سمير جعجع لا يحترم عقول وذاكرة اللبنانيين
إلياس بجاني
“ألا تَعْلَمُونَ أَنَّكُم عِنْدَمَا تَجْعَلُونَ أَنْفُسَكُم عَبيدًا لأَحَدٍ فَتُطيعُونَهُ، تَكُونُونَ عَبيدًا للَّذي تُطيعُونَه”؟ (من رسالة القديس بولس الرسول إلى أهل رومية06/من12حتى23)
قال سمير جعجع في كلمة له ألقاها خلال المؤتمر الذي أقامه حزبه وتناول الشأن البيئي:”الوضع لم يعد يحتمل ولا يطاق في مختلف المجالات، وعلى سائر المستويات، فلا السيادة بخير، ولا الدولة ومؤسساتُها بخير، ولا الوضع الاقتصادي بخير، ولا المواطن بخير، والبلاد تسير على طريقة سارحة والرب راعيها”.
كلام جعجع الإسقاطي هذا، ومن دون مسايرة أو لف أو دوران، هو بامتياز هروب من تحمل المسؤولية، وتعموي فاقع، وخطير للغاية ومرفوض، وذلك لأنه منطق مشوه للحقيقة ويستخف بالمواطنين، ويسخر ويستهزئ ويستخف بعقولهم وبذكائهم، وبعمق معرفتهم بكل أسباب ومسببي حالة البؤس والضياع والفوضى، والتفلت التي وصل إلى دركها السفلي الوضع في لبنان.
هذا اللبنان الفاقد لقراره، والذي يحتله”حزب الله”، ويتحكم بكل مفاصل الحياة فيه على المستويات والصعد كافة.
وباختصار أكثر من مفيد، فإن كلام جعجع هذا لا يحترم بمضمونه المواطنين، وليس فيه أي تحسس لمعاناتهم، كما أنه نوع من “أحلام اليقظة”، يعيشها صاحبه الذي يبدو أنه منسلخ كلياً عن واقع وحياة اللبنانيين.
ومن هنا، فإن من لا يحترم المواطنين ويتشاطر ويتذاكى عليهم عن سابق تصور وتصميم، كما هو حال مضمون كلام جعجع، فهو على الأكيد…الأكيد لا يحترم نفسه، لأن فاقد الشيء لا يعطيه.
كيف يتوهم جعجع ان كلامه الإسقاطي والتشاطري هذا فيه أي رائحة من الصدق والمصداقية، وهو ليس مواطناً عادياً و”معتر” كباقي الموطنين ليشتكي ويبكي وينق، بل هو شريك من الدرجة الأولى في الحكم.
شريك رئيسي من خلال اربعة وزراء، و15 نائباً في البرلمان، كما أنه البطل المغوار “لتفاهم معراب”(تفاهم تحاصص وتقاسم المسيحيين المعيب)، وهو من أركان “الصفقة الخطيئة” التي بادلت السيادة بالكراسي، وهو من فرط مع الرئيس الحريري تجمع” 14 آذار”، ومن يفاخر ليلاً ونهاراً برفع رايات نفاق “الواقعية”، والإستسلام للأمر الوقع.
وهو حسب واقعيته الشاردة هذه راض بفرح واسترخاء بمساكنة سلاح ودويلة وحروب واحتلال “حزب الله”، والذي لم يعد يأتي على ذكره إلا بالمديح، وآيات الإعجاب والتغني بدوره الإصلاحي؟
فهل يتوهم أمير راية نفاق”الواقعية” ان الأدوار والمسؤوليات في لبناننا المحتل قد انقلبت رأساً على عقب، وأصبح المسؤول والحاكم هو من يشتكي وينق ويبكي، كما جاء في كلامه المرفوض والمدان، والمواطن أصبح هو من يتحمل مسؤولية الحكم والحكام وعليه اللوم والملامة؟
فعلاً إنه موقف مستغرب، لكن لم يعد أي أمر غريب أو مستغرب في لبنان بكل ما يتعلق بالحكم والمسؤولين والسياسيين، وشركات الأحزاب وممارسات وثقافة أصحابها، حيث أصحاب شركات الأحزاب هؤلاء باتوا يتحكمون بمصير ولقمة عيش ورقاب الناس، ويصورون أنفسهم انصاف آلهة يتوجب عبادتها والهتاف لها ليلاً ونهاراً” بالروح وبالدم نفيدك يا زعيم”.
إذا مسؤول مثل جعجع عنده اربعة وزراء و15 نائبا، وشريك كامل الأوصاف بالحكومة، غير راض كما يدعي، أفليس أخلاقياً وضميرياً واحتراماً للذات وللمواطنين عليه الاستقالة فوراً، ونقل حزبه إلى قاطع المعارضة؟
كل الوقائع تقول انه باق في الحكم والحكومة، ولن ينتقل للمعارضة، لا اليوم ولا غداً، لأن مبادلة الكراسي بالسيادة هي أولوية عنده، وكذلك وهم كرسي الرئاسة.
يبقى أن وضعية جعجع الحالية هي، إجر بالفلاحة وإجر بالبور، وهنا يصح في تموضعه” الملقلق” قول المثل الجبلي:” يلي بدو شي لنفسه، هو أضعف شي”، والعكس صحيح.
ناشط لبناني اغترابي