رمضان ليس شهر كسل ولهو صراحة قلم
حمد سالم المري
لا أعلم لماذا البعض إذا حل شهر رمضان المبارك تغير حاله، وأصبح عصبي المزاج، يأتي متأخرا إلى مقر عمله، وتقل انتاجيته، رغم أن الحكومة تقلص ساعات العمل في شهر رمضان، وأخرت ساعة الحضور إلى منتصف النهار، مما يفترض أنه قد شبع أكلا، ونوما في ليلته السابقة؟
شهر رمضان حاله حال الأشهر الأخرى من حيث العمل الدنيوي، بل من المفترض أن يكون شهر بداية نهاره نشاطا وحيوية لما فيه من الصيام الذي يجعل الفرد خفيف النفس والجسد، لأن الفرد إذا ملأ بطنه يصاب بالخمول والكسل.
وما يميز شهر رمضان هو كونه شهرا خصه الله تعالى بأن أنزل فيه القرآن، وتفتح فيه أبواب الجنة، وتغلق أبواب النار، وتصفد فيه مردة الشياطين.
وفيه ليلة القدر العبادة فيها أفضل من عبادة أكثر من 83 سنة، فينتهزه المسلم في الاكثار من الطاعات من صيام، وقيام، وقراءة قرآن، وصدقة وزكاة فطر، وغيرها من طاعات.
انتشرت رسالة عبر قنوات التواصل الاجتماعي يدعو فيها كاتبها أئمة المساجد، والخطباء، بمناسبة قرب حلول رمضان، ألا يتطرقوا إلى فضل الصيام، والقيام، وقراءة القرآن، أو ما هي أنواع زكاة الفطر، وما هو مقدارها، لأن الناس، كما يزعم، تعلم بهذه الأمور كلها، وأن الأولى للائمة والخطباء التحذير من الفساد، وأن يدعوا إلى الإصلاح، وهذا الكلام فيه تقليل من شأن رمضان، والعلم الشرعي الذي بسببه يؤدي المسلم عباداته وطاعاته بشكل صحيح وفق القرآن والسنة.
فكما هو معروف لكل مقام مقال، ففي ذكرى الأيام الوطنية مثلا، يذكر المصلحون الناس بأهمية حب الوطن، والمحافظة عليه، من خلال اتقان الأعمال الموكلة لهم، والالتزام بالقوانين، ومحاربة الفساد.
وفي موسم الحج يذكرونهم بفضل الحج، وأحكامه، وحكم الأضحية، وهكذا، كل في كل مناسبة، دنيوية أو دينية، ولقدوم شهر رمضان يذكرونهم بأهمية صيام هذا الشهر، وأحكام الصيام، وأحكام زكاة الفطر، حتى يعبدوا الله على بينة.
ومن يرى أن الناس يعلمون بهذه الأحكام مسبقا، وأنه من الأفضل التطرق إلى الفساد وكيفية محاربته، نقول له: أن تعليم وتذكير الناس بأمور دينهم أهم بكثير من حطام الدنيا الفانية، فإذا صلح دينهم أصلح الله لهم ديناهم، أما إذا فسد يدنهم، تركهم الله وشأنهم في دنياهم فزاد فسادهم فسادا.
للأسف الكثير من الناس يعتبرون شهر رمضان شهر طبخ ألذ المأكولات، ومتابعة المسلسلات والأفلام، والسهر ولعب الورق، وإقامة دورات كورة أقدم الرمضانية، فيخرجون من شهر رمضان من دون أن ينالوا من فضله وخيره إلا القليل.
وهذا أحد أسباب كسلهم وانزعاج مزاجهم عن حضورهم إلى مقر أعمالهم، فبدلا من الهمة والنشاط، يزدادون كسلا، وهنا نذكرهم دعاء نبينا محمد” صلى الله عليه وسلم”: “اللهم من ولي من أمر أمتي شيئا فشق عليهم فاشقق عليه، ومن ولي أمر أمتي شيئا فرفق بهم فارفق به”.
أسأل الله أن يجعلنا من عتقائه من النار في هذا الشهر الكريم، وأن يجعلنا من أهل ليلة القدر.
al_sahafi1@