قالوا عن النبي محمد
محمد بغدادي
فلقد سبح الحصى في كفه الشريف، وتحركت الشجرة من مكانها استجابة لطلبه، ونبع الماء من بين أصابعه، وسلم الحجر عليه، والجبل يثبت من الاضطراب به وبصاحبيه، واشتكت له الناقة،وخاطبته الشاة المسمومة وقالت:” يا رسول الله لا تأكلني فإني مسمومة”.
كان رحيماً بالضعيف والأرملة والمرضى والأسرى، وفي خدمة أهل بيته، وزائراً لليهودي فهي معجزات، وأدلة دامغة على صدق رسالته.
حين نتحدث عن سيد الخلق فنحن نذهب بالعقول بعيداً، ونستعير القلوب لإنها أجدر بالتعريف برسول الله، فهو أحق بمخاطبة القلوب والمشاعر، فهو رحمة للعالمين وهدية الله إلى خلقه كافة.
ليست الكلمات هي التي تقدر على توضيح ماهية رسول الخلق، ولا المشاعر تستطيع أن تفي هذا النبي حقه، نكتفي بالقول إن الله سبحانه وتعالى قد نصر نبيه فقال في كتابه العزيز” إلا تنصروه فقد نصره الله”( صدق الله العظيم).
حين نتحدث عن أخلاقه فأخلاقه القرآن، وعن أنس بن مالك(رضي الله عنه)قال:” إن كانَتِ الأَمةُ من أَهلِ المدينةِ لتأخذُ بيدِ رسولِ اللَّهِ (صلَّى اللهُ علَيهِ وسلَّمَ) فما يَنزعُ يدَهُ من يدِها حتَّى تذْهبَ بِهِ حيثُ شاءَت منَ المدينةِ في حاجَتِها”.
وعن غضبه قال أنس:” وَاللَّهِ لقَدْ خَدَمْتُهُ تِسْعَ سِنِينَ، ما عَلِمْتُهُ قالَ لِشيءٍ صَنَعْتُهُ: لِمَ فَعَلْتَ كَذَا وَكَذَا؟ أَوْ لِشيءٍ تَرَكْتُهُ: هَلَّا فَعَلْتَ كَذَا وَكَذَا”.
وحينما نتحدث عن لقائه الآخرين قال جرير بن عبد الله( رضي الله عنه) قال:” ما حَجَبَنِي رَسولُ اللهِ (صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ) مُنْذُ أَسْلَمْتُ، وَلَا رَآنِي إلَّا تَبَسَّمَ في وَجْهِي”. ولقد تحدث عنه سياسيون ومفكرون كثر، فقال المهاتما غاندي:” لقد أصبحت مقتنعًا كل الاقتناع أن السيف لم يكن الوسيلة التي من خلالها اكتسب الإسلام مكانته، بل كان ذلك من خلال بساطة الرسول مع دقته وصدقه في الوعود، وتفانيه وإخلاصه لأصدقائه وأتْباعه، وشجاعته مع ثقته المطلَقة في ربه وفي رسالته، هذه الصفات هي التي مهدت الطريق، وتخطت المصاعب وليس السيف”. وأشار برنارد شو إلى قوة النبي فقال:”أرى واجبًا أن يُدْعَى محمدٌ مُنقذَ الإنسانية، وإنَّ رجلاً مثله إذا تولى زعامة العالم الحديث؛ فسوف ينجح في حَلِّ مشكلاته”. وأكد العقاد في “عبقرية محمد” على عظمة النبي المعظم “إنّ عمل محمد لكافٍ جد الكفاية لتخويله المكان الأسنى من التعظيم والإعجاب والثناء، إنه نقل قومه من الإيمان بالأصنام إلى الإيمان بالله، ونقل العالم كله من ركود إلى حركة ومن فوضى إلى نظام، ومن مهانةٍ حيوانيةٍ إلى كرامةٍ إنسانية، ولم ينقله هذه النقلة قبله ولا بعده أحد من أصحاب الدعوات”.
وتساءل المفكر الفرنسي لامارتين”هو المؤسس لعشرين إمبراطورية في الأرض، وإمبراطورية روحانية واحدة. هذا هو محمد بالنظر لكل مقاييس العظمة البشرية، أود أن أتساءل: هل هناك من هو أعظم من النبي محمد”؟
وقال الكاتب الإنكليزي توماس كارليل عن صدق الرسول:” قد نرى أشخاصًا آخرين في مناصب عالية، يعيشون حياتهم على الكذب، ويقومون بأشياء مختلفة تمامًا عن وعودهم، محمد كان عكس ذلك تمامًا؛ فهو لم يكذب قط، وكان شخصًا فريدًا ونادرًا”. وقال المؤرخ الإنكليزي السير موير:” إن محمداً نبي المسلمين لُقب بالأمين منذ الصغر بإجماع أهل بلده لشرف أخلاقه، وحسن سلوكه، ومهما يكن هناك من أمر فإنّ محمداً أسمى من أن ينتهي إليه الواصف، ولا يعرفه من جهله، وخبير به من أنعم النظر في تاريخه المجيد، وذلك التاريخ الذي ترك محمداً في طليعة الرسل ومفكري العالم”.
ومن رحمته، صلى الله عليه وسلم، أنه نهى أن يحول أحد بين حيوان أو طير وبين ولده. فعن عبد الله بن مسعود(رضي الله عنه) قال:” كنا مع رسول الله في سفر فانطلق لحاجته، فرأينا حُمرَة (طائر صغير) معها فرخان، فأخذنا فرخيها، فجاءت الحمرة فجعلت تُعَرِّشُ (ترفرف بجناحيها)، فجاء النبي وقال:” من فجع هذه بولدها”؟ ردوا ولدها إليها”.
لقد كان لشخصية الرسول الكريم تأثير كبير في الحياة، ولذلك فإنّ حياته وأعماله وأفكاره نُوقشت على نطاق واسع على مر القرون، كما اهتم المسلمون وغيرهم بسيرة النبي محمد باعتبارها المنهج العملي للإسلام.
باحث دكتوراه
Mh_boghdady@yahoo.com