عوامل تعيق النمو

0 76

د.لويس حبيقة

هناك عوامل تعرقل النمو الاقتصادي العالمي رغم الاستثمارات والجهود والمؤتمرات العالمية والاقليمية للانطلاق، لذا يجب الاستمرار في تعويض ما خسره العالم جراء “كورونا”، وما نتج عنها من اقفال، وموت واصابات وخسائر صحية وبشرية.
عودة الاقتصاد العالمي الى النمو القوي تبدأ من التجـارة التـي، وان ازدهـرت اخيـرا، لكـن عــادت لتتعـرقـل مسيـرتها بسبـب الحرب الأوكرانيــة، والتضخم الكبير، وعدم القدرة على انتاج العديد من السلع المهمة، كالسيارات بالكميات والسرعة المطلـوبتين، فهنـالك مشكلـة في سلاسـل الامداد تؤثر سلبا على العرض وبخاصة السلع التكنولوجية، ايضا يشكل الصراع التجاري بين الولايات المتحدة والصين نقطة سوداء في عملية النهوض الاقتصادي العالمي.
خلال الكورونا نسي العالم بعض المبادئ الأساسية والبسيطة للتجارة الدولية السليمة حيث لا يمكن ترك الأسواق تعمل لنفسها وبحرية كاملة دون أي اشراف أو رقابة أو حدود. من الممكن لهذه الأسواق أن تنتج فسادا أو تسوق سلعا مغشوشة أو مضرة أو سلع لا حاجة لها. لا شك أن عوامل الطقس من حرائق وفياضانات وزلازل وغيرها أثرت سلبا على العرض الدولي.
ليست هناك طريقة واحدة لتحقيق الازدهار، معظم الدول يحمي مؤسساته وقوانينه لتنفيذ السياسات العامة التي تناسب الدولة، في الوقت نفسه لا يحق لأي دولة أن تفرض مؤسساتها وقوانينها على دول أخرى،فمحاولات التأثير بين الدول تخلق المشكلات وتعرقل التجارة وتؤخر النمو. أما دور المؤسسات، كما القوانين الدولية، فهو وضع المبادئ التي يمكن للمجتمع الاقتصادي العالمي أن يعمل من ضمنها لتحقيق النتائج الايجابية للجميع.
حقوق وواجبات الدول تختلف كليا بين الديمقراطيات والديكتاتوريات، والنتائج واضحة أمام الشعوب، وتختلف أيضا من منطقة الى أخرى تبعا للثقافات والتاريخ والعقليات.
ازدادت التجارة الدولية في 2022 بالتزامن مع نمو الاقتصادات الأساسية في حدود 2.4 في المئة تبعا لصندوق النقد. قدرت منظمة التجارة العالمية نمو التجارة الدولية 4.3في المئة في 2022 أي ما دون 10.1في المئة المسجلة في 2021. أما ارتفاع الاستثمارات الأجنبية المباشرة فكان محدودا بسبب الأوضاع السياسية والاقتصادية في أوروبا.
في وجه هذه المعلومات المهمة، هناك عوائق كبرى تعرقل النهوض القوي، كالحرب الأوكرانية وما نتج عنها من تضخم كبير، وشح في عرض النفط مع الشتاء البارد، هناك مشكلة أخرى سببتها “كورونا”، وهي عمليا عودة التباين بين مسيرتي الدول الفقيرة والغنية بعد ان كان التلاقي متقدما في السنوات الماضية.
ترابط العالم بعضه بعضا بفضل التجارة سهل ورفع مستوى الحياة في الدول الفقيرة والناشئة، وعتبرت هذه المسيرة الفاضلة من أهم الانجازات الاقتصادية العالمية في القرن الماضي.
تغيرت السياسات التجارية عبر الزمن لتفتح الطريق أمام النهوض الاقتصادي للدول النامية والناشئة مما حقق نجاحات كبرى في آسيا، ومعتدلة في أفريقيا والمنطقة العربية، والنتائج السلبية أيضا توسع فجوة الدخل داخل الدول اذ لم يستطع الفقير الاستفادة من كل التغيرات الاقتصادية والمالية والقانونية، ارتفاع الفجوة يعرض السلام العالمي للخطر اذ أن مساهمة الجميع ضرورية.

خبير اقتصادي لبناني

You might also like