالمية بسبب تضخيمها عدد الوفيات الناجمة عن “كوفيد- 19” بنسبة تصل إلى خمسة في المئة، ويشير الدكتور أطلس في هذا الصدد إلى أن الفيروس يتسبب بوفاة عدد قليل من الأشخاص في حين أن نصف المصابين به لا تظهر عليهم أي أعراض.
وقد عقد الدكتور دان إريكسون والدكتور أرتين ماسيهي اللذان يملكان مراكز للرعاية في بايكرسفيلد في ولاية كاليفورنيا، مؤتمراً صحافياً للحديث عن تجاربهما الشخصية والمباشرة مع المرضى، والتي قادتهما إلى استنتاج أن وباء “كوفيد- 19” ليس أسوأ من الإنفلونزا التي تحصد عشرات آلاف الأرواح في الولايات المتحدة سنوياً، وهما من أنصار فتح الاقتصاد من جديد، وهو المسار الذي تعتمده ولايات أمريكية كثيرة في الوقت الحالي.
قد تصرفون النظر عن هذه الانتقادات والنظريات الصادرة عن أشخاص يعملون في الميدان الطبي، إنما لا يمكنكم أن تستخفّوا بالمعلومات التي كشفتها زميلة سابقة للدكتور فاوتشي. إنها الدكتورة جودي ميكوفيتس التي أحدثت ثورة في علاج فيروس نقص المناعة البشرية المكتسبة (أيدز) في عام 1991، عندما نشرت أطروحتها لنيل شهادة الدكتوراه. فقد توقّفت ميكوفيتس عند واقعة حصول المستشفى على 13 الف دولار من برنامج “مديكير” عن كل مريض مصاب بوباء “كوفيد- 19″، ويتضاعف المبلغ ثلاث مرات في حال وُضِع المريض على جهاز التنفس.
كتبت الدكتورة ميكوفيتس، في أوج مسيرتها المهنية، مقالة في مجلة “جورنال أوف ساينس” كشفت فيها عن استخدام شركة “بيغ فارما” لأنسجة الحيوانات والأجنّة، ما تسبب بظهور أمراض مزمنة. ولم تكن تعلم أنها سوف تتعرض للأذى بسبب مجاهرتها علناً بالحقيقة. وهي تتهم السلطات القائمة بالقضاء على سمعتها المهنية وتدمير حياتها، وتكرّس نفسها حاليا لتسمية الأمور بأسمائها مع أنها تخشى أن تكون عرضة للانتقام، وهي تلوم الدكتور فاوتشي على التعتيم وتقول إن المعهد الوطني للحساسية والأمراض المعدية دفع ملايين الدولارات بهدف التغطية والمواربة.
إذا صحّت روايتها، فما تقوله مثير جداً للقلق. وقد أُرغِمت على التزام الصمت طوال خمس سنوات تحت طائلة “العثور على أدلة جديدة” تزجّ بها خلف القضبان من جديد، لكنها تحررت حاليا من هذه القيود وباتت قادرة على سرد الرواية من وجهة نظرها التي ضمّنتها في كتاب بعنوان “وباء الفساد، تجديد الإيمان بوعد العلوم” (Plague of Corruption, Restoring Faith in the Promise of Science).
باختصار، كانت ميكوفيتس في الخامسة والعشرين من عمرها جزءاً من الفريق الذي كان يرأسه فاوتشي، والاختصاصي في علم الفيروسات روبرت غالو، والذي كان مكلّفاً عزل فيروس نقص المناعة البشرية المكتسبة من لعاب المرضى في فرنسا ودمهم. تؤكّد أنها كانت تستعد مع الدكتور فرانك روزيتي لنشر ورقة بحثية عندما هدّدهما فاوتشي بالطرد من الفريق مطالباً بالحصول على نسخة عنها.
ووفقا لميكوفيتش، فقد عمد الدكتور فاوتشي إلى تأخير نشر الورقة لأشهر عدة وضع خلالها روبرت غالو ورقته البحثية الخاصة التي استمدّها من العمل الذي انجزته ميكوفيتس بالاشتراك مع روزيتي. تقول:”بالطبع، كان ذلك مرتبطاً بالحصول على براءات اختراع”. وتتهم فاوتشي والرئيس الحالي لمراكز مكافحة الأمراض والوقاية منها روبرت ردفيلد بتسجيل براءات اختراع مربحة ما يُشكّل تضارباً للمصالح، على الرغم من أن قانون بايه-دول لعام 1980 شرّع هذه الممارسة من خلال السماح للموظفين الحكوميين والجامعات بتسجيل اكتشافاتهم التي يتوصلون إليها بواسطة استخدام الأموال العامة.
وعلى غرار الدكتور بوطار، تبدي ميكوفيتس خشيتها من بعض اللقاحات التي تحقن الإنسان بأنسجة حيوانية، كما تقول، ما يتسبب بالإصابة بالسرطان وأمراض أخرى. وتعبّر عن سخطها من امتلاك بيل غايتس “صوتاً مسموعاً في هذه البلاد” علماً بأنه لا يتمتع بأي مؤهلات طبية، وهو يقول في موضوع اللقاحات إن “الحياة لن تعود إلى طبيعتها إلا بعد تطعيم سكان العالم على نطاق واسع”.
لقد حذّر غايتس الذي هو من المموّلين الأساسيين لمنظمة الصحة العالمية من ظهور وباء في غضون عقدٍ من الزمن “شبيه بالوباء الذي انتشر في عام 1918 والذي أودى بحياة أكثر من 50 مليون شخص”، الأمر الذي عرّضه للاستهداف المنتظم من أصحاب نظريات المؤامرة الذين يعتقدون أنه يسعى إلى إفراغ الكرة الأرضية من سكانها أو استخدام أجهزة تتبّع مخبّأة في اللقاحات من أجل السيطرة على السكان. وقد وصف غايتس، وهو ثاني أغنى رجل في العالم، هذه الهجمات بأنها مجرد “شائعات جنونية”.
تتشارك الدكتورة جودي ميكوفيتس أيضاً مع رشيد بوطار شكوكه بشأن رفض فاوتشي لاستخدام عقار الـ”هيدروكسي كلوروكين” الذي يُعتبَر بمثابة علاج فعال محتمل لفيروس “كورونا”، علماً أنه مدرَج منذ سبعين عاماً على قائمة الأدوية الأساسية في جميع أنحاء العالم؛ لكن فاوتشي يرفض هذه المعطيات معتبراً أنها مجرد “أخبار غير مثبتة”. تعلّق ميكوفيتس:”هذه ليست مجرد روايات، فهناك آلاف الصفحات من البيانات التي تُظهر فعاليته ضد هذه الأنواع من الفيروسات”، ومع ذلك “يمنعونه عن الأشخاص”.
يقول 2300 طبيب شاركوا في استطلاع آراء أجرته شركة “سرمو” في 30 بلداً، إن الـ”هيدروكسي كلوروكين” هو العقار الأكثر فعالية في علاج فيروس “كورونا”. ويقرّ 72 في المئة من الأطباء في إسبانيا أنهم وصفوا هذا الدواء لمرضاهم، ولذلك ربما كنتم على حق، سيدي الرئيس، عندما قلتم عن هذا الدواء إنه “سيغيّر قواعد اللعبة”، أو بالأحرى كان ليغيّر قواعد اللعبة لو أن الدكتور فاوتشي لم يسدد له ضربة سريعة على الرأس.
لعلّني كنت لأتجاهل الرسائل المضمّنة في مقاطع الفيديو التي تتحدى الآراء التقليدية، لولا السرعة التي تُحذَف بها عن مواقع “يوتيوب” و”فيسبوك” و”تويتر” لتعود فتُنشَر تحت عناوين مختلفة. وهنا يتساءل الكثيرون عن تحول هذه الشركات التكنولوجية العملاقة إلى شرطة الفكر التي تعمل على إسكات الأشخاص الذين يعبّرون عن آراء مغايرة، وهو ما أعتبره أمراً صادماً في دولة تفتخر بحرياتها الدستورية. كثرٌ حول العالم يتملّكهم غضبٌ شديد، ويريدون إجابات على أسئلتهم، فهم يتساءلون، كيف تنتهك هذه الفيديوهات المعايير، ومَن هي الجهة أو ما هي الأسباب خلف حذفها؟
لا أعرف ما هو صحيح وما ليس كذلك، لكن نظراً إلى أن هناك أموراً كثيرة ومهمة على المحك، أناشد إدارة ترامب أن تتعامل بالجدّية اللازمة مع المزاعم أعلاه التي تنتشر حول العالم كما النار في الهشيم. فإما يؤخَذ بها وإما تُدحَض، وفي حال كان هناك مَن يحاول التلاعب بالرأي العام من خلال نشر الأكاذيب، فيجب الإشارة إليه بالبنان أمام محكمة الرأي العام وتجريده من صدقيته.
أخيراً، أنتهز هذه الفرصة للتعبير عن أصدق تمنياتي بأن تتضافر جهود الجمهوريين والديمقراطيين من أجل التوصل إلى حلول لهذه الأزمة. عسى أن تخرج الولايات المتحدة من هذه الأيام العصيبة وقد باتت أقوى من السابق، وأن تستأنف دورها القيادي الذي يجعل منها مصدر إلهام في المجتمع الدولي.
وتفضلوا بقبول أصدق المشاعر.

خلف أحمد الحبتور

رجل أعمال إماراتي

You might also like