قبيل رمضان… أين أنت مع الله؟

0 296

محمد بغدادي

كيف حالك مع الله،وإلى أين أنت ذاهب، وما طريقك؟ وما وسيلتك، وكيف تبدو علاقتك بربك بعد خمس سنوات من اليوم، وما علامة إيمانك، وهل تبدو علاقتك جيدة فما دليلها؟ هل تبدو علاقتك سيئة فهل قمت بإعادة حساباتك مع الله؟ هذه تساؤلات تطرح نفسها، استفسارات وأفكار ومعطيات تحل بنا مع قرب حلول شهر رمضان المعظم المبارك.
عملية تقييم علاقتك مع الله تحتاج منا وقفة وكشف حساب مع حلول الأيام المباركة، وإعادة هيكلة علاقتك مع خالقك، فلتسأل نفسك: كيف حالك مع الصيام،والصلاة، وكيف حالك مع عبادة الذكر، كيف حالك مع الصبر، كيف حالك مع الصدقات، والزكاة؟
لدى كل منا هموم وآمال وطموحات، وهناك قلوب يشوبها الظلام وتتعانقها الآهات، فهل فكرت أن تُصلح ما بينك وبين الله؟
في طريقنا صعوبات وحواجز وبراكين، فهل تحدثت مسبقاً مع الله أو حاولت لذلك؟
في أيامنا أمراض وأوبئة تعترض طريقنا وتفكيرنا وأهدافنا، فهل تذكرت أن الذي بيده ملكوت كل شيء هو الله. في مشاعرنا أقاويل وأحاديث كثيرة شيء منها يتطلع إليه الناس وآخر مكبوت بين جنباتنا ينتشر بين لحم وعظم فهل تضرعت من قبل إلى الله، في أحاديثنا الكذب والخيانة وسوء التقدير فهل كنت صادقاً ولو لحظة مع الله؟
نخاف على أبنائنا أكثر من مخافتنا على أنفسنا، فهل حاولنا أن نقربهم إلى الله ولو بكلمة، ولو بحفظ بعض الآيات القرآنية؟
فالشك قد أخذ طريقه إلينا وأصبحنا في غياهب الجُب لا ندري أشر أريد بنا أم أنه خير أريد لمن في الأرض فهل سارعت إلى الله وأدمعت ولو دمعة واحدة؟
قست قلوبنا فهي كالحجارة أو أشد قسوة، فهل هناك في القلب مكان نرى فيه الله.
الموت يحصد أقرباءنا وزملاءنا وأقرب أقربينا فهل أعددت العدة للقاء الله؟
غرقنا في الذنوب وأحرقتنا المعاصي وقتلتنا الشكوك وأماتنا البعد فهل قرأنا ولو مرة واحدة عن حبه سبحانه وتعالى لعودة عبيده إليه؟
تنطلق الآهات من بين جنباتنا كالسيف القاتل، وتجلجل الآلام قلوبنا فأصبحت القلوب خاوية على عروشها فهل حاولت القلوب أن تتجه إلى الله؟
أصبح المرض يحل بنا يميناً ويساراً، يطوف بنا بالخوف والرهبة، ويخطف زهورنا كما نخطف الوردة من بين أغصانها فهل علمنا أن رب المرض ورب الشفاء هو الله؟
تجب إعادة هيكلة قلوبنا، ومشاعرنا، وأحاسيسنا، وعقولنا، وأجسادنا، بما يقربنا إلى الله ويجعلنا سعداء ومتصالحين مع أنفسنا أولاً ثم متصالحين مع الله، فالأيام تمضي وكأنها على موعد والساعات تنقضي وكأنها دقائق والدقائق تنتهي وكأنها هباء منثور.
أنت أقرب للموت من الحياة، فما وجدنا في قلوبنا إلا ماديات تنتهي فور نهايتنا، لذا تجب العودة إلى الله ، فما لنا من الله من محيص، فتحدث بها العلي الجليل وقال: وسارعوا إلى مغفرة من ربكم ولم يقل تمهل أو اصبر لفراغ الوقت وانتهائه.
فها هو شهر رمضان المعظم على وشك البداية، وها هي الفرصة سانحة لكي تتخلص من آهاتك وآلامك وضغائنك وشرورك وتعيد فتح صفحة جديدة مع خالقك ورازقك فلقد حددها وأثبتها في قرآنه العظيم وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون (صدق الله العظيم).
أرى أن الظروف الحالية تجعلنا أكثر يقينا بالله أكثر قرباً اليه، وتعلقاً بالله، وأكثر جمالاً مع الله.
الأمر جلل والقضية تحتاج إعادة هيكلة لعلاقتنا مع الله، فلقد ذهبنا بعيداً، ولم نحصد إلا صفراً حتى إذا وجده لم يجده شيئاً.
تذكر واعتبر وقرب وإلا فالعواقب لا تأتي بخير، فالفرصة لا زالت أمامك وليتك تنظر إليها بالبصيرة وبعين قلبك لا بعين رأسك.
أمامنا الكثير والكثير حتى نعيد علاقاتنا مع الله إلى نصابها الصحيح وإلى طريقها المرسوم لها وإلى وضعها السليم، لكي يتحقق ذلك لا بد من تنظيف قلوبنا، ولابد من تنظيف أنفسنا لتصبح العواطف مع الله، وتصير المشاعر بأجمعها مع الله، وتصبح أنت بطبيعتك الربانية بلا حسد وضغينة، وبلا آلام وآهات، وبلا دموع، وبلا كذب وخيانة وبلا قسوة وبلا كرب وبلا هموم.

باحث دكتوراة، جامعة القاهرة

Mh_boghdady@yahoo.com

You might also like