رمضان… غير
هيا الحوطي
أتى رمضان هذا العام كغيره من الاعوام السابقة على غير عادته، الذي قضى على مظاهر رمضان ما بين الأمور الروحانية والاجتماعية، ولكنه اجبرنا على صيام مختلف هذه المرة، خال من طقوسه فافتقدنا صلاة التراويح في المساجد التي تميز هذا الشهر، والتجمعات العائلية الكبيرة، وتجمعات الإفطار بين الأصدقاء وعادات راسخة منذ زمن بعيد كالديوانيات التي تجمعنا وتكون عامرة بالرواد وتقام فيها حفلات الإفطار الجماعي.
قبل أيام قليلة من حلوله، كان سؤالنا، كيف نقضي شهر رمضان هذا العام في ظل هذه الأوضاع، فماذا سيبقى من الطقوس الدينية والعائلية في الشهر الفضيل؟ وكيف سيؤثر في أفضل شهور السنة؟ بعد أن أغلقت أبواب المساجد ونادى المؤذن “ألا صلوا في بيوتكم، ألا صلوا في رحالكم”، من كان يتصور أن شهر الصيام لهذا العام سيكون خاليا من أهم مميزاته وخصوصياته، صلوات التراويح وموائد الرحمن وفريضة العمرة والعزائم والتجمعات العائلية على الإفطار. هذا شهر نتشوق له وننتظر قدومه كل عام، فهو شهر عبادة ومودة، تتغير حياتنا خلاله، فلا نهاره كأي نهار، ولا ليله كأي ليل، إنه شهر مملوء بالعادات والعبادات والزيارات والمحبة والتآخي والتراحم.
لقد مر شهر رمضان عبر التاريخ بظروف صعبة وكثيرة من أزمات وكوارث، ونعيش اليوم أزمة هي أقرب للكارثة، ووسيلتنا للانتصار عليه هي التزامنا بالتباعد الجسدي والاجتماعي بين أفراد المجتمع، لذا علينا مراعاة هذه الظروف، ولنتذكر أن صحة وسلامة أهلنا أهم من جَمعتنا، والأيام مقبلة، وبإذن الله ستكون أفضل، ونلتقي مجدداً بكل محبة ومودة، فالتمسك بالإرشادات الصحية، والتباعد الاجتماعي، لا يعني ابدا عدم استمتاعنا بروحانيات رمضان، وقد نكون هذا العام أقرب إلى عائلاتنا وأبنائنا فلنجعلها ليالي مملوءة بالمودة والرحمة والروحانيات والعبادة والتقارب العائلي في البيت الواحد، وأن نتذكر مواصلة مواجهتنا ضد “كورونا”، وأن نعمل على احتوائه، ومساندة الجهات الصحية وعدم الاختلاط، فما المانع أن نؤجل كثيراً من عاداتنا وتقاليدنا وتجمعاتنا التي نعتز ونفخر بها دوماً، والتي ننتظرها بشوق كل عام، غير أن هذا العام مختلف، والظروف الحالية فرضت علينا الحذر والانتباه، والالتزام التام بإرشادات مكافحة الفيروس، فلنحافظ جميعا حتى نصل إلى اليوم الذي نقضي فيه على هذا المرض. الشهر الفضيل شهر عبادة ومودة، والإسلام بأكمله دين رحمة، ومن تلك الرحمة محافظة كل إنسان على صحة عائلته وأصدقائه ومجتمعه، اي لا نعرض غيرنا للأذى فتأكيدنا على الالتزام بالتعليمات الصحية في رمضان وغير رمضان، وكل عام والجميع بخير.
إعلامية كويتية