طعنة في صدر رسالة التعليم طريقي
عدنان قاقون
على مدى اكثر من ثلاثة عقود من العمل في بلاط صاحبة الجلالة(اه ايها الزمن كيف عبرت بهذه السرعة) كان التعليم محورا اساسيا في عملي المهني، وكأن هناك ثمة توأمة حقيقية بين رسالتي التعليم والاعلام المسؤول.
اليوم وسط هذه الضبابية السياسية التي تخيم على العلاقة بين السلطتين،لا تأخذ، في تقديري، قضية الغش الجماعي للتلاميذ الاهتمام الذي يتناسب مع كارثة بهذا الحجم.
ومع كل انتكاسة في الميدان التربوي اتساءل: كم يكون مفيدا ان تنبش صحيفة “القبس” الغراء كنز تلك الدراسة والتوصيات التي انجزها الدكتور فوزي ايوب عام 2012، والتي استغرقت عاما كاملا، كنت حينها الى جانب الدكتور احمد طقشة والكبير الراحل سهيل عبود من المشرفين على تفاصيلها.
ولان للميدان التربوي رجالاته ونساءه، وهم بمثابة اوصياء على الاجيال، كان لي لقاء مع مرجع تربوي طارحا عليه السؤال البديهي: لماذا وصل الامر الى هذه المرحلة؟ ثم من اين نبدأ خطوات تطويق الكارثة؟
“المسؤولية جماعية…الاسرة مسؤولة، المعلم مسؤول، والادارة المدرسية مسؤولة ايضا عن هذا الفساد في البيئة التربوية”. تلك كانت الاجابة الاولية للمرجع التربوي، قبل ان يضيف: “الغش لم يغب يوما في ي دولة في العالم، لكن ما نلاحظه انه تحول مؤسسة ربحية، فالتلميذ فقد الدافع للتعليم، ويتطلع الى النجاح باي طريقة، وتلك ربما مشكلة اخطر “. في تقدير المرجع التربوي ان التدخل السياسي في القضية التربوية امر مرفوض من اي جهة كانت، والوزارة لا تنقصها قوانين حماية الاسئلة، لكنها تفتقد تفعيل اليات التطبيق”. درجت العادة ان يرفع الموجهون الاوائل مقترحات الاسئلة للموجه العام الذي يحدد بنفسه الاسئلة، وكانت المطبعة السرية منطقة محظورة لا يدخلها الا الموجه العام ومجموعة تعد على اصابع اليد الواحدة، وكان يتم اعدام الاوراق التالفة في الحال تحسبا لتسربها.
وهنا يلاحظ المرجع التربوي ان الاقتحام المتسارع للتكنولوجيا الى الميدان التربوي لم يواكبه اجراءات رادعة لضبط انكشاف القرية الكونية، ففقدت المطبعة السرية سريتها، وتسللت النفوس الضعيفة لتنمو وتصبح مؤسسة اجرامية متكاملة، ولابد من الاشارة هنا الى احالة الوزارة المسؤوليين عن كارثة الغش الجماعي الى النيابة العامة.
كان ولا يزال للمعلم الدور الاساس في تربية النشء على التربية قبل التعليم، وعلى قياديي وزارة التربية ان يتعاملوا مع واقع ان جريمة الغش الجماعي كانت وليدة البيئة التي تخرج الاجيال، وهنا مربط الفرس والمشكلة الاساس، فلقد اساءت الجريمة الى الميدان التربوي لكنها طعنت بالعمق هذه الرسالة المقدسة.
سألت المرجع التربوي ايضا: عما اذا كانت القضية تحتاج الى تشكيل لجنة او هيئة عليا تتبع رئاسة الحكومة تعنى بتطوير التعليم من مناهج وكفاءة معلم او اسلوب ادارة؟ فكان الجواب: “لا اميل اطلاقا الى اي تدخل بمهمات وعمل القيادة التربوية لانه حين تدخل السياسة في التعليم فكل يريد ان يدلي بدلوه”.
محلل سياسي
Akakoun@hotmail.com