“طالبان” للرئيس الإيراني: “جاك الموت يا تارك الصلاة”
د. هادي مُراد
ازدادت مطامع إيران وتدخلاتها في شرق المتوسط في الآونة الأخيرة، وبدأت تتدخل بشكل واضح على كل الأصعدة، السياسية والأمنية والاقتصادية، في الدول العربية وصولًا إلى لبنان، حتى بلغ الأمر تخويف عرب الخليج من ضرب القواعد الموجودة فيها.
إن كثرة المغامرات والمناوشات دليل على أن النظام الإيراني الحالي، لا سيما بعد سيطرة المحافظين على أجهزة الدولة ورئاسة الجمهورية، لا يولي أهمية كبرى لحماية مواطنيه أو أذرعه من الشيعة العرب.
ولعل ما جرى على الحدود اللبنانية الجنوبية استكمال لما تسعى إليه إيران، ليس لحماية لبنان كما توهم البعض من أدعياء المقاومة وحب القدس، بل لأنها تريد سهما أكبر من الاقليم الذي تنافسها عليه إسرائيل.
والأزمة الحالية التي يمر فيها لبنان هي الثمرة البائسة للتدخلات الإيرانية وتصدير ثورتها إلينا، وذلك بعد حالة الغليان والثورة التي نتجت عنها في السابع عشر من “تشرين 2019، وهو ما خلق شعورًا لدى وكلاء إيران في لبنان باقتراب فشل مشروعها، وإن كان متأرجحًا، لكن حسن نصر الله حرص على استعادة حالة السكون تحت إرهاب ميليشياه والخوف، فاستعاد سياسة الفوضى التي تتغذى عليها كل ميليشيا أو مافيا، وما تعطيل الحكومة إلا استكمال لهذه السياسة التي يعتمدها نصر الله بقناع يسمى جبران باسيل، وهذا ما أكده باسيل في إحدى تغريداته على “تويتر” حين أقر أنه يرضى بما يرضى به نصر الله، وأن هذا كلامه الأخير بالنسبة للحكومة، وهذا ساهم في انهيار البلد وتدميره ليزيد الطين بلة بعد استهتار المافيا الحاكمة في التصدي لـ”كورونا” والازمة الاقتصادية التي تبعت الجائحة، كل ذلك كان وبالا عليه وعلى العونيين وجميع أحزاب لبنان.
بالعودة للحديث عما جرى على الحدود الجنوبية، فالحرب عندما تحصل لا تكفي فيها العنتريات، بل لا بد من وحدة قومية (وهي غائبة) وقوة اقتصادية (وهي منعدمة) وجيش وطني (يُراد تعويضه بما يشبه الحرس الثوري)، وكما ذكر السيد محمد الأمين، رحمه الله، أن حربنا الستراتيجية مع إسرائيل هي حرب حضارية، مؤكدا على شروط الحرب المذكورة آنفاً.
نعم، نحن نعلم أن تهديد الإقليم لا يعني الغرب كثيرا، إذا ما استثنينا اسرائيل، ومن ثم فكل ميليشيات إيران عندما يجد الجد لن يكون لها مفعول إذ يكفي أن “يقطع الرأس فتجف العروق” بمعنى أن الضرب سيكون في إيران نفسها.
فيما الغرب يحتاج إلى إيران لأنها هي العامل الأساسي في استحلاب الخليج العربي والسعودية وأخذ الاتاوات وبناء القواعد العسكرية قرب حقول النفط.
سيحافظ الغرب على إيران لحاجته إليها، لكن في الحدود التي لا تعرض إسرائيل للخطر وتمنع سيطرتها على الخليج. لذلك فضربها قد حان، إما طوعا بالإنذار والتسليم السلمي، أو بالحرب التي يعدون لها منذ أن بدأ الاميركان مغادرة الاقليم.
لا يمكن أن يكون الغرب غبيًا حتى لا يعلم أن إيران تسارع الخطى للوصول إلى الردع النووي الذي يحمي نظامها ويحافظ على دورها في الاقليـــــم والعالم، لذلك فالحل الوحيد هو استعادة الردع الحاسم، وهذا ما اشار إليه وزير الدفاع البريطاني، والردع الحاسم لا يتلعق بإيران وحدها، بل بكــــــــــل من يريد ان يتحدى الغـــــــرب، لكن بالترتيب، فالبدء سيكون بإيران وسيليــه كل من لا يرتدع ممن يتحدى الغرب.
كما أن التوجه شرقاً لن يسعفها هذه المرة، بل ستقبل العودة إلى الاتفاق النووي بشروطه الجديدة مرغمة، إذ نستطيع القول إن خروج أميركا من افغانستان هو الفخ الذي سيترك روسيا الحليفة ضعيفة، حيث سيطرة حركة “طلبان” على أفغانستان ورحيل الرئيس الأفغاني من كابول، ما يمكن أن تستأنف التمهيد لهزيمة روسيا كما فعلت في المرة السابقة، فروسيا ستتورط بالتدخل لحماية ما حافظت عليه بعد السوفيات من الجمهوريات الإسلامية.
ويمكن لعودة الصراع الافغاني والصراع الأذري حول إيران أن يفجر وحدة الدولة الإيرانية لأن البلوش من تحت، والاذريين من فوق، والعرب من الغرب، يمكن أن يخوضوا معركة الانفصال عن الفرس، وبالتالي “طالبان” اليوم على الحدود الإيرانية تقول بصوت واحد للرئيس رئيسي:”جاك الموت يا تارك الصلاة”.
ناشط حقوقي لبناني