صمت المجتمع الدولي على القمع الإيراني

0 247

د. مجيد رفيع زاده

رغم أن إيران تتصدر عناوين الأخبار باستمرار، لكن لم يتم إيلاء الاهتمام الكافي لحقيقة أنها شهدت مستويات غير مسبوقة من الاضطرابات والاحتجاجات الاجتماعية لأكثر من عامين، وبلغت خيبة الأمل الاجتماعية ذروتها في انتفاضتين عارمتين على مستوى البلاد في 2018 و2019.
ووسط تفاقم مؤشرات الفقر والبطالة والتضخم، أثارت الاحتجاجات الصغيرة بسرعة انتفاضة أكبر في جميع أنحاء البلاد في عام 2018، وطوال شهر يناير 2018، انتفضت أكثر من 150 مدينة، وتحولت المظالم الاقتصادية بسرعة مطالب لا لبس فيها بتغيير النظام.
لقد شملت الشعارات التي دخلت الحركة الرئيسة خلال تلك الانتفاضة “الموت للديكتاتور” و”أيها المتشددون والإصلاحيون، انتهت اللعبة”، واستهدفت المزيد من الشعارات المرشد الأعلى علي خامنئي، الذي يهيمن على رأس نظام الحكم والسلطات الدينية.
في خطاب ألقاه خلال ذروة انتفاضة 2018، ألقى المرشد الأعلى للنظام علي خامنئي باللوم على أعدائه، وتحديداً منظمة” مجاهدي خلق” المعارضة، في التحضير للاحتجاجات الجماهيرية وقيادتها فيما بعد.
لطالما زعم نظام الملالي أن “مجاهدي خلق” تفتقر إلى الدعم الاجتماعي، وأنها غير ذات أهمية، وحاليا مع تزايد الاستياء العام واشتعال المزيد من الاحتجاجات في الأفق، يبدو أن النظام يضطر إلى الاعتراف بتأثير هذه المعارضة الرئيسية، وفي الفترة التي سبقت الانتفاضات، نشر نشطاء المعارضة رسائل عدة في الأماكن العامة استهدفت النظام وحثوا على الإطاحة به. وفي نوفمبر 2019، أشعلت انتفاضة كبرى أخرى حملة شعبية لتغيير النظام، وعلى ما يبدو أن الرسائل والشعارات والمطالب الرئيسية للاحتجاجات، وكذلك الدعوة الواضحة لتغيير النظام، تتماشى مع ما دعت إليه المعارضة الإيرانية، المتمثلة في منظمة” مجاهدي خلق”، طوال السنوات الأربعين الماضية. لقد دعت حركة المعارضة الرئيسة والكبرى إلى جمهورية حرة علمانية ديمقراطية، غير نووية، تحترم حقوق الإنسان وتدعو إلى المساواة بين الجنسين، لكن رغم التحولات السياسية الهائلة في إيران، ظل المجتمع الدولي والحكومات الغربية صامتين بشكل صادم.
يرغب المدافعون عن الديمقراطية في رفع مستوى الوعي حول القوة المتنامية للشعب الإيراني وكذلك تشتت النظام وضعفه وسقوطه الحتمي.
في حين يشير النشاط المستمر للمتظاهرين الإيرانيين منذ بداية العام إلى أن السكان يؤدون دورهم، لكن لا يمكن أن يقال الامر نفسه بالضرورة عن الحكومات والمنظمات الأجنبية التي يمكنها دعم المقاومة.
اجتذبت المسيرات السنوية السابقة ما يصل إلى مئة الف مغترب إيراني، وشارك الإيرانيون هذا العام في الحدث الاكبر، وهو مؤتمر المعارضة عبر الانترنت من 30 ألف موقع في 104 دول. وانضم إليهم أكثر من الف برلماني ومسؤول سابق، وسفراء وعلماء وخبراء في الشؤون الخارجية من جميع أنحاء أوروبا وأميركا الشمالية وبقية العالم، وفي المؤتمر العالمي لإيران حرة، كانت مناسبة لصانعي السياسة الغربيين والأطراف المهتمة الأخرى اكتساب فهم أعمق لما يحدث داخل إيران. كما وفر المؤتمر، الذي كان احد أكبر التجمعات عبر الانترنت منذ انتشار فيروس “كورونا”، مزيدًا من المعلومات حول المقاومة الإيرانية، وكيف يمكن للآخرين أن يثقوا في أن نتيجة تغيير النظام بدافع محلي ستفضي إلى تأسيس إيران ديمقراطية مفيدة للمجتمع الدولي كما تفيد الشعب الإيراني نفسه.
إيران تعيش في حالة اضطراب دائم، وهناك علامات لا يمكن إنكارها وهي أن الملالي في مشكلة عميقة، وأن رغبة الشعب في تغيير كبير قد غدت أكثر وضوحا من أي وقت مضى، وفي هذه الظروف، ستكون فرصة ضائعة إذا غضت الأطراف الغربية الطرف عنها.

عضو مجلس إدارة مجلة “هارفرد إنترناشيونال ريفيو”، رئيس المجلس الدولي الأميركي

You might also like