عيسى: إنهاء ازدواجية السلاح وإيلاء الدفاع عن لبنان للجيش الأمين العام لـ "الكتلة الوطنية اللبنانية" أكد لـ"السيا سة" أن العلاقات مع الكويت تاريخية وثابتة

0 4,636

بيروت – “السياسة”:

“ليصبح الدفاع عن الوطن بعهدة الجيش اللبناني حصريًا. حان الوقت لإنهاء ازدواجية السلاح”، بهذه العبارة شدد الأمين العام لـ”حزب الكتلة الوطنية اللبنانية” بيار عيسى على تمسك الحزب بسيادة الدولة الواحدة الداخليّة، حيث يؤكّد أنّ “حزب الله” لا يزال حتى الآن ينتهك السيادة الداخلية بتمسّكه بمنظومته الدفاعيّة الخاصة به، وبتحكّمه بقرار السلم والحرب وتدخّله عسكريًّا في بلدان أخرى”. إلاّ أنّ الحزب في المقابل، يدين العقوبات التي فرضتها الولايات المتحدة على نائبَيْ “حزب الله” معتبرًا إيّاها مسّ بسيادة لبنان.
وقال عيسى لـ”السياسة”: إنّ للكتلة مواقف خارج حدود الوطن، إذ إنّها تعتبر أنّ سورية هي المنفذ البرّي الوحيد للبنان إلى عمقه العربي، ومن هنا يتوجب أن تكون أفضل العلاقات معها، مبنيّة على الاحترام التام لسيادة البلدين ولاسيّما لجهة ترسيم حدودهما.
وذكر عيسى أن الكتلة تعتبر اعتداء “أرامكو” تهديد لأمن المملكة العربية السعودية والمنطقة والعالم، إضافةً إلى تداعياته الاقتصاديّة، مبديا تخوفه من أن تنجم عنه ردودا مماثلة تزعزع أمن المنطقة المتصدّعة أصلاً.
الكتلة المعروفة بمواقفها الداعمة للقضية الفلسطينيّة تعتبر العمالة مع إسرائيل لها خصائصها لكنّ هذا التمايز لا يبرّر العمالة مع دول أخرى الأمر الذي يؤدي الى منطق الاستقواء على اللبناني الآخر.
وفيما أشار إلى أن لبنان يعد نموذجا في التنوع الديني والثقافي وحرية التعبير، أشاد بالعلاقات مع الكويت على جميع المستويات، مؤكدا أنها ” تاريخية وثابتة وأن الكويت تقف دائما إلى جانب لبنان وتدعمه، وفيما يلي التفاصيل:

* لبنان أسير التمويل الخارجي وموازنة 2020 مليئة بتجاوزات تجبر أي حكومة على الاستقالة
* إبقاء وضع اللاثقة والاتهامات وعدم حصر الدفاع عن لبنان بيد جيشه سيؤدي إلى انهياره
* فرض الولايات المتحدة عقوبات على نائبين منتخبين إهانة للبنان
* الاتفاق على خطة سياسية عملية للخروج من معضلة ازدواجية السيادة المنهكة
* الزعامات تستمد قوتها من المواطنين وتاريخ لبنان شاهد على أن لا “أحد بإمكانه إلغاء الآخر”

كيف تقيّمون علاقات لبنان بأشقائه العرب وفي طليعتهم الكويت؟
“لبنان عضو مؤسّس في “جامعة الدول ـ العربيّة” وفي “الأمم المتّحدة”، وعليه أن يكون بالتالي مع احترام الالتزامات والتقيّد بمقرّرات “جامعة الدول العربيّة” و”الأمم المتحدة”، ونحن ندعو إلى استعادة الدور النهضوي للبنان في محيطه العربي انطلاقاً من كونه نموذجاً في التنوّع الديني والثقافي وحرّية التعبير.
أمّا بالنسبة إلى الجمهورية العربيّة السوريّة فهي المنفذ البرّي الوحيد للبنان إلى عمقه العربي، ومن هنا يتوجب ترسيخ أفضل العلاقات معها، على أن تكون مبنيّة على الاحترام التام لسيادة البلدين ولاسيّما لجهة ترسيم حدودهما.
أمّا في ما يتعلّق بالعلاقة مع الكويت، فهي، من دون شك، وعلى المستويات كافة، تاريخيّة وثابتة، “فالكويت تقف دائمًا إلى جانب لبنان وتدعمه حتّى يومنا هذا، وفي المقابل لبنان كان دائمًا وسيبقى مع سيادة الكويت وحفظ استقرارها وأمنها وتقدّمها”.
ما تعليقكم على الاعتداء على “أرامكو”؟ وما تداعياتها على المنطقة؟
نقف بشكل جذري ضدّ أيّ اعتداء على أيّ دولة في العالم، فكيف بدولة عربيّة شقيقة داعمة بشكل مستمر للبنان وهي السعوديّة، ومعدل الفساد طال ثلثي الموازنة، الاعتداء على “أرامكو” هدّد أمن المملكة والمنطقة وحتى العالم، ويخشى منه، إضافة إلى تداعياته الاقتصاديّة، لجهة أن ينجم عنه ردود مماثلة تزعزع أمن المنطقة المتصدّع أصلاً.
ما التحديات الراهنة أمام لبنان واللبنانيين سياسيا ودستورياً وديبلوماسيا؟
الاتكال على الخارج، والتاريخ شاهد، لا يخدم إلاّ الخارج، وإذا خدم طرفًا داخليًا فستكون هذه الإفادة مرحلية وسترتد على الجميع وأوّلهم المواطنون، والأكيد أن تحصين لبنان داخليًا وخارجيًا لن يأتي إلاّ من خلال ترسيخ الثقة بين اللبنانيين واقتناعهم بأنهم مواطنون أولاً.
وقد نجحت القيادات اللبنانيّة في الحفاظ على الحدّ الأدنى من التماسك الداخلي لحماية لبنان من العاصفة التي اجتاحت المنطقة منذ بداية الحرب السورية، وانني ادعو حزب الله إلى تقديم مصلحة لبنان والجنوب ومؤيديه وجمهوره على أيّ اعتبار عقائدي أو إقليمي، والامتناع عن توسيع جبهة المواجهة إلّا في حال الدفاع عن النفس وفي إطار التنسيق والتعاون مع أركان الدولة اللبنانيّة.
واستقرار منطقة الخليج عنصر أساسي في استقرار لبنان بسبب حجم الجالية اللبنانيّة هناك وعلاقاته العربية الوثيقة تحت مظلّة “جامعة الدول العربيّة” وقراراتها.
ما رأيكم بملف العمالة المطروح حاليًا على الساحة اللبنانية؟ وما تعليق الكتلة الوطنية على الاعتداءات والخروقات الاسرائيلية المتكررة على لبنان؟
تكمن إخفاقات الفترة التي تلت انتهاء الحرب اللبنانية في عدم طرح السؤال “لماذا العمالة؟” وهو ما أبقى الحال على نفسها من العمالة ولو بأوجه مختلفة. إنّ العمالة مع إسرائيل لها خصائصها من دون شك بالنظر إلى القضيّة الفلسطينيّة الراسخة في الوجدان العربي، لكنّ هذا التمايز لا يبرّر العمالة مع دول أخرى، معروفة من الجميع، التي تؤدي الى منطق استقواء لبناني على لبناني آخر.
إسرائيل تعتدي مرّة أخرى على لبنان والدولة حائرة بنفسها وتكتفي بالإدانة، في حين أنّ قرار الرد الفعلي والمشروع، لكن غير الشرعي، هو بيد “حزب الله” الذي لا يمثّل الدولة، ولا هو يدّعي ذلك؛ لذلك فإن إبقاء الوضع على ما هو عليه من اللاثقة وتبادل الاتّهامات وفقدان الإجماع على ضرورة حصر الدفاع عن لبنان بيدّ جيشه وبإمرة سلطة سياسيّة تمثّل الجميع، سيؤدّي حتماً إلى انهيار لبنان، ونحن نشدد، في الوقت ذاته، على أنّه من غير الجائز أن تتحمّل فئة من اللبنانيّين بمفردها عبء الدفاع عن لبنان.
ما رأي الكتلة في العقوبات على حزب الله، وما تجرّه من مخاطر على لبنان؟ وما أسبابها وكيف يجب التعاطي معها؟
إنّ “فرض الولايات المتحدة عقوبات على نائبين في المجلس النيابي هو إهانة للبنان لأنّ النائب يمثل الأمّة جمعاء واللبنانيّين كافة ونحن نشدد على المبدأ القاضي بعدم تصنيف اللبنانيّين وفق طوائفهم أو أحزابهم وعدم الاعتراف إلاّ بهويّة واحدة هي المواطنة.
وهذه العقوبات هي أيضًا إهانة للمواطنين وحرّيتهم بالتعبير فهم من انتخبوا النوّاب وهي كذلك مسُّ بسيادة لبنان لاستهدافها أحد ممثّليه، خصوصاً وأنّ السيادة لا تتتجزأ بين سيادتين خارجيّة وداخليّة.
كيف تنظر الكتلة إلى مبدأ تحييد لبنان؟ وما رأيها بمواقف الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله وربط لبنان بالمحاور، وقرار الحرب والسلم؟ وما رأيها بالحديث عن استراتيجية الدفاع؟
إننا ننبّه الى أنّ “حزب الله لا يزال حتى الآن ينتهك السيادة الداخلية بتمسّكه بمنظومته الدفاعيّة الخاصة به، وبتحكّمه بقرار السلم والحرب وتدخّله عسكريًّا في بلدان أخرى، الأمر الذي يتنافى مع سيادة الدولة الواحدة الداخليّة، ويمسّ كذلك بسيادته الخارجيّة.
وقد حان الوقت لتنتهي ازدواجية السلاح وليصبح الدفاع عن الوطن بعهدة الجيش اللبناني حصريًا، وليكن من واجب كل المواطنين وحقّهم الدفاع عن لبنان من خلال الدولة وقواها العسكريّة.
وطالما لم تُحسم هذه المسألة، ستبقى السيادة اللبنانية، الخارجية والداخلية، عرضةً للانتهاك، ولبنان سيبقى في دائرة الخطر والإستهداف وندعو “الأحزاب الطوائف”، كونها حالياً تمثّل الأكثريّة في المجلس النيابي، إلى عقد خلوة تحت قبّة مجلس النواب تستمرّ حتى الاتّفاق على خطة سياسيّة عمليّة للخروج من معضلة ازدواجيّة السيادة التي تنهِك كل الوطن، ولا تنتهي إلا بوضع “استراتيجية دفاعية” ترسم الخطوات العملية لإيلاء مهمة الدفاع عن لبنان لجيشه المؤسسة الحاضنة للبنانيين جميعا”.
ماذا عن المساءلة والشفافيّة، والانتخابات والتمثيل، وحكم القانون، والتوازن الطائفي ومحاولات الإقصاء؟
إنّ كل محاولة إقصاء بالقوّة، لو نجحت جزئياً أو مرحلياً سترتد على صاحبها وستفشل في نهاية المطاف، لأنّ الزعامات تستمد قوّتها وثباتها من تأييد المواطنين لها و تاريخ لبنان شاهد على أنّ لا أحد بإمكانه إلغاء الآخر.
إنّ طرح الصيغة اللبنانية من زاوية التوازن الطائفي والخلل الديموغرافي هو السبيل إلى إطالة أزمة تحديد الهوية اللبنانية، وكل ما ينتج منها من أزمات حكم وانعدام الثقة بين مكونات الوطن وتأجيج الخوف بين الناس إلى ما لا نهاية اضافة الى أنّ موازين القوى بين الطوائف قابلة للتقلب ما قد يتسبّب في ضرب النظام وتغييره كل فترة، وذلك يصبّ فقط في خدمة زعماء “الأحزاب-الطوائف” ومصالحهم.
أمّا بالنسبة للانتخابات النيابية، فانّ القانون الانتخابي الذي يعتمد الدائرة الفردية على دورتين يمنح الناخبين الفرصة لاختيار نوابهم بشكل مباشر، ومحاسبتهم بعد أربع سنوات، ويساعد بالتالي على التقليل من التأثير الطائفي، وعلى الناخب أن يعطي الافضلية للمرشحين الذين، من خلال مسيرتهم ومواقفهم السياسية، هم أقرب إلى هذه المبادئ.
ما نظرة الكتلة بالنسبة الى الواقعين المالي والاقتصادي والدين العام؟
تعود أسباب الازمة المستفحلة على هذه الصعد إلى سوء الحوكمة، وعدم الاستفادة من الرساميل البشريّة والماليّة، وقد استأثر القيّمون على النظام السياسي بثروات لبنان، طبعًا مع غياب الإحصاءات اضافة إلى أمور عدّة مثل تضخّم حجم القطاع العام وضعف إنتاجيّته، ورداءة البنية التحتيّة، كما أنّ الاقتصاد اللبناني احتكاري وغير تنافسي، مع عدم تنظيم اليد العاملة الأجنبيّة في لبنان.
ما مقاربة الكتلة لمؤتمر “سيدر” ولمقارنة موازنة العام الجاري مع مشروع موازنة 2020 والافق اللبناني العتيد؟
لبنان أسير التمويل الخارجي، وهو لم يلتزام بمقرّرات مؤتمر “سيدر”، ولاسيّما في ما يتعلّق بالإصلاحات البنيوية لمحاربة الهدر والفساد، اضافة إلى التلاعب بانتظام سير المرافق العسكريّة، فبعد شطب بند تسليحه في موازنة 2019 جاءت فضيحة توقّف تسديد مستحقات متعهّدي المواد الغذائيّة للجيش اللبناني.
وهناك ضرورة لإعادة توزيع النسب الضريبيّة لتكون أكثر عدالة ويمكن تقدير معدّل الفساد في لبنان بـ10% مع التحفّظ، أي ما يساوي 5.6 مليار دولار في السنة، أي أكثر من مجموع رواتب الموظفين، وهو ما يمثّل ثلث الموازنة العامة.
أمّا بالنسبة إلى موازنة 2020 فهي مليئة بتجاوزات كانت أجبرت الحكومة في بلد آخر على الاستقالة، منها استباحة للدولة عبر التوظيف العشوائي إلى الهدر في موازنة السفر والمؤتمرات وليس انتهاءً بزيادة موازنة الملابس، يقابلها خفض موازنة أجهزة الرقابة.
إنّ العامل الأساسي للنهوض باقتصاد لبنان والأمل بتحسين أداء السلطة هو الثقة، ونحن نكتفي بهذا القدر من التعليق على الموازنة على الرغم من وجود عيوب أخرى كثيرة.
على الصعيد الاجتماعي المعيشي، ما توصيف الكتلة الوطنية للوقائع والأرقام؟ وماذا عن حملة مكافحة الفقر المدقع التي تحضّرون لاطلاقها قريبا؟
هناك 235 ألف مواطن، أي ما يوازي 42931 عائلة يعيشون تحت خط الفقر المدقع، الذي يبلغ في لبنان 5.7 دولار يوميا، ففي طرابلس، وعكار، والمنية-الضنية، وجزين وصيدا، و الهرمل وبعلبك هناك أعلى نسب فقر في لبنان.
أمّا بالنسبة إلى مشروع “أفعال”، فحزب الكتلة الوطنية بصدد طرحه لمحاربة أزمة الفقر المدقع. وهو يرتكز على تقديم”مساعدة” نقدية قيمتها ثلث الحدّ الأدنى للأجور لكلّ فرد أو عائلة مؤلفة من زوجين و3 أولاد كحدّ أقصى، على أن تتم زيادة مبلغ قيمته 11% من الحدّ الأدنى للأجور لكلّ ولدٍ إضافي.
هذا الترتيب مرتبط بشرطين، الأوّل تسجيل الأولاد في المدارس الرسمية، والثاني تعليم الوالد مهنة أو حرفة في حال لم يكن لديه تخصّص، اما الميزانية لهذا المشروع فتكون من الموازنة العامة للدولة ولا تعتمد على مساعدات خارجية.
ما موقف الكتلة من واقع الحريات العامة في لبنان؟
إنّ ظاهرة الإرهاب تاريخياً وعالمياً بدأت بالإرهاب الفكري وهذا ما تمكّن لبنان من تجنّبه حتى اليوم مرسّخاً الحرّية نهجاً لشعبه في منطقة محبطه ويسودهما القمع والاستبداد وتشدد الكتلة دائمًا على مبدأ عدم المسّ بمشاعر اللبنانيّين الدينيّة والثقافيّة وحرّية التعبير المحميّتين في القانون، وهي تدين التهجّم على الحرّيات العامة.
وفي الإطار عينه، للحزب دائما مواقف لافتة لجهة دعم السلطة الرابعة، وهي تحرص دائمًا على الوقوف إلى جانب الإعلام ومدافعة عن حرية التعبير صونًا لتاريخ لبنان في هذا المجال الذي يُعتبر منصةً وواحةً لحرية التعبير، من هنا كان موقفنا الداعم لصحيفة “نداء الوطن” صونًا للحريات العامة وإيمانًا بالالتزام بحرية التعبير مهما كلّف الأمر.

You might also like