سياسات الظل الأميركية بشأن إيران والخليج

0 136

عبدالعزيز محمد العنجري

مع اقتراب إحياء الاتفاق النووي مع إيران، الذي تم توقيعه في عهد الرئيس أوباما عام 2015، ثم انسحبت منه الولايات المتحدة في عهد الرئيس ترامب، تشير الدلائل إلى أن الاتفاقية الجديدة ستكون أضعف من الأولى، الأمر الذي سينتج عنه الحد من قدرة إيران على إنتاج السلاح النووي، من دون منعها من الحصول على مثل هذه الأسلحة.
لذا تتبادر الى الذهن اسئلة عدة:
1. ماذا سيكون الوضع اليوم لو تمت إعادة إحياء هذا الاتفاق؟
2. هل تظن ادارة الرئيس الاميركي أن الإفراج عن 100 مليار دولار للحكومة الايرانية من الاموال المحتجزة في البنوك بسبب العقوبات الأميركية، ستستخدم لتحقيق التنمية وخدمة الشعب الإيراني؟
3. ألن تستخدم هذه الأموال لمزيد من زعزعة الاستقرار في المنطقة، وتنمر ايران على جيرانها عبر وكلائها، في العراق وسورية ولبنان واليمن وغيرها من الدول؟
لا يوجد سبب للاعتقاد بأن إيران ستخصص هذه الأموال بشكل مختلف عما فعلته في المرة الماضية، والمنطقة لديها ندوب وجراح كثيرة لإثبات ذلك.
كما لم يعد بإمكان مراقبي السياسات الأميركية تجاه المنطقة تجاهل النظرية القائلة إن الولايات المتحدة لا ترغب بالتدخل في ملف تهديدات ايران في المنطقة، لأنها تسعى لإجبار جميع دول الخليج على التعامل مباشرة مع إسرائيل، لمواجهة هذه التهديدات الإيرانية.
حيـث تسعى الإدارة الأميركية إلى توسيع موجة التطبيع، بالترغيب او الترهيب، ووفقًا لهذه النظرية، فمن لا يذهب إلى تل أبيب على قدميه راغبًا في جزرة أميركية سوف يركــض إليها هربًا من عصا الإرهاب الإيراني، إذا جاز التعبير.
اذا فإن إيران حاليا في موقف مفاوض قوي، نتيجة لافتقار سياسات الحكومة الأميركية إلى بعد النظر بشأن عواقب الدرجة الثانية والثالثة للعقوبات، التي فرضتها على روسيا في أعقاب الحرب في أوكرانيا، ومع تزايد حاجة الغرب لتأمين إمدادات نفط وغــاز جديدة لتحل محل الإنتاج الروسي المُقاطع، برزت الحاجة هنا للتفاهم مع إيران.
وفي حالة أغرب من الخيال، من يؤدي دور الوسيط بين المفاوضين الأميركيين والإيرانيين في فيينا هي روسيا(!) حيث يرفض الوفد الإيراني التحدث مباشرة إلى الجانب الأميركي، لكنه أوعز بهذه المهمة علنا للروس.
بالإضافة إلى المخاوف التي قد تؤثر على منطقتنا العربية نتيجة هذا الاتفاق، حذر خبراء أميركيون من انعكاسات هذا الاتفاق ايضا على مصالح بلادهم، حيث تسعى إيران إلى تعميق تعاونها الأمني مع روسيا لمواجهة مصالح الولايات المتحدة وحلفائها. ووجود اتفاق نووي سيوفر لطهران تدفقات نقدية كبيرة ومساحة مهولة للمعاملات التجارية التي تعزز هذه المخاوف، فبالنسبة اليهم، هم مندهشون من أن الرئيس بايدن لا يتعامل مع إيران كعدو حليف لعدوهم روسيا.
أعتقد أننا بحاجة إلى قيادة خليجية عربية تؤمن بأن أي تعاطف مع إيران هو تعاطف مع الشيطان، وتتعامل مع إيران كدولة معادية، اي نحتاج الى قيادة لا تجامل على حساب امن واستقرار المنطقة.
ولا يمكن أن يتم ذلك إلا إذا كانت هناك قيادة واضحة تحدد الأهداف المشتركة وخطة العمل. فإيران كانت، ولا تزال، تشكل تهديدًا يجب مواجهته، ديبلوماسيًا واقتصاديًا وثقافيًا، قبل مواجهته عسكريًا إذا لزم الأمر.
ففي ظل التنمر الإيراني المستمر، لم يعد ممكنا التعويل على الولايات المتحدة للوقوف أمام إيران وخوض معركة الدفاع عن المنطقة نيابة عنا. وسياسة الرئيس الأميركي جو بايدن تجاه ملف ايران لا تبدو سوى ظل متطابق لسياسة أوباما التي سعى اليها قبل سبع سنوات.
ختاما، لا يبدو أن واشنطن تتعلم من أخطائها، أو ربما لا تعلم من حيث المبدأ أنها قد أخطأت…فما العمل؟

المؤسس، الرئيس التنفيذي
مركز ريكونسنس للبحوث والدراسات

You might also like