ظاهرة التغريد خارج الصندوق
أروى المهنا
هل يمكن للمفكر العربي أن ينجو بأفكاره الحقيقية بسهولة أمام هول التهم الجاهزة في فضاء التواصل الاجتماعي؟ لا أكاد أقرأ كاتبا أو باحثا يكتب عكس التيار المعتاد حتى تنتظره تهم خارجة عن مفهوم اللباقة العامة،لاسيما سياق الفكرة المطروحة، الكتابة عن الحداثة، تجديد الخطاب الديني، الفلسفة، الحقوق العامة بما فيها حق أن نتعلم قول كلمة لا، مواضيع شائكة هي محل اصطدام مع القارئ. هل يمكن للكاتب حقاً مغافلة هذا القدر بما فيه انحصار مايوثق في مضمار المشتغلين بما يخدم حركات التغيير المعاصرة فقط، ثقافياً، اجتماعياً، اقتصادياً ؟ وجد المفكر التونسي يوسف صديق والمشتغل في تحرير النص القرآني من السلطة التقليدية وحكم الفقهاء، وجد لأفكاره متأسفاً مكاناً يليق بما يحاول قوله خارج البلاد العربية،بل أنه حظي باحترام بالغ لما يقدم باعتباره مفكراً قدم أشبه ما قام به مارتن لوثر في القرن السادس العشر، والذي اشتغل بدوره في إلغاء الوساطة الدينية بين الإنسان وخالقه. تجربة يوسف صديق همشت بشكل أو بآخر على نطاق أوسع من أي فضاء تواصلي،وهي تجربة فريدة كمثيلاتها من التجارب العربية المتخصصة في الثقافة الإسلامية. يؤكد بعض المهتمين أن الجدال الفلسفي في المشهد الثقافي العربي لم يجد له أرضا خصبة وهذا مايحيلنا إلى الاقتباس بشكل تقليدي في مراحل عدة. يحاول الفيلسوف اللبناني ناصيف نصار من خلال كتابه طريق الاستقلال الفلسفي ” سبيل الفكر العربي إلى الحرية والإبداع ” أن يشق طريقا مختلفة في المسار الفلسفي العربي،وهذه التجربة رغم أنها ثرية لكنني أراها مغيبة ان صح التعبير، وهذا بالطبع يعيق نمونا الحضاري العربي، فيما تزدحم المناسبات الثقافية بالندوات المتعلقة بالرواية والأمسيات التي تحولت إلى ماأشبه بالتسويق بالشاعر، هل سنشهد جمهوراً يصفق للفكرة كما يصفق للقصيدة ؟! كيف يمكن خلق ظاهرة اجتماعية تأخذ بعين الاعتبار أهمية حضور أسماء ثقافية عربية تعنى بشكل كبير بالتغريد خارج الصندوق ؟!
كاتبة سعودية